نجا رئيس أركان الجيش الصومالي، الجنرال يوسف أدوا راغي، اليوم الاثنين، من هجوم بسيارة مفخخة استهدف موكبه، وذلك بعدما تمكن حرس الجنرال من إحباط الهجوم من خلال إطلاق النار على السيارة المفخخة قبل أن تنفجر، ما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة آخرين بجروح.
وتأتي الحادثة لتنضم إلى موجة من التفجيرات التي شهدتها العاصمة الصومالية مقديشو مع حلول شهر يوليو/ تموز الجاري، واستهدفت مقرات حكومية وأخرى عسكرية في العاصمة، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، من بينهم جنود حكوميون، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة .
وقال المتحدث باسم الجيش الصومالي، عبد الغني علي، للصحافيين في موقع الهجوم، بالقرب من المستشفى العسكري الحكومي في مقديشو، إن "حرس رئيس أركان الجيش الصومالي، تمكنوا من إحباط هذا الهجوم الإرهابي، وقتلوا سائق السيارة المفخخة قبل أن يفجر نفسه وسط موكب عسكري للجيش الصومالي".
وأضاف عبد الغني أن "الهجوم لم يوقع أضراراً ولا خسائر بشرية في صفوف أفراد الجيش"، مشيراً إلى أنه أدى إلى إصابة العشرات من المدنيين ومقتل مدنيين.
وهذا الهجوم هو الثالث الذي يستهدف قائد الجيش الصومالي منذ توليه هذا المنصب عام 2019، حيث تعرض لأعنف هجوم بعد استيلاء القوات الصومالية على مدينة جنالي (جنوب البلاد) أواخر العام الماضي.
الهجوم الثالث الذي يستهدف قائد الجيش الصومالي منذ توليه هذا المنصب عام 2019
ويقول الصحافي عبدالرحمن أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "الهجمات الانتحارية تزداد يوماً بعد آخر، والأوضاع الأمنية تشهد تدهوراً أكثر مع قرب موسم الانتخابات في الصومال مطلع العام المقبل، وهذا ليس أمراً جديداً بالنسبة إلى الصوماليين"، مشيراً إلى أن "في فترة انتقال الحكم من جماعة سياسية إلى أخرى، يغيب التنسيق بين الأجهزة، ويؤدي هذا إلى شلل في عمل الهيئات الأمنية، لتنعكس آثارها سلباً على الوضع الأمني في مقديشو".
ويضيف أحمد أن "عدم التنسيق بين الأجهزة والهيئات الأمنية يؤدي إلى فشل أمني، فضلاً عن انشغال قيادات الجيش والشرطة بعملية الانتخابات الرئاسية والنيابية، وهذا ما سيفجر تدهوراً للأمن في البلاد".
ويبدي عبد الرحمن أحمد تخوفه من تدهور حاد للوضع الأمني في البلاد في المرحلة القادمة، إذا لم تبادر السلطات الصومالية لبذل مزيد من الجهود للحد من انهيار النظام الأمني في الصومال.
ويرى البعض من الخبراء أن تردي الوضع الأمني في مقديشو، له علاقة مباشرة بالتقلبات والخلافات السياسية بين الفرقاء السياسيين، وأن الظرف الأمني المتردي في مقديشو سيستمر، إذ لم تبذل السلطات الرسمية جهوداً حثيثة في سبيل الحد من التوترات والفوضى السياسية التي تهيمن على مستقبل الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
ويقول أنور أحمد، الباحث في الشأن الصومالي، لـ"العربي الجديد"، إن "هجوم اليوم وقع خارج المنطقة المحكّمة بالطوق الأمني في قلب العاصمة"، إلا أنه يشير إلى "عودة الهجمات الانتحارية إلى العاصمة، التي تراجعت بشكل كبير جداً خلال النصف الأول من العام الجاري، وهذا ما يشير إلى أن التفجيرات ما زالت موجودة ويستطيع الجناة ضرب أهداف حيوية، مثل ما حدث قبل أسبوع، إثر استهداف مركز للجمارك بالقرب من ميناء مقديشو، واستهداف قيادة القوات المسلحة العسكرية أو مؤسساتها كما حدث اليوم".
ويشير أنور أحمد إلى أن "أي خطة لفرض الأمن على مقديشو لا تزال تواجه تحديات وإخفاقات متكررة، فالسلطات الأمنية نجحت في النصف الثاني من عام 2019 في فرض منطقة عزل أمنية بقلب العاصمة (منطقة خضراء)، لا تستطيع أي سيارات غير عربات (التوك التوك)، التي حلت محل مركبات النقل العام، الدخول إليها، وهذه الخطة، وإن كانت ناجحة في إيقاف الهجمات الانتحارية وهجمات المسلحين، إلا أنها لم تعد خطة ناجعة، بل كانت حلاً مرحلياً يحتاج إلى الكثير من الآليات والوسائل لإنجاحه".
ويؤكد أنور أحمد أن "الحكومة الفيدرالية لم تبذل جهداً كبيراً للحد من تردي الوضع السياسي القائم، واحتواء الخلافات السياسية العميقة حول تنظيم انتخابات رئاسية"، مضيفاً أن "البلاد تشهد كل يوم استقطابات سياسية، وهذا بلا شك سيؤثر سلباً بالوضع الأمني".
أما عن تداعيات الهجمات المتكررة في مقديشو، فيقول أحمد إن "المسألة الأمنية معقدة بحد ذاتها، ومن الصعوبة تجاوزها في الوضع الراهن على نحو يسير"، مشيراً إلى أن "هناك احتمالاً كبيراً في استمرار تلك الهجمات، سواء أزدادت وتيرتها أو تراجعت، وكلما تحسن الوضع السياسي سيتحسن الأمن، أما إذا فشلت القوى السياسية في التوفيق فيما بينها، واحتواء التوترات، فإن ذلك سيشل الأجهزة الأمنية وستتدهور الأوضاع أمنياً في مقديشو قبل حلول موعد الانتخابات".
وشهدت مقديشو تفجيرات انتحارية مزدوجة منذ أواخر يونيو/ حزيران الماضي، واستهدفت القاعدة العسكرية التركية في مقديشو، واستهدفت أيضاً سيارة مفخخة يقودها انتحاري مركز الشرطة الصومالية للجمارك الذي يقع بالقرب من ميناء مقديشو الدولي، بينما استهدف تفجير نجم عن لغم أرضي سيارة تابعة للشرطة الصومالية، وهو ما أودى بحياة شرطيين وأصاب مدنيين بجروح.
وأعلنت "حركة الشباب" المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن تلك الهجمات الأخيرة التي تهدد استقرار العاصمة مقديشو أمنياً وسياسياً.