وفي محاولته لمداراة الفضيحة أرسل إلى حسابها ألفي دولار، لكنّها بقيت مصرّة على المبلغ كاملاً، فحذفها من حسابه وهاتفه غير أنه فوجئ لاحقاً بإرسال المقاطع والصور إلى أصدقائه ومعارفه، "ولكون الأمر صار حديث مجتمعه لفترةٍ، لم يلجأ ناجي إلى القوى الأمنية ومرّت القضيّة على اعتبار أننا في مجتمع شرقيّ وهذه الأمور لا تعيب كثيراً على الرجل كما المرأة" كما يقول.
في المقابل، لجأت عائلة القاصر تاليا* ابنة الستة عشر عاماً للقوى الأمنية، إذ وقعت ضحيّة شابٍ عشريني، تعرّف إليها عبر فيسبوك وهددها بنشر "سكرين شوت" لوضعيات حميمة كانت تتخذها الفتاة خلال محادثتهما، في حال لم تدفع له مبلغ خمسة آلاف دولار. ونجح المتهم في التقرب من الفتاة مستفيداً من وضعها العائلي غير المستقرّ والوحدة التي كانت تعيشها. وتُخبر تاليا، أنّها قبلت صداقة الشاب بسبب صوره الجميلة ومظهره اللائق، وتحدّثت إليه عبر تطبيق "ماسنجر" حيث كانا يتواصلان بشكلٍ شبه يوميّ، إلى أن توجّها إلى استخدام خاصيّة "فيديو كول" ما ساهم بشكل كبير في تطوّر الأمور بينهما، لأكثر من ستّة أشهر وبعد ضغوط كثيرة تعرّضت لها وخوفها من الفضيحة، لجأت الفتاة القاصر إلى والدها الذي بعث رسالة إلى شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، عبر خدمة "بلّغ" على الموقع الإلكتروني العائد للمديرية www.isf.gov.lb، وفيها شكوى منه ضدّ مجهول بجرم ابتزاز وتهديد ابنته القاصر بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتمكّنت عناصر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في وحدة الشرطة القضائية ونتيجة للتحريات والمتابعة، من تحديد هوية المدّعى عليه وتوقيفه، واعترف بالتهم المنسوبة إليه، وأحيل على النيابة العامة الاستئنافية.
تفشي الظاهرة
تطاول ظاهرة الابتزاز والتهديد عبر مواقع التواصل الرجال بنسبة 40% والنساء 60% من مختلف الفئات العمرية من عمر الخمس عشرة سنة حتى الخمسين، وفق ما كشفت عنه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في معلومات حصرية لـ"العربي الجديد". وكثرت الشكاوى الواردة من المواطنين إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية (أُسّس في مارس/ آذار2006)، وتحديداً ما يتعلق بجرم الابتزاز والتهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، نتيجة التطوّر الكبير في مجال المعلوماتيّة ووسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع نسب الجرائم على الإنترنت، إذ بلغ عدد التحقيقات خلال الفترة المُمتدة من عام 2017 وحتى 15 مايو/ أيار الماضي 2175 تحقيقاً، وتم توقيف 237 شخصاً. اللافت أن عدد القضايا ارتفع بنسبة تصل إلى قرابة 100% من عام 2017، والذي تم التحقيق خلاله في 663 قضية وتوقيف 49 متهماً، فيما بلغ العدد 1229 قضية خلال عام 2018، الذي شهد توقيف 166 متهماً.
أما لناحية المبتزّ أو الشخص الذي يلجأ إلى التهديد، فهم في معظمهم من البالغين والشباب، ويتوزّعون بين الجنسيات اللبنانية والسورية والمغربية والتونسية والمصرية. وبالنسبة إلى الضحايا، فهم بالنسبة الأكبر من الشباب والقصّار، في حين تعدّ النسبة الأقلّ من المسنّين، وهم في المجمل من الجنسيتين اللبنانية والسورية، وفق ما وثقته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
وأدت الظاهرة إلى التأثير بشكل رئيسي على الحالات النفسية والاجتماعية للمواطنين، ما جعل نسبة كبيرة منهم يخشون تقديم الشكاوى مباشرة لدى القضاء المختص خشية نشر مقاطع الفيديو العائدة، أو خوفاً من نظرة المجتمع لهم فيعمدون إلى إرسال مبالغ مالية إلى المجرمين ومنهم من يعمد إلى أذية نفسه، ووصلت في بعض الحالات إلى الانتحار وفق ما جاء في إفادة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
بالفعل سجّلت منظّمة "سمكس" للحقوق الرقمية (أُسست عام 2008 وتدعم حماية الخصوصية عبر الإنترنت) خمس حالات انتحار بسبب الابتزاز الجنسي الرقمي في السنوات الثلاث الماضية، بحسب معلومات غير رسمية وفق ما أفاد به "العربي الجديد" عبد قطايا مسؤول المحتوى الرقمي.
لماذا يفلت الجناة؟
في بعض الحالات، لا يتم التوصل إلى معرفة الفاعل لوجود عدد كبير من مرتكبي الجرم خارج لبنان، وخاصة في قضايا الابتزاز الجنسي، وعدم وجود معلومات كافية عن الفاعلين إذ يكونون في معظم الأوقات منتحلي صفة وبأسماء وهمية، وضياع الدليل الرقمي الذي من خلاله يتم تعقب الفاعل وتوقيفه، وعدم تزويد المكتب بمعلومات تنير التحقيق من قبل المدعين والتراجع عن الشكاوى المقدمة منهم، بحسب إفادة المديرية العامة التي لفتت إلى أنّ نتيجة التحقيقات في الشكاوى الواردة ليست بمعظمها إيجابية.
وهنا يخبر المحامي محمد حسنا الذي تولّى ثماني قضايا ابتزاز جنسي وتهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي آخرها كان عام 2018، أنّ "من أهم الصعوبات عند تولّي ملفّات كهذه أنّ بعض الأشخاص وراء هذه الحسابات التي بمعظمها وهميّة هم من خارج البلد، ومن ثم فإنّ هناك استحالة لجلب المبتزّ وصعوبة أكثر لمعرفة هويته، والصعوبة الثانية يمكن أن تكمن في حال كان هذا الشخص من لبنان، لكن استعمل طرقاً للتخفي عبر الإنترنت أو رقماً هاتفياً أجنبيّاً ما يعقّد الوصول إلى نتيجة".
لكن صعوبات كشف هوية صاحب الحساب الوهمي أو المبتزّ موجودة كذلك في لبنان، كما يؤكد الخبير المختصّ في مواقع التواصل الاجتماعي جوي خليل، الذي يعمل في شركة عالمية وسبق أن عالج قضايا من هذا النوع، قائلاً: "يتمّ استعمال Shared IP أي عنوان رقميّ مشترك لأكثر من مئة شخص، وحتى لو تمّ تحديد العنوان الرقميّ لا يمكن معرفة الشخص صاحب الحساب الوهمي أو المبتزّ، وتصبح مهمة كشف هوية هذا الشخص مستحيلة عندما يكون خارج لبنان، وخصوصاً في الجزائر والمغرب وتونس على اعتبار ضعف الرقابة".
وإذ أشاد خليل بدور "مكتب المكافحة"، الذي يجمع الأدلة المعلوماتيّة من حركة بيانات وسجلات البرامج المعلوماتية، إلى عناوين وتسجيلات رقمية، وغيرها من الوسائل التي يستخدمها في التحقيقات، يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الكشف عن هوية صاحب الحساب الذي يستخدمه في لبنان يمكن أن يحصل إمّا نتيجة خطأ قد يقع به المبتزّ لعدم خبرته في مواقع التواصل، إذ يترك اسمه على الـ"Email" على سبيل المثال، أو رقمه الحقيقي، أو من خلال لجوء المكتب إلى برنامج Tracerouting الذي يتتبع اتصال الإنترنت المستخدم من قبل صاحب الحساب ولأي شركة تابعة، فيتم التواصل معها من أجل حصر الموقع الجغرافي الذي يوجد فيه، لكنه لا يكون دقيقاً بمعنى تحديد أي شارع أو مبنى أو طابق، لكن يمكن في هذه الحالة مراقبة حركة الإنترنت مع الشركة عبر (ISP Internet Service Provider موفر خدمة الاتصال بالإنترنت)، التي تظهر وحدات الإنترنت التي يصرفها المشترك وعلى أساسه، مع الأخذ بالاعتبار أعمار المشتركين، يمكن الاقتراب من كشف الفاعل.
ويشير، الى أنّ "هناك علامات يمكن ملاحظتها في حال تعرض الحساب للقرصنة أو الهاك، مثل ظهور أصدقاء على اللائحة لم نقم بإضافتهم من الأساس، كما وتحميل صور لم ينزلها الشخص".
ومن حالات التهديد والابتزاز وأنواعها، تلك التي لا يكون للضحية أيّ يدٍ فيها، وهي أخطرها عند ترك الهاتف في التصليح، إذ يعمد صاحب المحل أو الموظف إلى سرقة البيانات والصور الشخصية لابتزاز صاحب الهاتف، تماماً كما حصل مع ندى* ابنة الثلاثين عاماً التي تروي لـ"العربي الجديد"، أنها تركت هاتفها في محلّ التصليح بعدما تحطمت شاشته، لتلاحظ بعد فترة تعرّضها للتهديد والابتزاز من قبل شخص يملك بياناتها الشخصية وصورها ومعلومات عنها وعن عائلتها، كما قام بفبركة صور فاضحة لها عبر برنامج "فوتوشوب"، استخدمها لتهديدها بأنه سيرسلها إلى عائلتها في حال لم تدفع له ألفي دولار أميركي، عندها سارعت لإخبار أهلها وإخوتها الذين وقفوا إلى جانبها ودعموها وواجهوا المبتز عندما اتصل بهم أكثر من مرة لتهديدهم، وعندها قدّمت شكوى لدى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية لكنّها لم تصل إلى نتيجة، فلجأت إلى خبير مواقع التواصل الاجتماعي أمين أبو يحيى الذي وصلها بصديقه المهندس جوني (فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية)، المختص بكشف الحسابات الوهمية وهويات أصحابها، والذي تمكن من كشف صاحب الحساب.
وتخبر "ندى"، أنّها قامت بإغلاق حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسافرت إلى الخارج، ومرّت بفترة صعبة جدّاً هي الأسوأ، خصوصاً أنه عمد كذلك الى فتح حسابات باسمها مستخدمًا صورها وكان ينشر مواضيع سياسية ويتحدث إلى الناس، في تصرفات فيها تشويه سمعة وتشهير وابتزاز، حتى أنه أخبر أصدقاءها عبر "فيسبوك" أنها مدينة له بأموالٍ طائلة.
وتواصلت "العربي الجديد" مع المهندس جوني، الذي أشار إلى أنّه "يملك برامج تختص بكشف هوية صاحب الحساب أيّ المبتز ومساعدة الضحايا، كان قد اشتراها من نيجيريا حيث كان يقيم، ومنها برنامج تعقب الـIP، أي العنوان الرقمي الذي مكّنه من تعقّب صاحب الحساب والكشف عن اسمه ومكان وجوده بعد نحو ثمانية أيام على بدء عملية البحث، إذ تبيّن أنه مقيم في إزمير التركية، وتواصل معه من رقم تركي واكتشف أنه كان يعمل في المحل حيث وضعت ندى هاتفها وهرب عندها إلى تركيا".
ولفت إلى أنّ قيمة البرامج المختصة بكشف هوية الحسابات الوهمية أو حتى الهاكينغ وتعقبها تبدأ من 250 دولارا وصعوداً، والشبكات الأهم في هذا المجال هي في نيجيريا والهند وروسيا، من هنا نجد أن عمليات ابتزاز كثيرة تحصل في نيجيريا ودول أفريقيا بشكل خاص حيث يُطلق على مجموعات احتيال إلكترونية لقب عصابة "419" محذرا من غياب ثقافة الخصوصية والوعي بكيفية استخدام وسائل التواصل بشكل سليم، وينبّه إلى ضرورة "أخذ الحذر من برامج المواعدة، وبعض البرامج المخصصة للشراء والبيع الإلكتروني".
كيف يمكن مواجهة الاختراق ؟
ينبّه أمين أبو يحيى، إلى أنّ على كلّ شخص أن يتأكّد من الصفحة أو الحساب الذي يتواصل معه، ويقوي الرقم السري لحساباته مستخدماً أحرفاً وكلمات كبيرة وصعبة ومعقدة، ويحرص على تغييره كل فترة مع ربطه بهاتفه وتقوية بريده الإلكتروني، ويمتنع عن فتح أي رابط يأتيه خصوصاً من شخص غريب لأنه قد يؤدي إلى سرقة الحساب، وهذا أيضًا من أنواع القرصنة. والحذر من إرسال هاتفه إلى محل التصليح، من دون حماية بياناته قبل ذلك.
ويصرّ أبو يحيى على ضرورة عدم قبول طلب صداقة أشخاص غير موثوق بهم، والتأكد قبل قبولهم من الصور المنشورة على صفحته والبروفايل ولائحة الأصدقاء ومنشوراته السابقة التي تظهر وجود حركة طبيعية على الحساب، "من هنا فإنّ الوقاية أهم من مئة علاج، مع ضرورة الوعي والإدراك والتنبّه منذ البداية كي لا نسقط ضحايا "كبسة قبول طلب الصداقة". وفي حالة التعرض للابتزاز ينصح من تم اختراق حسابه بأن يبلغ أصدقاءه بأنه يتعرض للابتزاز، محذّرا إياهم من عدم قبول أي رسالة منه أو الدخول على أي رابط يصلهم منه، والتبليغ عن الحساب من خلال فيسبوك، ما يساهم في حظر الحساب.
الخبير جوي خليل، يلفت في هذا السّياق، إلى ضرورة عدم إرسال الهاتف إلى أي مكان لتصليحه، بل إلى وكيل الشركة، والذي من المستبعد قيامه بأي عملية سرقة للبيانات، ولكن في حال التوجه إلى محل عادي، يمكن للشخص أن يدخل الهاتف إلى وضع "Service Mode" والذي يمنع صاحب المحل من رؤية البيانات والصور، إلّا في حالة تحطم الشاشة ففي هذه الحالة لا يمكن حماية محتويات الهاتف ومن الأفضل أخذه إلى الشركة.
مواجهة قانونية
يمكن تكييف جرائم الابتزاز قانونياً، وفقاً للمواد 469 من قانون العقوبات وما يليها، التي تتعلق بانتحال الهوية بهدف الاحتيال أو الإساءة إلى السمعة والتشهير، بالإضافة إلى المادّة 650 المتعلقة بالتهديد والابتزاز مثل فضح معلومات تم الاستحصال عليها عبر الإنترنت وابتزاز الشخص المهدّد، وهناك أيضاً حماية الخصوصية المعلوماتية عبر قانون حماية الملكية الأدبية والفنية رقم 75، تاريخ: 03/04/1999.
ويفرق المحامي حسنا، بين أنواع الجرائم المتعلّقة بهذا الملفّ، والتي تنقسم بين جنايات وجنح، إذ تختلف من حيث العقوبات بين القاصر والبالغ، فإذا كان التهديد من شخصٍ عاقلٍ إلى آخر فوق سنّ الرشد (18 عامًا) يبقى في إطار الجنحة، أما إذا كانت الضحية قاصرًا فيعدّ الفعل الجرمي جناية.
وعن المراجع المختصّة في قضايا كهذه، يشير المحامي حسنا، إلى أنّ الشكوى تقدّم من "الضحية" ضدّ مجهول وذلك أمام النيابة العامة الاستئنافية حيث مكان سكنه أو مكان ارتكاب الجرم، فإذا كان المدعي من طرابلس على سبيل المثال، تكون النيابة العامة المختصّة في الشمال. ويلفت إلى أنّه في السّابق كانت الشكاوى تحوّل الى مخفر الدرك في المحلّة لكن عند افتتاح مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية، باتت تحوّل مباشرة إليه من النيابة العامة.
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنّه عند معرفة المبتزّ، تعمد عناصر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في وحدة الشرطة القضائية إلى توقيفه ومن ثم إحالته إلى المرجع المختصّ، وعادةً ما يتمّ الادعاء عليه بجرم الاحتيال أي وفق المادة 655 عقوبات (عدلت بموجب 239 /1993) والتي تنصّ على أنّ "كلّ من حمّل الغير بالمناورات الاحتيالية على تسليمه مالا منقولا أو غير منقول أو أسنادا تتضمن تعهدا أو إبراء أو منفعة واستولى عليها يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مئة ألف إلى مليون ليرة لبنانية". ومن أهم هذه المناورات وفق المادة المذكورة في بندها الرابع "استعمال اسم مستعار أو صفة كاذبة للمخادعة والتأثير".
لكن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تؤكد أنّ "أيّ تحقيق أو توقيف بهذه الجرائم يتم بناء على إشارة القضاء المختص وبالتنسيق معه، وذلك استناداً إلى القوانين اللبنانية المرعية الإجراء كقانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية والقانون رقم 81/2018 المتعلق بالمعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي وعند توقيف الفاعل أو المشتبه به يتم الاستماع إلى إفادته وتتم مواجهته بالأدلة والقرائن الموجودة لدى المكتب ومن بعدها سوقه إلى المرجع القضائي المختص لإصدار الحكم المناسب بحقه".
التأثير النفسي
المعالجة النفسية رنا خباز، تفرّق بين حالات القاصر والراشد في حديثها لـ "العربي الجديد"، وتقول إنّ البالغ مدرك وواع لتصرّفاته أكثر ويعلم الأساليب التي يمكن أن يلجأ إليها في حال تعرض للابتزاز الرقمي مثل المراجع الأمنية او القضاء المختصّ بعكس القاصر.
وأشارت إلى أنّ التأثيرات النفسية على القاصر الذي يتعرّض للابتزاز أو التهديد، هي نوعان قصيرة وطويلة المدى، ففي تلك القصيرة، تبدأ علاماته المدرسية في التراجع، كما يصبح معزولاً عن أصدقائه وزملائه وحتى أهله، ويتغيّب عن اللقاءات العائلية، ودائماً ما يشعر بالقلق والخجل، كما هناك تأثيرات تطاول ساعات النوم، والطعام، إذ يلجأ بعضهم إلى الإفراط في الطعام، وآخرون إلى التوقف عن تناول المأكولات ما يتسبّب بأمراض كثيرة، وكذلك يشعر القاصر بأوجاع في البطن والرأس لأسباب يجهلها وبعيدة عن أي مرض أو أسباب صحية وصولاً إلى ظهور علامات بداية الكآبة التي تتطوّر مع التأثيرات السلبية الطويلة المدى، وتصل إلى حدّ الإدمان سواء على الكحول أو المخدرات، أو حتى الانتحار، ما يصعب عليه أيضاً الدخول في أي علاقة سواء عاطفية أو صداقة، ولا سيما أنه يفقد الثقة عندها في محيطه.
وتعتبر خباز، أنّ القاصر عادةً ما يلجأ إلى التواصل مع غرباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً حين يشعر بالثقة بهم، نتيجة نقصٍ في منزله أو مشاكل عائلية جعلته وحيداً ودفعت به إلى اللجوء إلى العالم الافتراضي أو الإنترنت، حتى أن المبتزّ الذي يكون بالغاً يلعب على نقطة ضعف الضحية ويشعره أيضاً بأنه مظلوم ويتفهّم وضعه، فيكسبه إلى صفه ويميله إليه وصولاً إلى تبادل الصور والمعلومات الشخصية. وهنا يسأل الأهل الذين لم ينتبهوا إلى أولادهم ويخصصوا وقتاً لهم، ولم يتنبّهوا أيضاً إلى العلامات التي بدأت تظهر عليهم والتغييرات التي طرأت على حياة أولادهم القصّر.
ومن العلامات التي على الأهل التنبّه إليها، تقول خباز، "عندما يصبح القاصر عصبيّاً بمجرد استعماله الهاتف أو الحاسوب أو الإنترنت بشكل عام، ويصبح كذلك حريصاً على أغراضه الإلكترونية، ويخفيها عن أهله، أو يقرر فجأة الابتعاد عن الإنترنت كليا، خوفاً من أن يرى صوره أو أي معلومة عنه.
وتلفت أيضاً، إلى أنّ الحالة النفسية تلعب دوراً كبيراً في إقدام الضحية على تقديم شكوى إلى المراجع الأمنية والقضاء، لأنّ الأخير في معظم الحالات يشعر بالخجل والذنب لأنه أرسل الصور وفتح مجال لشخص غريب بالتواصل معه ومشاركته بياناته وصوره وفيديوهاته ومعلوماته الشخصية، خصوصاً في ظلّ غياب التوعية الكافية سواء من الأهل من دون أن ننسى فارق التطوّر بين الجيلين على صعيد "التواصل الاجتماعي"، ونظرة المجتمع، من هنا يتفادى الضحية سلوك أي إجراء قضائي، حتى أن بعضهم يفضل أن يبقى على تواصل مع المبتزّ حتى يشعر بالأمان بأنّ صوره أو فيديوهاته لن تنشر.