وقد استحوذت الدول غير الزراعية على معظم هذه التدفقات، فاستحوذت السعودية والإمارات على نصف الاستثمارات بسبب بعدهما النسبي عن بؤر الصراع في دول الربيع العربي وجذب الاستثمار النفطي لهذه التدفقات، لكن الوضع سيختلف بلا شك في ظل انخفاض أسعار النفط لمدة طويلة وكذلك أحداث عاصفة الحزم، التي بدأت بعد كتابة هذا التقرير.
وبالرغم من تراجع الاستثمارات الوافدة إلى الدول العربية، شهدت تدفقات الاستثمارات العربية لخارج الدول غير العربية زيادة بنسبة 62% عام 2013.
وتعزى الزيادة الحاصلة إلى التدفقات المتزايدة الخارجة من دول مجلس التعاون الخليجي، بالتزامن مع ارتفاعات بارزة في احتياطيات النقد الأجنبي في هذه الدول، خاصة الكويت، التي تصدرت المرتبة الأولى عربيا في تصدير الاستثمار، وتلتها من حيث الأهمية النسبية قطر، ثم السعودية، فعُمان، والبحرين.
وفي ظل التطورات الحالية والأوضاع السائدة في المنطقة العربية، فإنه من المرجح استمرار تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة من المنطقة بوتيرة متصاعدة.
وتشير بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية 2012 – 2013 إلى أن الاستثمارات العربية البينية سجلت انخفاضا كبيرا بنسبة 73% في عام 2012 عن العام الذي سبقه، وأن المغرب تصدرت قائمة الدول المضيفة للاستثمارات العربية البينية لعام 2012، أما بالنسبة للتوزيع القطاعي للاستثمارات العربية البينية، فقد تركزت في معظمها في قطاعي الخدمات بنسبة 69.4%، والصناعة بنسبة 30.3%، مقابل نسبة 0.3% لقطاع الزراعة.
ومع تلاشي حصة القطاع الزراعي العربي من إجمالي الاستثمارات العربية وغير العربية، فقد فشل العمل العربي المشترك في مجال الزراعة، مع عدم تنفيذ مشاريع الأمن الغذائي التي طرحت في سنوات الثمانينات من القرن العشرين، والتي تجعل من السودان بإمكاناته الزراعية الضخمة "سلة للغذاء العربي" لتحقيق الأمن الغذائي.
وكانت المحصلة أن بلغ مجموع ما استوردته الدول العربية من القمح فقط 41 مليون طن، بما يعادل 27% من المتاح للتداول على مستوى العالم.
ومن المتوقع زيادة واردات القمح للدول العربية بنحو 75% على مدى الثلاثين سنة المقبلة، لتصل إلى 71 مليون طن، مع العلم أن المنتج حالياً لا يتعدى 27 مليون طن.
هذا في ظل تخلف في معدل إنتاج وحدة المساحة من هذا المحصول الاستراتيجي لأكثر من نصف المعدل العالمي، ولحسن الحظ، فإن 50% من الزيادة في إنتاجية المحاصيل ترجع إلى استخدام البذور عالية الإنتاج، وهي تكنولوجية غير مكلفة.
ولو تم استثمار خمسة مليارات دولار فقط في هذه الصناعة لزاد إنتاج القمح العربي إلى الحد المطلوب للاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي، ولكن كيف والزراعة لازالت بعيدة عن تركيز المستثمر العربي.
اقرأ أيضا: أدركوا صناعة البذور قبل المجاعة العربية الكبرى