البشير يعلن الطوارئ وحل الحكومة... واحتجاجات ليلية رافضة لخطابه

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
22 فبراير 2019
7B23F23B-A50A-4806-9AE0-E852AE3FBCAA
+ الخط -
أعلن الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي يواجه احتجاجات شعبية واسعة في البلاد منذ أكثر من شهرين، مساء الجمعة، فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء السودان، وحل حكومة رئيس الوزراء معتز موسى، فضلًا عن حكومات الولايات، داعيًا في الوقت ذاته البرلمان السوداني لتأجيل مناقشة التعديلات الدستورية التي من شأنها أن تخوّله الترشح لولاية رئاسية جديدة.

وأعلن البشير، في خطاب له مساء اليوم الجمعة، أنه سيشكل حكومة كفاءات للفترة المقبلة، وأن يكون رئيساً "يقف على مسافة واحدة بين مختلف الأحزاب"، داعياً كافة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة للحوار لتشكيل حكومة انتقالية، تقود البلاد في الفترة المقبلة، مؤكداً أن وثيقة الحوار الوطني ستكون أساساً متيناً للمّ شمل القوى الوطنية.

واعتبر البشير أن الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الفترة الأخيرة، "بدأت بمطالب مشروعة، لكن البعض حاول القفز في صفها الأول واستغلالها من أجل خيارات صفرية، وبث سموم الكراهية والإقصاء بين أبناء الوطن"، وأن "الأسوأ فيها هو فقد نفر عزيز من أبناء الوطن"، مشيراً إلى أنه "وبمجرد الانتهاء من تحقيقات النيابة العامة، فإن القانون سيكون هو الفيصل لتحقيق العدل".

وأكد أنه "تابع الاحتجاجات متابعة دقيقة"، مستطردًا بأن "الدروس المستفادة من خلال تجربتنا تشير إلى الآتي: لا بديل للحوار إلا الحوار، في قضية الوطن الكل كاسب فلا منتصر ولا مهزوم"، مؤكدًا أن "الخيارات الصفرية والعدمية لن تحل مشكلة البلاد".

وقبيل خطاب البشير وبعده، شهد عدد من أحياء العاصمة الخرطوم خروج تظاهرات وتجمعات شعبية رافضة للخطاب، وما جاء فيه من قرارات.

وردد المتظاهرون في كل من الديم وبري والثورة وشمبات وأحياء أخرى، الهتافات المعتادة للحراك الشعبي وأبرزها هتاف "تسقط تسقط بس"، والتي تعني رفض كل الخيارات باستثناء تنحي البشير والنظام ككل، فيما دعا تجمع المهنيين السودانيين لمواصلة الاحتجاجات وعدم الاهتمام بالقرارات الأخيرة لحين سقوط النظام.

وتعقيبًا على ذلك، قال ساطع الحاج، القيادي بقوى الإجماع الوطني المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن الخطاب "جاء أدنى من طموحات وتطلعات الشعب السوداني"، وإن "الجديد فيه هو إعلان حالة الطوارئ كحل أمني، وليس هناك أي أفق سياسي لحلول سياسية واقتصادية"، معتبرًا أن "حديث البشير عن الحوار هو طرح قديم في ثوب جديد".


وأكد الحاج أن "المعارضة السودانية لن تلتفت لدعوة الحوار التي وجهها البشير"، وأن "تحالف المعارضة الموقع على إعلان الحرية والتغيير سيمضي في التزامه بنص الإعلان، والاستمرار في المطالبة بتنحي رئيس النظام وتشكيل حكومة انتقالية لمدة 4 سنوات، على أن يكون لها برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي ينتهي بانتخابات حرة ونزيهة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وتحقيق مصالحة وطنية، ومحاكمة كل الذين أفسدوا خلال 30 عاماً من عمر النظام".


من جهته قال الناشط الحقوقي معز حضرة، لـ"العربي الجديد"، إن إعلان البشير فرض حالة الطوارئ "سيسمح بمزيد من انتهاك حقوق الإنسان ومبادئ الحريات"، مشيراً إلى أن "تلك الحقوق كانت أصلًا منتهكة حتى قبل إعلان الطوارئ"، منوهاً إلى أن "إعلانها ليس له أي مبررات دستورية، لأن الخطر الآن يهدد النظام ولا يهدد البلد، بالتالي أراد بها البشير حماية نظامه".

وأوضح حضرة أن "خطاب البشير خلا من أي حلول سياسية، بل مضى للحلول الأمنية"، وأنه "للأسف الشديد لم يشمل حتى خطوة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية الاحتجاجات الشعبية".

إلا أن حزب المؤتمر الوطني استبعد على لسان عضو مكتبه السياسي، الشيخ النذير الطيب، تأثير إعلان الطوارئ على الحريات السياسية وحقوق الإنسان، قائلًا إنها "ستستخدم فقط لمحاربة الفساد ومكافحة التهريب وكل المهددات الاقتصادية التي أثرت على الأداء الاقتصادي".

كما استبعد الطيب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "حدوث انشقاقات داخل الحزب الحاكم نتيجة لتلك القرارات التي فهمها البعض على أنها على حساب الحزب، وتخليًا من البشير عنه"، كاشفاً عن حدوث تباين في وجهات النظر حول تلك القرارات خلال اجتماع المكتب القيادي للحزب الذي انعقد قبل خطاب البشير بفترة قصيرة، لكن حضور كل أعضاء المكتب للخطاب من داخل القصر يظهر تأييدهم للقرارات.

أول قرارات الطوارئ

أصدر الرئيس السوداني، عمر البشير، مراسيم  جمهورية قضت بتكليف وزراء وأمناء عامين وحكام ولايات، لتصريف أعمال الحكومة، وذلك بعيد ساعات من خطاب له مساء الجمعة، أعلن فيه حل الحكومة المركزية وحكومات الولايات وإعلان حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد لمدة عام.

ونصت المراسيم على تكليف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتصريف مهام وزاراتهم، على أن يكلف فضل عبدالله فضل بمهام وزارة رئاسة الجمهورية، وحامد ممتاز وزيراً لديوان الحكم الاتحادي، وأحمد سعد عمر وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، والفريق أول عوض بن عوف  وزيرا للدفاع، والدرديري محمد أحمد وزيرا للخارجية، ومحمد أحمد سالم وزيرا للعدل.

كما كلف البشير 18 من كبار الضباط بمهام حكام الولايات، منهم ضابط واحد من الشرطة واثنان من الأمن والبقية من ضباط الجيش.

ذات صلة

الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
الصورة
توزيع مساعدات غذائية لنازحات من الفاشر إلى القضارف (فرانس برس)

مجتمع

ترسم الأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع في مدينة الفاشر السودانية، وتؤكد أن الخناق يضيق على السكان الذين يتعرّضون لهجوم من كل الجهات.
الصورة
متطوعون في مبادرة لإعداد وجبات طعام بود مدني (فرانس برس)

مجتمع

زادت الحرب في السودان عدد المحتاجين الذين وقعوا ضحايا للظروف السيئة وواقع خسارتهم ممتلكاتهم وأعمالهم واضطرارهم إلى النزوح.
الصورة

سياسة

كوارث هائلة لا تزال حرب السودان تتسبب بها بعد مرور عام على اندلاعها. مقدار المآسي وغياب آفاق الحل والحسم يفاقمان هشاشة أحوال هذا البلد.