اقرأ أيضاً: الجزائر تصف تصريحات المغرب حول "تندوف" بـ"غير الملائمة"
أجواء لا توحي بأن التوتر الجزائري المغربي سيخمد قريباً؛ وهو ليس سوى فصل من أزمة تاريخية متجددة، يلاحظ فيها على الدوام، أنه كلما تقاربت المواقف وبرزت إمكانية تجاوز الخلافات الدائمة بين البلدين منذ عام 1975، قصمت تصريحات وأحداث سياسية ظهر العلاقات المتأزمة أصلاً.
وبعد خطاب الملك المغربي، الذي اتهمها فيه باستعداء المغرب، وتهديد وحدته الترابية، بسبب دعمها لجبهة البوليساريو، حمّلت الجزائر الرباط مسؤولية التوتر الجديد. وجاء أول ردّ من قبل زير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الذي اتهم الرباط باختلاق تصعيد سياسي مع الجزائر، وقال إن المغرب لايزال يسعى إلى تعميق الهوة مع الجزائر، وإن "التصريحات غير الملائمة الصادرة أخيراً عن ملك المغرب اتجاه الجزائر بسبب دعمها المطلق لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير لها وقع المراهنة على الأسوأ".
ومنذ عام 1975 دبت الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر بسبب قضيه الصحراء، وتحديداً منذ احتضان الجزائر لجبهة البوليساريو، التي تنادي باستقلال الصحراء عن المغرب، وأدت هذه الخلافات الى أزمات سياسية متواصلة وإغلاق الحدود منذ عام 1994.
وتصرّ الجزائر، وهي القوة العسكرية الأولى في أفريقيا، بعد سلسلة الصفقات العسكرية الكبيرة التي أنجزتها في العقد الماضي، عند ارتفاع حدّة التوتر، على ما تعتبره تعففا سياسيا عن الدخول في جدل سياسي مع الجار المغربي، وتؤكد أنها لن تلجاً الى الحلول العسكرية لتسوية خلافاتها مع خصومها، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الجزائري أخيراً بقوله "انطلاقاً من دستورنا الذي يملي علينا أن نسوي سلمياً الخلافات الدولية ونساهم في السلم والأمن وتحقيق أهداف الأمم المتحدة، نمتنع عن تأجيج الأوضاع".
ويرى مراقبون أن تجدد التراشق السياسي بين البلدين لم يعد حدثاً لافتاً. ويقول المحلل السياسي زهير بوعامامة، لـ"العربي الجديد"، إن "المسؤولين في المغرب لا يفوتون فرصة لتوجيه اتهامات الى الجزائر بالوقوف وراء جبهة البوليساريو، وتهديد وحدته الترابية؛ ففي أغسطس/آب 2014 هاجم وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الجزائر بشكل عنيف، واتهمها باستخدام النفط لزعزعة الوحدة الترابية للمغرب، وردت عليه الجزائر باتهام المغرب بتبني وممارسة استراتيجية التوتر وسياسة القطيعة، وهذا يتسبب في توتر العلاقات الجزائرية المغربية وتعطيل بناء الصرح المغاربي"، على حدّ تعبيره.
بدوره، يرى الخبير في الشؤون السياسية قوي بوحنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المغرب، الذي يقلقه الموقف السياسي والعملي للجزائر إزاء قضية الصحراء، انتقل الى خط سياسي مضاد"، في إشارة الى سعي الرباط، كما حدث في آخر اجتماع أممي في نيويورك، إلى طرح قضية الأمازيغ في الجزائر، ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مطالب حركة أمازيغية بالحكم الذاتي في منطقة القبائل في الجزائر، في ردّ على موقف الأخيرة.
وإضافة إلى قضية الصحراء، هناك جملة من العوامل المؤجّجة للتوتر بين البلدين، ومنها تهريب المخدرات المغربية إلى الجزائر؛ ففي يونيو/حزيران 2013، كشفت الخارجية الجزائرية عن مفاوضات سرّية جرت بين الجزائر والمغرب، هدفت إلى الاتفاق على خطوات لفتح الحدود بين البلدين. غير أنّ الجزائر اتهمت المغرب بإفشال هذا المسعى بسبب محاولته فرض شروط مسبقة لفتح الحدود المغلقة منذ عام 1995، دون حل مشكلة عمليات تهريب المخدرات إلى الجزائر انطلاقاً من التراب المغربي. كما اتهمت المغرب بالخروج عما عرف بتفاهمات فبراير/شباط 2012 التي نصت على التعاون الجدي في مكافحة تهريب المخدرات ووقف حملة التشويه ووضع قضية الصحراء بمعزل عن تطبيع العلاقات الثنائية.
وكان لهذا التوتر المستجد بين البلدين، تأثير سلبي على النسيج الاجتماعي لسكان المناطق الحدودية، التي تأثرت بشكل مباشر بالأزمة وإغلاق الحدود، اذ تضطر عائلات جزائرية ومغربية تجمعها علاقات مصاهرة، إلى السفر بالطائرة إلى الدار البيضاء المغربية أو وهران الجزائرية للوصول إلى عائلاتها. كما تخسر المغرب والجزائر ملايين الدولارات بسبب ضعف التبادل التجاري والاقتصادي نتيجة الخلافات السياسية، فيما تستفيد أوروبا من ذلك.
اقرأ أيضاً: الجزائر: انتقال الخطر إلى الجنوب يخلق خطة أمنية جديدة