التغطية التلفزيونية ضعيفة، الشاشات لا تجد من يتسمّر أمامها، المطارات غير عابئة بالحشود التي ستتوافد لاستقبال النجوم عند عودتهم، منظمات حقوق الإنسان وجمعيات رعاية ذوي الإعاقة لن تكلّف نفسها إطلاق بيانٍ صحفي، فهي تفعل ذلك بشكل روتيني من دون الحاجة إلى وجود مناسبة كهذه، مناسبة عدم اكتراثنا لما يحققه رياضيونا في أولومبياد "ريو 2016" للألعاب البارالمبية.
ثروة وعمر وجميل، ومعهم ميدالياتهم الثلاث؛ نجوم ابتلعها ثقب أسود يسكن ذهنية المجتمع الذي تكبّدوا عناء تمثيله هناك في البرازيل. عقليّة مارست، رغم كل جهود التوعية والدعوة إلى معاملة ذوي الإعاقة بالمثل، مارست تلقائيتها في إظهار عنصريّتنا تجاه أبطالٍ لم نهتم بمعرفتهم ومراقبة حركاتهم، أو استحسان جهودهم المبذولة ليصلوا إلى منصات التتويج.
ورغم تحقيق أبطال ألعاب البارالمبياد إنجازاتٍ أكبر على مستوى عدد الميداليات، مقارنةً برياضيي أولومبياد "ريو"؛ لم يحتفل أحدٌ يذكر لا في الشوارع ولا في أروقة الحكومة، كما احتفلنا قبل أسابيع بذهبية أحمد أبو غوش في رياضة التايكواندو.
ستعود ثروة الحجاج ومعها عمر قرادة وجميل الشبلي، وباقي أعضاء البعثة، حاملين المعدن النفيس حول أعناقهم كقلادات لا أكثر؛ فمن سيذكرهم، ومن سيتكلف عناء طباعة لوحات إعلانية كبيرة في الشوارع تشكرهم على رفع علم البلاد عاليًا إلى جانب تمثال المسيح الفادي، ومن هي الشركات التي ستتسابق لرعايتهم ودعمهم وتوقيع عقود الرعاية معهم.
رفع الأبطال الثلاثة الأثقال ونالوا شرف صهرها وتحويلها لميداليات، كما سبق لهم أن قهروا المصاعب وشقوا طريقهم ليصبحوا أبطالًا، لا مجرّد أشخاصٍ يُنظر إليهم على أنّهم أقل من غيرهم ويلتسمون العون من أحد؛ لكن كل هذا لم يكن كافيًا لمجتمعنا الذي لا يكف عن التغني بأخلاق التسامح وتكريم الإنسان؛ لتحظى هذه النجوم بفرصة التقدير والاحتفاء بهم كبشر مثلنا، قبل تكريمهم كأبطال.
(الأردن)