التحرش الجنسي والاغتصاب وتشويه الأعضاء التناسلية، للنساء غالباً، كلّها جزء من "الأسلحة" التي تستخدمها الجيوش أو الجماعات في حروبها وتترك أثراً مروعاً ليس فقط على أجساد الضحايا بل على أرواحهم ووضعهم النفسي ولأكثر من جيل
لم يسلم مكان في العالم من التحرش الجنسي والاغتصاب وتشويه الأعضاء التناسلية، مما يرتكب بشكل منهجي في مناطق الحروب والصراعات، بما فيها العديد من المناطق في الشرق الأوسط والعالم العربي. جسد المرأة في الغالب (وإن كان بعض الضحايا من الرجال والأطفال) يصبح ساحة "معركة" للانتقام والتنكيل من جهة المشتركين في الحروب والصراعات.
تمثل سورية والعراق والسودان واليمن وليبيا في السنوات الأخيرة أمثلة صارخة على ذلك من دون أن تكون استثناء. كذلك، شهدت وتشهد بلدان أخرى كفلسطين، قبل النكبة وبعدها، اعتداءات جنسية واغتصابات وتنكيلا استخدمت كأدوات لترهيب وتهجير الفلسطينيين من قبل العصابات الصهيونية وجيش الاحتلال. وعلى الرغم من تعرض ملايين النساء والرجال والأطفال حول العالم لتلك الممارسات الوحشية، قبل وبعد تأسيس الأمم المتحدة، وتحديداً مجلس الأمن الدولي عام 1945، المسؤول عن الأمن والسلم الدوليين، إلا أنّ مجلس الأمن لم يتبنَّ قراراً حول الموضوع كتهديد للأمن والسلم الدوليين إلا في عام 2008 وكانت تلك المرة الأولى.
في شهاداتها أمام مجلس الأمن الدولي، تحدثت راضية سلطانة، الناشطة والباحثة بمؤسسة كالادان لشؤون الروهينغا، حول الاغتصاب والتشويه في الأعضاء التناسلية الذي تعرضت له نساء من الروهينغا في ميانمار. وقالت: "تؤكد الأبحاث والمقابلات التي أجريتها أنّ القوات الحكومية اغتصبت 300 امرأة وفتاة في نحو 17 قرية في ولاية راخين وهاجمت أكثر من 350 قرية منذ أغسطس/ آب الماضي. وقد تعرضت فتيات في عمر ست سنوات للاغتصاب الجماعي. وهذه الأرقام تشكل نسبة ضئيلة من العدد الحقيقي على أرض الواقع. اغتصبت بعض النساء وهن يحاولن الهرب وعبور الحدود إلى بنغلادش. وبعض النساء تعرضن للتشويه والحرق وهن ما زلن على قيد الحياة". أضافت سلطانة أنّ طريقة الممارسات ونوعيتها واتساعها تشير إلى أنّها ممارسات تم التخطيط لها ونفذت بشكل منهجي كسلاح ضد الروهينغا في ميانمار. وطالبت سلطانة مجلس الأمن بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
عقدت الأمم المتحدة اجتماعات وورشات مختلفة حول الموضوع أهمها كان اجتماع مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي والذي ناقش تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي جاء في أكثر من خمسين صفحة، حول استخدام العنف الجنسي في 19 دولة منها العراق والسودان وسورية واليمن وليبيا، خلال العام 2017. يشير التقرير إلى أهمية اتخاذ مجلس الأمن القرار 1280 عام 2008 لأنّ القرار شكل اعترافاً دولياً أنّ تلك الممارسات "ليست عشوائية أو معزولة، إنما هي جزء لا يتجزأ من العمليات التي تقوم بها طائفة من الجهات الفاعلة الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة للدول، ومن أيديولوجيتها واستراتيجيتها. الحروب ما زالت تخاض على أجساد النساء وعبرها، من أجل السيطرة على طاقاتهن الإنتاجية والإنجابية بالقوة". وحول السياقات التي يرتكب فيها العنف الجنسي: "يرتكب العنف الجنسي في مختلف المناطق علناً أو في حضور الأحباء، بهدف ترويع المجتمعات المحلية، وتفكيك الأسر، من خلال الإقدام على انتهاك المحرمات للدلالة على أنّه ما من شيء مقدس وما من أحد في مأمن".
اقــرأ أيضاً
وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا ومن خلال قرارات متعاقبة، إلى الوقف الكامل للعنف الجنسي في مناطق النزاع. كذلك، أصبحت قضية العنف الجنسي تدرج كقضية أمن وسلم، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة ألاّ تتحول هذه الجرائم إلى أمر عادي. ويذكر التقرير أنّ عدداً كبيراً من ضحايا العنف الجنسي، من النساء والرجال والأطفال، يعيشون بعد انتهاء النزاعات من دون الحصول على علاج أو مساعدة نفسية أو غيرها. ويشير تقرير الأمين العام كذلك إلى ما سماه بآليات التكييف السلبي والضار والذي يأتي كرد فعل على مخاطر التعرض للاغتصاب في مناطق عدم الاستقرار. ومن بين تلك الأمثلة التي يوردها التقرير الزواج المبكر في تلك المجتمعات الذي يؤدي إلى المزيد من القمع تحت مسمى الحماية. وتحدث التقرير عن المحنة التي يعيشها الأطفال الذين يولدون نتيجة الاغتصاب في زمن الصراعات والحروب. ويؤكد التقرير أنّ هؤلاء الأطفال "يتركون في الكثير من الأحيان عرضة للتجنيد والتشدد والاتجار والاستغلال بكلّ أنواعه".
ويقدم التقرير العديد من التوصيات من بينها إنشاء صندوق تعويضات لضحايا العنف الجنسي خلال الصراعات والحروب بغية مساعدتهم على التأقلم في مجتمعاتهم وإعادة بناء حياتهم. ويشير إلى ضرورة العمل على دمج الضحايا وعائلاتهم اقتصادياً واجتماعياً والتصدي لوصمهم بالعار. يشير التقرير أيضاً إلى أهمية توفير الإرادة السياسية والموارد الاقتصادية، فهناك نقص حاد في تمويل الصناديق التي تعمل على الاستجابة للعنف الجنسي ودعم المجهودات في مجال المساعدات الإنسانية.
في ما يخص الدول العربية الخمس، يشير التقرير إلى بعض البرامج التي أدرجتها الأمم المتحدة لمكافحة العنف الجنسي في حالات النزاع والتصدي له. وعن بعض تلك البرامج، يذكر على سبيل المثال مشروعاً يدعم الأطفال المولودين نتيجة الاغتصاب في العراق كما يدعم نظام إدارة المعلومات المتعلقة بالعنف الجنسي، وهو بمثابة مبادرة مشتركة بين الوكالات تساعد وتمكّن الجهات الإنسانية الفاعلة على الأرض من جمع البيانات وتخزينها وتحليلها وتبادلها بأمان. وفي هذا الصدد كذلك جرى إنشاء خمسة مشاريع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تدعم بشكل أساسي الضحايا من السوريين والعراقيين، بمن فيهم اللاجئون في لبنان والأردن. ويشير التقرير كذلك إلى أنّ المشروع الذي نظم في الأردن، ساهم في "اعتماد خطة عمل وطنية بشأن المرأة والسلام والأمن، توفر إطاراً وقائياً للاجئين من ضحايا العنف الجنسي. وفي عام 2017، أوفدت الشبكة بعثات مشتركة للدعم التقني إلى الأردن، وبنغلادش، والبوسنة والهرسك، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والعراق، ولبنان للمساعدة في تحسين إجراءات التصدي للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات".
يلفت التقرير الانتباه إلى الشق الاقتصادي المرتبط بالعنف الجنسي. ويشير في هذا السياق إلى أنّ العنف الجنسي المتصل بالنزاعات يؤدي إلى "التجريد من الأراضي والموارد والهوية. وقد سلم مجلس الأمن في القرار 2331 لعام 2016 يأنّ التهديد باستخدام العنف الجنسي واستخدامه يشكلان جزءاً لا يتجزأ فعلاً من اقتصاد الظل الذي ينشأ نتيجة للنزاع والإرهاب، مما يجبر السكان في كثير من الأحيان على الفرار من الأراضي المتنازع عليها، فيسمح بذلك للمعتدين بالتحكم في الأصول التي تركوها وراءهم. ولهذا الأمر آثار وخيمة على السلامة البدنية والأمن الاقتصادي للريفيات، بل إنّ النسبة المئوية للنساء اللواتي لديهن سندات ملكية قانونية للأراضي تنخفض إلى النصف في أعقاب الحروب. وفي البيئات المتضررة من النزاعات، كثيراً ما يرتكب العنف الجنسي أثناء عمليات الإجلاء القسري والغارات، إذ تتفشى عمليات الاختطاف بغرض الحصول على الفدية أو الاتجار".
لم يسلم مكان في العالم من التحرش الجنسي والاغتصاب وتشويه الأعضاء التناسلية، مما يرتكب بشكل منهجي في مناطق الحروب والصراعات، بما فيها العديد من المناطق في الشرق الأوسط والعالم العربي. جسد المرأة في الغالب (وإن كان بعض الضحايا من الرجال والأطفال) يصبح ساحة "معركة" للانتقام والتنكيل من جهة المشتركين في الحروب والصراعات.
تمثل سورية والعراق والسودان واليمن وليبيا في السنوات الأخيرة أمثلة صارخة على ذلك من دون أن تكون استثناء. كذلك، شهدت وتشهد بلدان أخرى كفلسطين، قبل النكبة وبعدها، اعتداءات جنسية واغتصابات وتنكيلا استخدمت كأدوات لترهيب وتهجير الفلسطينيين من قبل العصابات الصهيونية وجيش الاحتلال. وعلى الرغم من تعرض ملايين النساء والرجال والأطفال حول العالم لتلك الممارسات الوحشية، قبل وبعد تأسيس الأمم المتحدة، وتحديداً مجلس الأمن الدولي عام 1945، المسؤول عن الأمن والسلم الدوليين، إلا أنّ مجلس الأمن لم يتبنَّ قراراً حول الموضوع كتهديد للأمن والسلم الدوليين إلا في عام 2008 وكانت تلك المرة الأولى.
في شهاداتها أمام مجلس الأمن الدولي، تحدثت راضية سلطانة، الناشطة والباحثة بمؤسسة كالادان لشؤون الروهينغا، حول الاغتصاب والتشويه في الأعضاء التناسلية الذي تعرضت له نساء من الروهينغا في ميانمار. وقالت: "تؤكد الأبحاث والمقابلات التي أجريتها أنّ القوات الحكومية اغتصبت 300 امرأة وفتاة في نحو 17 قرية في ولاية راخين وهاجمت أكثر من 350 قرية منذ أغسطس/ آب الماضي. وقد تعرضت فتيات في عمر ست سنوات للاغتصاب الجماعي. وهذه الأرقام تشكل نسبة ضئيلة من العدد الحقيقي على أرض الواقع. اغتصبت بعض النساء وهن يحاولن الهرب وعبور الحدود إلى بنغلادش. وبعض النساء تعرضن للتشويه والحرق وهن ما زلن على قيد الحياة". أضافت سلطانة أنّ طريقة الممارسات ونوعيتها واتساعها تشير إلى أنّها ممارسات تم التخطيط لها ونفذت بشكل منهجي كسلاح ضد الروهينغا في ميانمار. وطالبت سلطانة مجلس الأمن بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
عقدت الأمم المتحدة اجتماعات وورشات مختلفة حول الموضوع أهمها كان اجتماع مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي والذي ناقش تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي جاء في أكثر من خمسين صفحة، حول استخدام العنف الجنسي في 19 دولة منها العراق والسودان وسورية واليمن وليبيا، خلال العام 2017. يشير التقرير إلى أهمية اتخاذ مجلس الأمن القرار 1280 عام 2008 لأنّ القرار شكل اعترافاً دولياً أنّ تلك الممارسات "ليست عشوائية أو معزولة، إنما هي جزء لا يتجزأ من العمليات التي تقوم بها طائفة من الجهات الفاعلة الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة للدول، ومن أيديولوجيتها واستراتيجيتها. الحروب ما زالت تخاض على أجساد النساء وعبرها، من أجل السيطرة على طاقاتهن الإنتاجية والإنجابية بالقوة". وحول السياقات التي يرتكب فيها العنف الجنسي: "يرتكب العنف الجنسي في مختلف المناطق علناً أو في حضور الأحباء، بهدف ترويع المجتمعات المحلية، وتفكيك الأسر، من خلال الإقدام على انتهاك المحرمات للدلالة على أنّه ما من شيء مقدس وما من أحد في مأمن".
وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا ومن خلال قرارات متعاقبة، إلى الوقف الكامل للعنف الجنسي في مناطق النزاع. كذلك، أصبحت قضية العنف الجنسي تدرج كقضية أمن وسلم، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة ألاّ تتحول هذه الجرائم إلى أمر عادي. ويذكر التقرير أنّ عدداً كبيراً من ضحايا العنف الجنسي، من النساء والرجال والأطفال، يعيشون بعد انتهاء النزاعات من دون الحصول على علاج أو مساعدة نفسية أو غيرها. ويشير تقرير الأمين العام كذلك إلى ما سماه بآليات التكييف السلبي والضار والذي يأتي كرد فعل على مخاطر التعرض للاغتصاب في مناطق عدم الاستقرار. ومن بين تلك الأمثلة التي يوردها التقرير الزواج المبكر في تلك المجتمعات الذي يؤدي إلى المزيد من القمع تحت مسمى الحماية. وتحدث التقرير عن المحنة التي يعيشها الأطفال الذين يولدون نتيجة الاغتصاب في زمن الصراعات والحروب. ويؤكد التقرير أنّ هؤلاء الأطفال "يتركون في الكثير من الأحيان عرضة للتجنيد والتشدد والاتجار والاستغلال بكلّ أنواعه".
ويقدم التقرير العديد من التوصيات من بينها إنشاء صندوق تعويضات لضحايا العنف الجنسي خلال الصراعات والحروب بغية مساعدتهم على التأقلم في مجتمعاتهم وإعادة بناء حياتهم. ويشير إلى ضرورة العمل على دمج الضحايا وعائلاتهم اقتصادياً واجتماعياً والتصدي لوصمهم بالعار. يشير التقرير أيضاً إلى أهمية توفير الإرادة السياسية والموارد الاقتصادية، فهناك نقص حاد في تمويل الصناديق التي تعمل على الاستجابة للعنف الجنسي ودعم المجهودات في مجال المساعدات الإنسانية.
في ما يخص الدول العربية الخمس، يشير التقرير إلى بعض البرامج التي أدرجتها الأمم المتحدة لمكافحة العنف الجنسي في حالات النزاع والتصدي له. وعن بعض تلك البرامج، يذكر على سبيل المثال مشروعاً يدعم الأطفال المولودين نتيجة الاغتصاب في العراق كما يدعم نظام إدارة المعلومات المتعلقة بالعنف الجنسي، وهو بمثابة مبادرة مشتركة بين الوكالات تساعد وتمكّن الجهات الإنسانية الفاعلة على الأرض من جمع البيانات وتخزينها وتحليلها وتبادلها بأمان. وفي هذا الصدد كذلك جرى إنشاء خمسة مشاريع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تدعم بشكل أساسي الضحايا من السوريين والعراقيين، بمن فيهم اللاجئون في لبنان والأردن. ويشير التقرير كذلك إلى أنّ المشروع الذي نظم في الأردن، ساهم في "اعتماد خطة عمل وطنية بشأن المرأة والسلام والأمن، توفر إطاراً وقائياً للاجئين من ضحايا العنف الجنسي. وفي عام 2017، أوفدت الشبكة بعثات مشتركة للدعم التقني إلى الأردن، وبنغلادش، والبوسنة والهرسك، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والعراق، ولبنان للمساعدة في تحسين إجراءات التصدي للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات".
يلفت التقرير الانتباه إلى الشق الاقتصادي المرتبط بالعنف الجنسي. ويشير في هذا السياق إلى أنّ العنف الجنسي المتصل بالنزاعات يؤدي إلى "التجريد من الأراضي والموارد والهوية. وقد سلم مجلس الأمن في القرار 2331 لعام 2016 يأنّ التهديد باستخدام العنف الجنسي واستخدامه يشكلان جزءاً لا يتجزأ فعلاً من اقتصاد الظل الذي ينشأ نتيجة للنزاع والإرهاب، مما يجبر السكان في كثير من الأحيان على الفرار من الأراضي المتنازع عليها، فيسمح بذلك للمعتدين بالتحكم في الأصول التي تركوها وراءهم. ولهذا الأمر آثار وخيمة على السلامة البدنية والأمن الاقتصادي للريفيات، بل إنّ النسبة المئوية للنساء اللواتي لديهن سندات ملكية قانونية للأراضي تنخفض إلى النصف في أعقاب الحروب. وفي البيئات المتضررة من النزاعات، كثيراً ما يرتكب العنف الجنسي أثناء عمليات الإجلاء القسري والغارات، إذ تتفشى عمليات الاختطاف بغرض الحصول على الفدية أو الاتجار".