يعيش الاقتصاد اللبناني على وقع الأزمات السياسية بين أركان الحكم، والتخبط الذي يسيطر على الحكومة فيما يتعلق بإقرار موازنة 2020، وإدخال الإجراءات التي تطلبها الدول المانحة لإطلاق سراح القروض الموعودة، إضافة إلى تبعات العقوبات الأميركية التي تطاول حزب الله مصرفياً.
وتأتي هذه الصراعات في ظل ارتفاع عجز ميزان المدفوعات إلى 5.4 مليارات دولار حتى سبتمبر/ أيلول، وتوقعات ارتفاع عجز الموازنة ليتعدى الستة مليارات دولار، وانفلات عجز الميزان التجاري إلى ما يزيد عن 15 مليار دولار، وسط تناقص الاستثمارات المحلية وكذا الخارجية...
واقع يؤكد وجود أزمة دولار، في مقابل ضعف القدرة على تغطية هذا العجز من قبل مصرف لبنان، مع تناقص الدولارات القابلة للسحب من الاحتياطي الأجنبي، المقدّر بـ 38.6 مليار دولار.
هكذا، يعيش اللبنانيون بين نارين، نار سوء الإدارة المالية وعدم جدية الحكومة في وقف مزاريب الهدر والفساد والسيطرة على النفقات غير المجدية من جهة، ونار تراجع قدرة مصرف لبنان على المناورة ودعم سعر صرف العملة المحلية، لتصل إلى حوالي 1590 ليرة للبيع خلال الأيام الماضية في السوق، و1620 ليرة للشراء، في مقابل سعر رسمي محدد الهامش ما بين 1507 و1517 ليرة.
وتستمر الأزمة. مستوردو السلع الأساسية يرفضون السير بتعميم مصرف لبنان الذي أطلقه لتأمين الدولارات اللازمة لاستيراد القمح والأدوية والمحروقات، بسبب شروط الاستفادة التي توافق مصالح هذه القطاعات. تحركات بدأت تتزايد، من إضراب قطاع المحروقات، إلى توقف الأفران عن إنتاج الخبز بدءاً من مساء الأحد، وصولاً إلى تهديدات مشابهة تتسرب من القيمين على قطاع الأدوية...
وبرغم كل ذلك، لم تصل الأزمة حد الانهيار، في حين أن التحركات السياسية والنقدية لا تطمئن كذلك إلى إمكانية الوصول لمرحلة الاستقرار...