الانتظار الطويل أمام قصر العدل السوري

13 مارس 2014
+ الخط -

 

عند المدخل الجانبي لقصر العدل، من جهة سوق الحميدية، يتجمعن كل صباح ولا يبارحن مكانهن حتى نهاية الدوام الرسمي. مجموعة من النساء يقل عددهن في الصباح ويرتفع مع منتصف النهار، موعد جلب الموقوفين إلى "قصر العدل". وبمجرد وصول باص نقل الموقوفين الى المدخل يتراكضن نحو الباب. تبتسم وتفرح من رأت وجها كانت تبحث عنه، وتصعب حال من لم تجد الوجه الذي تبحث عنه.

تقول فداء: "ننتظر يومياً منذ أسبوع جلب أخي الى المحكمة  لكنهم لا يأتون به. فنذهب الى المحامي الذي يؤكد أنهم سيجلبونه غدا. فننتظر لعل وعسى".

لا تعرف فداء، الصبية العشرينية، تهمة شقيقها. ما تعرفه فقط أن أخاها أوقف على الحاجز منذ سبعة أشهر. تتابع: "المحامي يقول إن التهمه إرهاب. لكن ما هو الارهاب الذي يمكن أن يقوم به طالب في الجامعه؟". سؤال لا تجد له جوابا.

وتحكي بشرى قصتها: "ذهب زوجي ليقبض راتبه في  دير الزور كما هي العادة. أُنزل على الحاجز ونقل إلى الأمن العسكري، وبعد أشهر عدة أحيل الى دمشق. ثم بعد خمسة أشهر أخرى أحيل الى سجن عدرا، ونحن ننتظر إحالته الى المحكمة منذ شهرين. وقد وعدنا أنه سيعرض اليوم على المحكمة لكنه لم يكن ضمن الموقوفين الذين جيء بهم".

يقول عبد الرحمن: "هذه حالنا خلال المحاكمة. ننتظر ونراقب ولا نحصل على شيء. أما السماسرة فليس أكثر منهم. المشكلة أن جميعهم يعدك خيراً ويريدون أن يقبضوا على مجرد  الوعد". يتابع: "ليس هناك مشكلة بالدفع لكن يجب أن تكون هناك نتيجة. بالغالب فإنه من الصعوبة بمكان الحصول عليها". 

داخل "قصر العدل"، في الطابق الأرضي، علّقت على الجدار مجموعة من الأوراق المنسوخة نسخا سيئا عن آلة التصوير. كتب في أعلاها عبارة تبين أن هذه الأسماء غير موجودة لدى النيابة العامة. تتجمع حول هذه الأوراق، وعلى مدار اليوم، مجموعات من الباحثين عن أبنائهم.

تسأل سيدة طاعنة في السن شاباً في مقتبل العمر يبحث في اللوائح المعلقة على الجدار عن ولدها. طلب منها تقديم طلب للنيابة العامة، ففعلت، لكن النتيجة سلبية. تسأل: "اذا لم يكونوا يعلمون فمن يعلم؟". يجيب الشاب: "الله المفرج والمعين".

يقول أبو خليل: "اعتقل ولداي في دمشق منذ سنتين عندما ذهبا لزيارة أخيهما العسكري بتهمة التحريض على الانشقاق. وبعد سنة أطلق سراح الاول من فرع المنطقة بعد صدور مرسوم عفو رئاسي. الثاني كان موعوداً بإطلاق السراح بعد أيام من إطلاق سراح أخيه. فقد أخذ إلى المشفى العسكري بالمزة لعرضه على الطبيب نتيجة سوء حالة قدمه ومنذ ذلك الحين لا نعرف عنه شيئاً". يضيف: "دفعنا هنا ودفعنا هناك وذهبنا الى هذا وذاك ولكن بدون فائدة. كأن ابني اختفى من الوجود".

قد تصيب محاولات العائلات في البحث عن أبنائها المعتقلين وقد تخيب أحياناً لكن يبقى المثل القائل " الداخل مفقود والخارج مولود" الأكثر تعبيراً عن نتائج الواقع مهما بحث الأهالي وتوسطوا ودفعوا من أموال.

دلالات