الأتباع المتوقعون لأسباب ودوافع داخلية ذاتية:
1. العاجزون عن التأقلم بشكل دائم
وهم الذين لا يستطيعون التأقلم مع الواقع الذي يعيشون فيه بسبب عيوب شخصية جسدية أو عقلية أو نقص في الإبداع، فلا يستطيعون تحقيق شيء يصبون إليه، حتى لو كان لهم إنجاز مبهر في مجال آخر ولكنه لا يعطيهم شعوراً بالرضا، فتتحول حياتهم إلى مطاردة محمومة من غير أن يتمكنوا من التوقف أو من الوصول إلى الهدف. ولا يرون خلاصاً إلا بالانفصال التام عن ذواتهم، وهذا ما تقدمه لهم الحركات المتطرفة. وهم من أكثر المتطرفين عنفاً في سبيل القضية المقدّسة. فمثلاً تجدهم يتحرقون بشغف إلى الإبداع من دون أن يتمكنوا من ذلك (يحاول الرسم، الكتابة، الموسيقى، التمثيل ويفشل)، أو من تذوقوا نشوة الإبداع ثم خبت تلك الجذوة.
2. الباحثون عن هوية
وهم من يشعرون بالعزلة أو النفور من المجتمع، وأنهم غرباء في بيئتهم. فيسعون للبحث عن هوية جديدة ولديهم استعداد كبير للالتحاق بحركات التطرف. ومنهم الباحثون عن أيديولوجيا أو عقيدة يتبنونها. ومنهم:
أ. طالبو الأيديولوجيا
وهم الباحثون عن أيديولوجيا أو عقيدة يتبنونها، ويريدون فرض وجهة نظرهم من الإسلام على الآخرين.
تصبح الحرية عبئاً على الشخص، حين يفتقر إلى المواهب التي تمكنه من تحقيق أي شيء. فأي معنى للحرية عندما يكون الشخص عديم الفاعلية؟ لذا يلجأ بعضهم إلى الحركة المتطرفة ليتحرروا من ثقل المسؤولية الفردية، لا تطلق الحركات الجماهيرية في بدايتها الحرية لأفرادها في مواجهة النظام المستبد، لأن شغلها الشاغل التضحية بالنفس والدفاع عن نفسها وضمان بقائها، وهذا يعني حرمان الفرد من إرادته ومنطقه. فهم "يخافون الحرية أكثر من الاضطهاد". وعلى الرغم من الجو الصارم الذي يعيشونه إلا أنهم يشعرون بالحرية نتيجة إفلاتهم مما يعكر صفو حياتهم الفردية من أعباء وعقبات.
(إن أكثر الناس صراخاً في سبيل الحرية كثيراً ما يكونون أقل الناس سعادة في مجتمع حر. إن المحبطين الذين تحاصرهم عيوبهم، يعزون فشلهم إلى القيود والمعوقات الخارجية، إلا أنهم في حقيقة الأمر يتمنّون زوال مناخ الحرية المتاح للجميع ويودون إلغاء المناقشة الحرة، وما ينتج عنها من امتحان دائم للفرد في المجتمع المفتوح). ولهذا يمكن ملاحظة كيف أن حركات التطرف تقوم بتقييد الحريات بكل أشكالها حتى الحريات الأكثر خصوصية في الهيئة والمظهر في المناطق التي تسيطر عليها، على الرغم من أن كثيراً من هذه القيود ليست إلا آراء فقهية واجتهادات في أصلها. كإطالة اللحية للرجال وتغطية الوجه للنساء.
ب. الأنانيون أنانية مفرطة
الأنانية هي الإعجاب بالنفس وحب الذات حباً مفرطاً، وعدم التفكير في الآخرين. وإن الأنانيين أنانية مفرطة معرضون بصفة خاصة للإحباط. كلما زادت أنانية الشخص كانت خيبته أشد إيلاماً، ومن المفارقات أنهم قد يكونون أبطال الدعوة إلى إنكار الذات. (إن أشد المتطرفين عنفا كثيرا ما يكونون أنانيين أجبروا بسبب عيب شخصي أو ظروف خارجية على فقدان الثقة في أنفسهم، الأمر الذي يدفعهم إلى أن يسخّروا سلاح أنانيتهم الفردية لخدمة قضية مقدّسة).
ج. الملولون
انتشار الملل واللامبالاة في مجتمع ما مؤشر خطير على قابليته للدخول في حركات التطرف، ويفرح أتباع الحركات المتطرفة حينما يشاهدون الناس يعانون من الملل الخانق، مثلما يفرحون حينما يجدونهم يعانون وطأة ظلامات اقتصادية وسياسية لا تطاق. عندما يشعر الناس بالملل فإنهم في الحقيقة يملون أنفسهم. مصدر الملل الأول هو الشعور بخواء الحياة، وبافتقارها إلى أي معنى. لا يشعر الإنسان بالملل حينما يكون منهمكاً في عمل إبداعي، أو مهنة تستنزف طاقته، أو في صراع من أجل العيش. وقد لوحظ أن بعضاً ممن تمت دراستهم التحق بتنظيم "داعش" بحثاً عن الإثارة والمغامرة. فالضجر كما تقول سيمون دي بوفوار يسوق إلى الرذيلة، لأنه ينبع من الفراغ. فإذا عرف الإنسان – لا سيما المترف - كيف يشغل أوقات فراغه بالفنون والآداب وخدمة البائسين المحرومين صان نفسه من الضجر واتقى شر التدهور والانحطاط.