لن يتمكن الموظف الحكومي محمد سليم، هذا العام من شراء خروف لعيد الأضحى رغم الضغوطات الكبيرة التي يواجهها من قبل أطفاله الذين ينتظرون هذه المناسبة للاستمتاع باللعب مع الخروف قبل العيد الذي لا يفصلهم عنه سوى أسبوعين تقريباً.
ويقول سليم لـ"العربي الجديد"، إنه قرر مقاطعة العيد بسبب وضعه المالي، مشيراً إلى أن العودة إلى المدارس استنزفت كل مدخراته وسيضطر لتوفير قرابة 1500 دينار، أي نحو 760 دولاراً، لسداد مستلزمات العودة ودفع القسط الأول من مصروفات تسجيل ابنه محمد في إحدى المدارس الخاصة.
وسيضطر عدد كبير من التونسيين للاستغناء عن خروف العيد، بسبب ارتفاع الأسعار وموسم عودة المدارس. وتشير التوقعات في أسواق المواشي هذا العام إلى أن التونسيين لن يقبلوا على اقتناء الخرفان بالشكل المعهود.
ويعتبر التونسيون بجميع شرائحهم اقتناء الخرفان في عيد الأضحى من العادات المهمة حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى الاستدانة أو الاقتراض، غير أن ارتفاع سعر الأضاحي في السنوات الأخيرة واقتران العيد هذا العام بالعودة إلى المدارس قد يضطر جزءاً كبيراً من التونسيين إلى الاستغناء عن هذه العادة هذا العام.
وتجتهد الحكومة منذ أشهر لإقناع المربين بالضغط على أسعار الخرفان وتوفير العرض الكافي بالأسواق تجنباً للمضاربة والاحتكار.
وأعلنت وزارة الفلاحة عن تحديد تسعيرة الأضاحي بنحو 6 دولارات للكلغ مع توفير المراقبة بكافة أسواق الدواب ونقاط البيع التي تنتشر في جميع المحافظات في مثل هذه الفترة من العام.
وقال المسؤول الإعلامي بوزارة التجارة محمد علي الفرشيشي، لـ"العربي الجديد"، إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى توفر أضاحي العيد لدى المنتج، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الوزارة تعتزم اقتناء الكميات اللازمة من الأضاحي وبيعها بأسعار مدروسة لضرب عمليات الاحتكار.
اقرأ أيضاً: ليبيا تفقد نصف تجارتها مع تونس
وأوضح المسؤول ذاته أن الوزارة قد تلجأ إلى التوريد لتعديل السوق وحماية القدرة الشرائية للمواطن في حال ارتفاع الأسعار، غير أن إمكانية العدول عن آلية التوريد تبقى قائمة في حال استجاب المنتجون التونسيون لطلب الوزارة بالمساهمة في توفير وبيع الخرفان بالقدر المطلوب للدولة لقطع الطريق أمام المحتكرين والوسطاء والحد من لهيب الأسعار على غرار ما حصل في السنوات الماضية.
ويجد قرار الاستيراد معارضة كبيرة من قبل المربين ومنظمة الفلاحين معتبرين أن استيراد الخرفان الإسبانية أو الإيرلندية سيؤدي إلى إفلاس المربين الذين يعشيون وضعية صعبة نتيجة ارتفاع كلفة الإنتاج وتعرّض القطعان للسرقة بشكل متكرر لغياب الأمن في مناطق الإنتاج.
ونبّه عضو منظمة الفلاحين عمر الباهي، إلى أن الحديث المفرط عن ارتفاع الأسعار قد يساهم في عزوف المواطنين عن شراء الأضاحي، وهو ما قد يكبّد الفلاحين خسائر كبيرة، باعتبار أن عيد الأضحى هو المناسبة الكبرى التي يُقبِل فيها التونسيون على استهلاك لحوم الخرفان.
ولفت عضو المنظمة المكلف بالإنتاج الحيواني، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن القدرة الشرائية للمواطن تراجعت بشكل واضح وأصبح غير قادر على شراء أضحية.
واقترح المزيد من التنظيم وتقديم الدولة المساعدة للقطاع الذي يعاني أزمات منذ سنوات، وذلك بإحداث إقامة نقطة بيع في كل محافظة حتى يتم ضمان حقوق كل الأطراف وتمكين الفلاحين من تسويق منتوجهم وتحقيق بعض الربح وتعويض الخسائر التي يتكبدها المربون طيلة السنة بسبب غلاء تكاليف تربية الماشية وارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية.
وتواجه وزارة التجارة انتقادات كبيرة بسبب استيراد الأضاحي في السنوات الماضية رغم توفر المنتج المحلي، ويعتبر الفلاحون أن الوزارة تعمد إلى ضرب المنظومة بأكملها ودفع العديد منهم نحو الإفلاس.
وتكبدت السنة الماضية شركة اللحوم الحكومية خسائر بسبب عدم تمكنها من بيع كل الخرفان التي قامت باستيرادها من إسبانيا بعد عجزها عن تسويق 2590 رأساً من بين 6 آلاف قامت باستيرادها.
بدوره، أكد رئيس غرفة تجار اللحوم بالجملة، صلاح الدين فرشيو، لـ"العربي الجديد"، أن تجار الجملة لن يقوموا باستيراد اللحوم الجاهزة لعيد الأضحى على غرار السنوات الماضية، معتبراً أن العرض المحلي كافٍ لسداد حاجيات السوق.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن 900 ألف عائلة تونسية تقوم بذبح الأضاحي خلال العيد في الوقت الذي تتوفر فيه مليون أضحية، حسب تصريحات المسؤولين.
اقرأ أيضاً: تونس: الملابس المستعملة تزاحم الجديدة