لا أحد سيرفعُ يداً كانت تسترخي على أريكةٍ
أو يغضّنُ حاجبَينِ من دهشةٍ
أو يديرُ إصبعاً
كانت تشير إلى حشدٍ من مرتّلينَ بشموعٍ عَبرَ الشارع
.. لا أحد الآن يبدّل من مشيه البطيء المترنّحِ
بحافة ضفّةٍ ما
أو بنهاية حانةٍ ورصيفٍ
.. أتيتَ أم لم تأتِ
أو يخفِض إصبعاً، كانت تشير إلى حصانٍ وفارسه على الرصيف
.. أو كانت تشيرُ إلى ورشةِ متدرّبين في شيء ما
ومشغلٍ ما..
ما من أحدٍ سيشيح بيدٍ كان يرفعها، قبل وصولكَ
(كان على هيئة من سيقول شيئاً)
أو يبدّل من إطراقِة كفّه على الجبينِ، بهيئةِ مظلّة على الحاجبَين
من بهَر الشمس أو من بهر النجومِ،
.. لا أحدْ
....
.. ثم من ذا الذي سيكترث إن أتيتَ
إلى هنا أعني
سيستمر الصخب ذاته كما كان
وأنت تعبر أمام النافذة
على رصيف معملِ الخزفِ الناري
.. هل كنت تتوقّع أن يهدئوا مثلاً؟
تريد أن تقول أنك أنت الذي
في الصور على الأقل، تقفُ ضاحكاً أبداً
أو تعيدُ، متباهياً، أنك لا تحب الشاي..
أو هل كانت أن الشاي كان شاحباً
.. من الإهمال أو من الحزنِ
...
في الساعة التاسعة صباحاً كان كل شيء قد هدأ
النحّاسونَ ومعملُ الخزف الناري والصاخبون في حانة أمس
والجميلاتُ بضفة النهرِ
جميعهم هدأوا في الإهمال
هل تعيدُ إذن:
من الذي في آخر الليل عاد يروي عن جميلاتٍ بضفّة النهرِ من خارج السورِ يرمين أثواباً زرقاء على الصخور ضاحكاتٍ
ثم يرمينها في الماءِ ويضربنها بالعصيّ
عن جميلاتٍ من خارج السور
يدُسنَ عليها ضاحكاتٍ بالأقدامِ الحافية....
....
....
الآنَ الأغلاقُ على طول شارع مدحت باشا مُحكمةٌ..
ما من بقعِ شمسٍ تشبه تفّاحاتٍ ترقّط العابرينَ ثم تقع منهم في وسط الشارعِ
أو على الرصيف
...
كنت سأتبع رائحة البَهار الآتية من سوق العطارين في ليلٍ غير هذا
.. لا رائحةَ لهذا الليل
* شاعر سوري مقيم في باريس