وللمرة الثامنة، منذ مطلع آذار/مارس الماضي، بدأ العاملون في الشركة الوطنية للسكك الحديد الفرنسية (سي إن سي إف)، وسيلة النقل الرسمية لكأس أوروبا، مساء الثلاثاء، إضرابا مفتوحا هذه المرة.
ويبدو أن حركة النقل لم تتأثر كثيرا على الخطوط الرئيسية قياسا بالرحلات القصيرة الأكثر تأثرا، حيث ألغيت العديد من القطارات التي تنطلق من باريس إلى ضواحيها.
وبحسب "سي إن سي إف"، يتوقع أن تؤثر الاضطرابات على الشبكة اعتبارا من الأربعاء دون شلها كليا. ويفترض أن تواصل 60% من القطارات السريعة و30 إلى 40% من القطارات الإقليمية برنامجها.
وعلى صعيد النقل الدولي، تحدثت شركة السكك الحديد عن حركة طبيعية لقطاري يوروستار واليو (ألمانيا)، وحركة بنسبة 75% لقطار ليريا (سويسرا)، و40% فقط لقطار ايليبسوس (إسبانيا)، و20% لقطار "إس في آي" (إيطاليا).
وهذا الخلاف المتعلق بساعات عمل موظفي السكك الحديد غير مرتبط مباشرة باحتجاجات النقابات على إصلاح قانون العمل، الذي تدافع عنه الحكومة الاشتراكية.
وحرصا منها على تبديد هذه الاحتجاجات، مارست الحكومة الفرنسية ضغوطا لإنجاح المفاوضات بين العاملين في السكك الحديد وإدارة الشركة.
وتقول الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل إن الحكومة "أرغمت" المؤسسة على إبقاء القواعد الحالية المطبقة حول العطلة الأسبوعية لسائقي القطارات.
وتفاديا لثورة اجتماعية، أعلنت الحكومة عن إعادة تقييم رواتب الأساتذة. كما قررت، أمس الثلاثاء، تخصيص قروض للأبحاث.
أكدت الحكومة الفرنسية رفضها تقديم تنازلات حول إصلاح قانون العمل. وقال رئيسها، مانويل فالس، إن "التراجع سيكون خطأ سياسيا"، ونقلت عنه مصادر مقربة منه قوله: "إذا تخلينا عن المشروع أو رضخنا للضغوط سنبعث رسالة مفادها أن التعطيل يأتي بنتائج في النهاية".
وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قد أكد، أمس الثلاثاء، أنه "لن يتم سحب المشروع".
من جهته، انتقد الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، زعيم حزب الجمهوريين، ما وصفه بـ"الفوضى" السائدة في فرنسا، و"ضعف وجبن وفقدان الحكومة التام لسلطتها" في مقابلة لأسبوعية "فالور أكتوييل"، تنشر غدا الخميس.
وقال ساركوزي: "أظهرت الحكومة موقفا ضعيفا اليوم أمام الشارع. ما نشهده اليوم مهزلة".
وترى الحكومة أن مشروع القانون المثير للجدل سيسمح بأن تتماشى قواعد العمل أكثر مع واقع كل شركة وبالتصدي للبطالة التي بلغت 10%. لكن منتقدي الإصلاح، الذين يطالبون بسحب المشروع، يؤكدون أنه سيزيد من هشاشة أوضاع الموظفين، حيث دعوا إلى تظاهرات جديدة يوم 14 يونيو/حزيران الجاري.
وقامت نقابة الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) ونقابة القوة العاملة بتعبئة مناصريهما في كافة القطاعات.
واستمر الإضراب، الذي بدأ قبل أسبوعين، في المصافي النفطية، أمس، لكن الصناعة النفطية سجلت "تحسنا كبيرا" في تزويد محطات الوقود.
كما دعت نقابة "سي جي تي" إلى إضراب في شبكة المترو والنقل العام في باريس اعتبارا من غد الخميس. لكن يتوقع أن تكون الاضطرابات محدودة جدا، ووفق تقديرات الإدارة. كما سجلت تحركات أخرى في قطاعي جمع النفايات والمطارات.
في غضون ذلك، صوتت نقابة الطيارين في شركة "إير فرانس" لمبدأ بدء إضراب مفتوح في وقت لاحق من الشهر الجاري احتجاجا على إجراءات تتعلق بالإنتاجية.
أما جمعية أرباب العمل الفرنسية، التي أثار رئيسها غضب نقابة الكونفدرالية العامة للعمل، بعد أن شبه ناشطيها بـ"الإرهابيين"، فقد طلب، أمس الثلاثاء، من الشركات التي توقفت أنشطتها رفع شكوى "بتهمة عرقلة حرية العمل".
من جانبه، أكد رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أنه "يعرف فرنسا جيدا، لذلك كان يتوقع رد الفعل" على مشروع إصلاح قانون العمل، لكنه رأى أن المشروع المثير للجدل "ليس مساسا بالحق في العمل".