اقتصاد مسافة السكة

05 نوفمبر 2015
اقتصادات مسافة السكة لا تُطعم جائعاً ولا تشغّل عاطلاً(أرشيف/Getty)
+ الخط -
تتشابه اقتصاديات 3 دول عربية هي مصر وسورية واليمن إلى حد كبير، لا أتحدث هنا عن طبيعة مكونات هذه الاقتصاديات، لأنها شبه متقاربة من حيث القطاعات التي تعتمد عليها، مثل الزراعة والصناعة والصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، وعدم اعتمادها على منتج أو سلعة واحدة مثل الغاز والنفط كما هو الحال مع دول الخليج، لكن أتحدث عن الخصائص الحالية لهذه الاقتصاديات في ظل حالة التوتر السياسي بالبلدان الثلاثة والظروف والأزمات الصعبة التي تمر بها حالياً وكيفية معالجتها من قبل الحكومات.

ونظرة للأمور التي تجمع الاقتصادات الثلاثة نرى أن من أبرزها الاعتماد شبه الكامل على المساعدات والمنح الخارجية في توفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين وحل الأزمات المعيشية، ومرور هذه الاقتصادات بمشكلات هيكلية، منها تفاقم الدين الخارجي والمحلي وعجز الموازنات العامة واللجوء للاقتراض الخارجي لسداد ديون حلّ موعد سدادها.

كما تشهد أسواق هذه الدول ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار السلع والخدمات، إضافة لتعرّضها لأزمات أخرى، منها سوق الصرف المذبذب الذي يصاحبه تراجع ملحوظ في قيمة العملات الوطنية أمام العملات الرئيسية، ومنها الدولار، وتهاوي الاحتياطي الأجنبي لدى البنوك المركزية.

ومن بين خصائص اقتصادات الدول الثلاث كذلك التعامل الأمني والإداري مع الأزمات الاقتصادية التي لا تصلح معها هذه الحلول، فمشكلة مثل ارتفاع الدولار وانتعاش السوق السوداء وندرة موارد النقد الأجنبي في حاجة لحلول فنية لا قمعية.

ونظرة للاقتصاد المصري منذ يوم 3 يوليو/ تموز 2013، نجد أنه يعتمد اعتماداً شبه كامل على السعودية والإمارات والكويت، حيث حصلت الحكومة على مساعدات ومنح وودائع تتجاوز 50 مليار دولار ما بين نقدية وبترولية، وكذا الحال بالنسبة لليمن التي تعتمد على المعونات المقدمة من الخليج وتحديداً من السعودية لتغذية الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي وشراء احتياجات رئيسية مثل المشتقات النفطية والغذاء.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية تعتمد سورية اعتماداً كاملاً على مساعدات ومنح وقروض مقدمة من روسيا وإيران والصين، آخرها ما أعلنه وزير الزراعة الروسي ألكسندر تكاتشوف، أول من أمس، حينما قال إن بلاده أرسلت نحو 100 ألف طن من القمح مساعدات إلى سورية، وقبلها تم إرسال بنزين وسولار وغاز وأغذية وغيرها من الاحتياجات الضرورية، ولا أتحدث هنا عن المساعدات التي تقدمها كل من موسكو وطهران لإجهاض الثورة السورية.

ولكن لماذا وصلت الاقتصادات الثلاثة لهذه الحالة المتردية من الاعتماد على الخارج؟

الإجابة تكمن في حالة عدم الاستقرار التي تمر بها هذه البلاد، وإصرار الحكام على حكم الشعوب بالحديد والنار والرصاص. وإعطاء حكومات البلدان الثلاثة أولوية قصوى للأمن على حساب الاقتصاد.

إنها اقتصادات مسافة السكة التي لا تُطعم جائعاً ولا توفّر فرصة عمل لشاب عاطل.

اقرأ أيضا: السيسي يروج في لندن لمشروعات قديمة ومتعثرة

المساهمون