على الرغم من أن التعليم في الأردن يُعتبر من أقوى المنظومات التعليمية على مستوى العالم العربي إلا أن الشوائب التي أصابت مخرجاته في السنوات العشر الأخيرة تجعل الأكاديميين يطالبون بإعادة هيكلة بنية التعليم الجامعي والبحث في الخلل الذي حدث، والذي أدى إلى نسب رسوب عالية وأزمة تخصصات أكاديمية يضطر الطالب أن يخوضها نظراً لمعدلات القبول المرتفعة أحياناً والمنخفضة أحياناً أخرى وكلفة التعليم العالية.
كما أن الدبلوم الشامل في الأردن وكليات المجتمع ليس ببعيد عن أزمة التعليم والاعتراف بالدبلوم "الشامل" كشهادة جامعية متوسطة تمنح الطالب القدرة على طلب وظيفة بتخصصه تعتبر من الأزمات التعليمية الكبرى.
وبناءً على هذه الأزمة اقترح بعض الأكاديميين والطلبة والأهالي إغلاق كليات المجتمع وتخفيض رسوم الجامعات "البكالوريوس" ووضع معدلات قبول تناسب خريجي الثانوية العامة ورفع مستوى أهمية شهادة الدبلوم الشامل واعتبارها شهادة جامعية متوسطة تُعامل معاملة البكالوريوس.
وفي حديث لـ "العربي الجديد" مع الطالب معاوية الرياشي (ماجستير إعلام) في جامعة اليرموك وسؤاله عما يحتاجونه كطلبة لتحسين مستوى مخرجات التعليم، يقول: "إن المنظومة التعليمية بحد ذاتها بحاجة إلى إعادة ضبط ثالوثها الأكاديمي وهو (الأستاذ والإدارة والخطة)، مثلاً نحن كخريجي مدارس حكومية في المحافظات نفتقد التكنولوجيا بشكل أثّر على أدائنا الجامعي، وهذا ما سبّب انخفاض "مُنتج" الطلاب، وأدى إلى ارتباك في اختيار الطالب لتخصصه الجامعي.
اقــرأ أيضاً
أما بالنسبة لجدول الجامعة "بكالوريوس" الأربع سنوات فيجب العمل على خطته الدراسية، فلا يعقل أن الخطة ذاتها منذ عشرات السنين ما زالت تُدرس إلى هذا الوقت بذات الأدوات والأسلوب والمواد؟ فما زلنا ندرس في الماجستير مواد البحث العلمي من خلال إرفاق "استبانة" ورقية ترفق بالبريد ويوضع عليها طوابع؟ فهل يعقل أننا ما زلنا ندرس بطريقة تقليدية ونحن في عصر التكنولوجيا؟".
وفي الحديث مع الطالبة نهلة صبيح (دبلوم إدارة أعمال) وسؤالها عن دراسة الدبلوم الشامل تقول صبيح إنها خريجة وفي سباق مع الزمن لإنهاء موادها وتسجيلها لامتحان الشامل الذي سيؤهلها إلى تكملة مسيرتها الجامعية.
ومن الصعوبات التي تواجهها في دراسة الدبلوم أنها كانت ستكتفي بالامتحان الشامل لولا أنها علمت أن سوق العمل شبه معدوم لحملة الدبلوم، لذلك قررت أن تكمل دراستها الجامعية، علماً أن وضع ذويها المادي لا يحتمل أعباء مالية جديدة، وتقول صبيح إن عدد ساعات دراسة الدبلوم والامتحان الشامل من المفترض أن يكونا كافيين لتأهيلها لسوق العمل، إذ إن ذويها طالبوا كغيرهم من المتضررين من أزمة التوظيف لما بعد الدبلوم بإغلاق كليات المجتمع وتخفيض معدلات القبول وكلفة التعليم.
وفي هذا الشأن كان لـ"العربي الجديد" حديث مع الدكتور سليمان العباس، أستاذ اللغة الإنكليزية في الجامعة العربية المفتوحة في العاصمة عمّان وسؤاله حول الخلل في منظومة التعليم في الأردن وهل من سبل لتحسين مخرجات التعليم منخفضة الجودة، يقول العباس: "بشكل عام فإن مشكلات التعليم يمكن أن تتركز في المناهج المدرسية، حيث من الملاحظ أن مناهجنا التعليمية ترتكز على أساس من التلقين وحشو المعلومات لغايات اجتياز الامتحانات التي أصبحت غاية في حد ذاتها.
كما تخلو المناهج من أساليب تنمية التفكير الإبداعي، وهناك مشكلة تلعب دوراً سلبياً في نوعية مناهجنا المدرسية، وهي أن مؤلفي المناهج يكونون في كثير من الحالات من أساتذة الجامعات الذين لا علاقة لهم بأنظمة التعليم المدرسي، فيكون تركيزهم على الكم وليس على الكيف، ومن المؤسف أن الكثير من مقررات الجامعات هي في الواقع امتداد لما يجري في المدارس، فلا نجد هناك تركيزاً كافياً على المهارات البحثية التي تنمي القدرات التفكيرية للطلبة".
اقــرأ أيضاً
ويكمل العباس: "الأصل أن يكون هناك تدريب ميداني في التخصصات التي سيلتحق خريجوها للعمل كمعلمين في المدارس مثل تخصصات اللغات على وجه الخصوص. إن لجوء بعض الجامعات إلى ما يُعرف بالتخصص المزدوج في مجال اللغات، يؤدي إلى عدم اكتساب الطلبة قدرات رفيعة المستوى في اللغتين اللتين تتم دراستهما في آن معاً. فعلى سبيل المثال حين يدرس طالب اللغة الإنكليزية والروسية أو الألمانية أو الكورية أو الصينية وغيرها، فإن الساعات المعتمدة ستكون موزعة بين متطلبات الجامعة واللغة الإنكليزية واللغة الأجنبية الأخرى. وبعد التخرّج، لا يجد طلبة التخصص المزدوج مجالات كافية لممارسة اللغة غير الإنكليزية، فتموت تلك اللغة بمرور الوقت".
ويؤكد العباس أن هناك كثيراً من متطلبات الجامعة يكون تدريسها على حساب مواد التخصص الرئيسي، ومن المفروض أن تكون المتطلبات في حدها الأدنى، حتى يستغل العدد الأكبر من الساعات لمواد التخصص. بالإمكان دمج الكثير من المتطلبات في مادة واحدة يتم إعطاؤها ضمن مقرر واحد، لاستغلال الساعات في حدها الأقصى لدراسة مواد التخصص.
كما يشير العباس إلى أن سياسة القبول في الجامعات بحاجة إلى إعادة نظر من أساسها، خاصة ما يُعرف بالقبولات الاستثنائية التي تحول دون مستوى تجانس الطلبة في الشعبة الواحدة. فكيف يمكن تدريس الطلبة الذين كان تحصيلهم في امتحان الثانوية العامة بمستوى 60 إلى 70 مثلاً مع طلبة كان معدلهم 95 أو أكثر؟ وهذا الأمر يأخذ المنحى التجاري البحت.
ويضيف بأن هناك كثيراً من أساتذة الجامعات الذين يصل مستوى قدراتهم إلى الحد الأدنى. وهؤلاء لا يستطيعون خلق جيل لديه مستوى رفيع من التحصيل.
يقول العباس: "إن القرارات التي تتعلق بالسياسات التعليمية تكاد تمس كل بيت في الأردن، وينبغي ألا تكون القرارات المتعلقة بالسياسات التعليمية فردية. وقد اقترحت في أكثر من مناسبة ضرورة أن تنبثق هذه السياسات عن مؤتمرات وطنية يشارك فيها أكبر عدد ممكن من المختصين حتى يكون العمل مؤسسياً لا فردياً وهذا ما نفتقده كثيراً في مؤسساتنا التعليمية".
وبسؤاله عن كليات المجتمع وأزمة الاعتراف بشهادة الدبلوم الشامل يقول العباس: "إن كليات المجتمع تمارس دوراً يحتاج إلى تصويب. فليست المشكلة في أن يحصل الطالب على دبلوم كلية مجتمع متوسطة، ولكن المشكلة هي أن كليات المجتمع طاولها من الترهل وسوء التخطيط ما طاول المدارس والجامعات. ولذلك، لا بد من تصحيح مسارها بما يخدم العملية التعليمية فيها، مع التركيز على التخصصات التي يحتاجها سوق العمل على مستوى الدبلوم وليس بالضرورة على مستوى البكالوريوس".
اقــرأ أيضاً
وبناءً على هذه الأزمة اقترح بعض الأكاديميين والطلبة والأهالي إغلاق كليات المجتمع وتخفيض رسوم الجامعات "البكالوريوس" ووضع معدلات قبول تناسب خريجي الثانوية العامة ورفع مستوى أهمية شهادة الدبلوم الشامل واعتبارها شهادة جامعية متوسطة تُعامل معاملة البكالوريوس.
وفي حديث لـ "العربي الجديد" مع الطالب معاوية الرياشي (ماجستير إعلام) في جامعة اليرموك وسؤاله عما يحتاجونه كطلبة لتحسين مستوى مخرجات التعليم، يقول: "إن المنظومة التعليمية بحد ذاتها بحاجة إلى إعادة ضبط ثالوثها الأكاديمي وهو (الأستاذ والإدارة والخطة)، مثلاً نحن كخريجي مدارس حكومية في المحافظات نفتقد التكنولوجيا بشكل أثّر على أدائنا الجامعي، وهذا ما سبّب انخفاض "مُنتج" الطلاب، وأدى إلى ارتباك في اختيار الطالب لتخصصه الجامعي.
أما بالنسبة لجدول الجامعة "بكالوريوس" الأربع سنوات فيجب العمل على خطته الدراسية، فلا يعقل أن الخطة ذاتها منذ عشرات السنين ما زالت تُدرس إلى هذا الوقت بذات الأدوات والأسلوب والمواد؟ فما زلنا ندرس في الماجستير مواد البحث العلمي من خلال إرفاق "استبانة" ورقية ترفق بالبريد ويوضع عليها طوابع؟ فهل يعقل أننا ما زلنا ندرس بطريقة تقليدية ونحن في عصر التكنولوجيا؟".
وفي الحديث مع الطالبة نهلة صبيح (دبلوم إدارة أعمال) وسؤالها عن دراسة الدبلوم الشامل تقول صبيح إنها خريجة وفي سباق مع الزمن لإنهاء موادها وتسجيلها لامتحان الشامل الذي سيؤهلها إلى تكملة مسيرتها الجامعية.
ومن الصعوبات التي تواجهها في دراسة الدبلوم أنها كانت ستكتفي بالامتحان الشامل لولا أنها علمت أن سوق العمل شبه معدوم لحملة الدبلوم، لذلك قررت أن تكمل دراستها الجامعية، علماً أن وضع ذويها المادي لا يحتمل أعباء مالية جديدة، وتقول صبيح إن عدد ساعات دراسة الدبلوم والامتحان الشامل من المفترض أن يكونا كافيين لتأهيلها لسوق العمل، إذ إن ذويها طالبوا كغيرهم من المتضررين من أزمة التوظيف لما بعد الدبلوم بإغلاق كليات المجتمع وتخفيض معدلات القبول وكلفة التعليم.
وفي هذا الشأن كان لـ"العربي الجديد" حديث مع الدكتور سليمان العباس، أستاذ اللغة الإنكليزية في الجامعة العربية المفتوحة في العاصمة عمّان وسؤاله حول الخلل في منظومة التعليم في الأردن وهل من سبل لتحسين مخرجات التعليم منخفضة الجودة، يقول العباس: "بشكل عام فإن مشكلات التعليم يمكن أن تتركز في المناهج المدرسية، حيث من الملاحظ أن مناهجنا التعليمية ترتكز على أساس من التلقين وحشو المعلومات لغايات اجتياز الامتحانات التي أصبحت غاية في حد ذاتها.
كما تخلو المناهج من أساليب تنمية التفكير الإبداعي، وهناك مشكلة تلعب دوراً سلبياً في نوعية مناهجنا المدرسية، وهي أن مؤلفي المناهج يكونون في كثير من الحالات من أساتذة الجامعات الذين لا علاقة لهم بأنظمة التعليم المدرسي، فيكون تركيزهم على الكم وليس على الكيف، ومن المؤسف أن الكثير من مقررات الجامعات هي في الواقع امتداد لما يجري في المدارس، فلا نجد هناك تركيزاً كافياً على المهارات البحثية التي تنمي القدرات التفكيرية للطلبة".
ويكمل العباس: "الأصل أن يكون هناك تدريب ميداني في التخصصات التي سيلتحق خريجوها للعمل كمعلمين في المدارس مثل تخصصات اللغات على وجه الخصوص. إن لجوء بعض الجامعات إلى ما يُعرف بالتخصص المزدوج في مجال اللغات، يؤدي إلى عدم اكتساب الطلبة قدرات رفيعة المستوى في اللغتين اللتين تتم دراستهما في آن معاً. فعلى سبيل المثال حين يدرس طالب اللغة الإنكليزية والروسية أو الألمانية أو الكورية أو الصينية وغيرها، فإن الساعات المعتمدة ستكون موزعة بين متطلبات الجامعة واللغة الإنكليزية واللغة الأجنبية الأخرى. وبعد التخرّج، لا يجد طلبة التخصص المزدوج مجالات كافية لممارسة اللغة غير الإنكليزية، فتموت تلك اللغة بمرور الوقت".
ويؤكد العباس أن هناك كثيراً من متطلبات الجامعة يكون تدريسها على حساب مواد التخصص الرئيسي، ومن المفروض أن تكون المتطلبات في حدها الأدنى، حتى يستغل العدد الأكبر من الساعات لمواد التخصص. بالإمكان دمج الكثير من المتطلبات في مادة واحدة يتم إعطاؤها ضمن مقرر واحد، لاستغلال الساعات في حدها الأقصى لدراسة مواد التخصص.
كما يشير العباس إلى أن سياسة القبول في الجامعات بحاجة إلى إعادة نظر من أساسها، خاصة ما يُعرف بالقبولات الاستثنائية التي تحول دون مستوى تجانس الطلبة في الشعبة الواحدة. فكيف يمكن تدريس الطلبة الذين كان تحصيلهم في امتحان الثانوية العامة بمستوى 60 إلى 70 مثلاً مع طلبة كان معدلهم 95 أو أكثر؟ وهذا الأمر يأخذ المنحى التجاري البحت.
ويضيف بأن هناك كثيراً من أساتذة الجامعات الذين يصل مستوى قدراتهم إلى الحد الأدنى. وهؤلاء لا يستطيعون خلق جيل لديه مستوى رفيع من التحصيل.
يقول العباس: "إن القرارات التي تتعلق بالسياسات التعليمية تكاد تمس كل بيت في الأردن، وينبغي ألا تكون القرارات المتعلقة بالسياسات التعليمية فردية. وقد اقترحت في أكثر من مناسبة ضرورة أن تنبثق هذه السياسات عن مؤتمرات وطنية يشارك فيها أكبر عدد ممكن من المختصين حتى يكون العمل مؤسسياً لا فردياً وهذا ما نفتقده كثيراً في مؤسساتنا التعليمية".
وبسؤاله عن كليات المجتمع وأزمة الاعتراف بشهادة الدبلوم الشامل يقول العباس: "إن كليات المجتمع تمارس دوراً يحتاج إلى تصويب. فليست المشكلة في أن يحصل الطالب على دبلوم كلية مجتمع متوسطة، ولكن المشكلة هي أن كليات المجتمع طاولها من الترهل وسوء التخطيط ما طاول المدارس والجامعات. ولذلك، لا بد من تصحيح مسارها بما يخدم العملية التعليمية فيها، مع التركيز على التخصصات التي يحتاجها سوق العمل على مستوى الدبلوم وليس بالضرورة على مستوى البكالوريوس".