شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سورية مشادات كلامية وتبادلا للاتهامات بين ممثل روسيا من جهة وممثلي كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى. وتحولت الجلسة، التي كان من المفترض أن تكون بدايتها مفتوحة تقدم فيها الأمم المتحدة إحاطة حول الوضع الإنساني ومن ثم تستمر بشكل مغلق، إلى مسرح يعكس الخلافات بين الدول الكبرى. كما وجه ممثل روسيا لمجلس الأمن، فيتالي تشوركين، اتهامات شديدة اللهجة للأمم المتحدة متهما إياها بعدم الحيادية.
ومن جهته، وجه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، انتقادات شديدة اللهجة للدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال إحاطته الشهرية أمام المجلس حول الوضع الإنساني في سورية عامة وحلب خاصة. وعبر أوبراين عن إحباطه وغضبه الشديد تجاه استهداف المدنيين وعجز مجلس الأمن عن التوصل لحل لوقف سفك الدماء في سورية.
وأتهم أوربراين مجلس الأمن بعدم القيام بواجبه ومسؤوليته تجاه الوضع بسورية من أجل وقف قتل المدنيين. ووصف حلب بأنها "منطقة قتل"، مؤكداً أنه ومنذ إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، قبل شهر تقريباً، قتل أكثر من 400 شخص وجرح حوالي ألفين في شرق حلب. وأكد أن الكثير منهم من الأطفال.
وحول إعلان الهدنة أحادية الجانب ووقف النظام السوري وروسيا قصفهما الجوي على شرق حلب الأسبوع الماضي، قال أوبراين ”إن الأمم المتحدة بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر الدولي ومنظمات غير حكومية قدمت مخططاً واضحاً لإخلاء الجرحى والمرضى وعائلاتهم من شرق حلب إلى أماكن يختارونها، لكن تلك المجهودات المعقدة والمفاوضات مع جميع الأطراف المعنية باءت بالفشل الذريع".
وعن طبيعة تلك التعقيدات قال أوبراين "لقد تأخر ممثل الناس والمتحدثون باسمهم في حلب بتسليمنا قوائم المرضى الذين يجب إخلائهم. كما رفضت الحكومة السورية السماح بإدخال المساعدات الطبية والإنسانية إلى شرق المدينة". ونوه إلى إنه وعلى الرغم من ذلك كانت الأمم المتحدة "مستعدة في 23 من الشهر الجاري بتقديم المساعدات إلا أن معارضة فصيلين من قوات المعارضة المسلحة وهما "أحرار الشام" و "نور الدين زينكي" قوضا تلك الخطط". وأضاف أنه "فشلت الأطراف بالقبول بشروط بعضها البعض ولم نتمكن من إقناع الجانب الروسي والسوري بتمديد الهدنة".
وقال أوبراين إن الأطراف التي تتهم بعضها البعض بالمسؤولية عن الفشل هي تلك التي وضعت مصالحها الشخصية في المقدمة والحيلولة دون الوصول إلى أي تسوية. وتحدث عن أن استخدام الاحتياجات الإنسانية كورقة للضغط والمساومة غير مقبول لكن أطراف النزاع في سورية تقوم بذلك.
ووجه أوبراين الانتقادات للنظامين السوري والروسي قائلا "لم تتمكن القوات الروسية والسورية من البرهنة على إرادتها وسعيها لحماية المرافق الطبية في شرق حلب، حيث استمرت الهجمات على المستشفيات والعاملين الطبيين. وبقي فقط حوالي ثلاثين طبيبا داخل المدينة وستة مستشفيات تعمل بشكل جزئي".
وتحدث أوبراين عن نقص في الأدوية والاحتياجات الأساسية داخل المستشفيات بما في ذلك البطانيات، حيث تستخدم أكياس البلاستيك المخصصة لحفظ الجثث عوضا عن البطانيات للتدفئة. وأضاف أوبراين "دعونا نكون واضحين، شرق حلب محاصرة من قبل الحكومة السورية. ولم تدخل أي مساعدات إنسانية إلى المنطقة منذ أربعة أشهر تقريباً. الكثيرون ينجون بأكل وجبة رز واحدة في اليوم وما يمكن شراؤه في السوق المحلية أسعاره خيالية وفي الوقت نفسه يتم قصف المدنيين من قبل قوات سورية وروسية".
وأنهى أوبراين إحاطته قائلا لأعضاء مجلس الأمن "لا يوجد أدنى شك أو تساؤل حول ما إذا كان أعضاء المجلس يعلمون ما يحدث في سورية؟ السؤال اليوم هو ما الذي ستفعلونه وأي الخطوات ستتخذون من أجل تقديم المساعدة لأناس في أمس الحاجة إليها؟"