من المتوقع أن يتزايد قلق المستثمرين في الأسواق المصرية من معدل التضخم المرعب، الذي أعلن عنه البنك المركزي في القاهرة اليوم، خاصة المستثمرين الأجانب، أصحاب العملات المرتبطة بالدولار، والمستثمرين الأوروبيين، أصحاب عملات اليورو.
وعادة ما يؤدي ارتفاع التضخم إلى تآكل الأرباح بالنسبة للمستثمر الأجنبي، الذي يتخوف من انخفاض القيمة الحقيقية لرأسماله وكذلك المداخيل التي يحققها من الاستثمار عندما يرغب في تحويلها من الجنيه المصري إلى عملات حرة.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الخميس، أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية قفز إلى 33% في يوليو/تموز من 29.8% في يونيو/حزيران مع تسارع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة.
وهذا هو أعلى مستوى للتضخم في المدن منذ يونيو/حزيران 1986 عندما بلغ 35.1% وفقا لحسابات "رويترز"، كما أنه ثاني أعلى مستوى على الإطلاق منذ بدء تسجيل بيانات تضخم المدن عام 1958. ولكن حسابات أخرى تضع هذا المعدل الأكبر منذ العام 1942.
وعلى أساس شهري قفزت وتيرة تضخم أسعار المستهلكين في المدن إلى 3.2% في يوليو/ تموز من 0.8% في يونيو/حزيران.
وقال البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، إن معدل التضخم السنوي الأساسي قفز إلى 35.26% في يوليو/تموز من 31.9% في يونيو/حزيران، مسجلاً أعلى مستوى منذ أن بدأ البنك في تسجيل بيانات التضخم في 2005. ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعاً مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها. وهذا يعني أن معدل التضخم عند حساب هذه السلع سيقفز إلى أعلى من 35%.
وقالت ريهام الدسوقي، من أرقام كابيتال، لرويترز:" الزيادة هذا الشهر بسبب زيادة التكاليف على الشركات بعد ارتفاع أسعار المواد الخام وزيادة أسعار الوقود".
وتأتي الزيادة في مستويات التضخم بمدن مصر بعدما رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية في نهاية يونيو/حزيران، بنسب تصل إلى 50% في ثاني زيادة خلال ثمانية أشهر. وزادت أسعار الكهرباء في يوليو/ تموز بنحو 40%. ولا تزال الحكومة المصرية في بداية مشوار تطبيق وصفة صندوق النقد. وهو ما يعني أن الحكومة المصرية سوف تطبق خلال الشهور المقبلة مزيداً من وجبات التقشف ورفع الدعم الحكومي عن السلع.
وقالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث، ومقرها لندن: "التضخم (في مصر) بلغ ذروته حالياً بفعل عدد من العوامل غير المتكررة التي ستتلاشي تدريجياً خلال الستة إلى التسعة أشهر القادمة... نعتقد أنه سيبدأ في الانخفاض بأسرع من المتوقع".
وخلال الأشهر القليلة الماضية رفعت الحكومة أسعار جميع السلع والخدمات التي تدعمها، من وقود وكهرباء ومياه ودواء ومواصلات. وقالت الدسوقي: "الشركات غير قادرة على زيادة أسعارها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة حتى لا يتضرر الطلب أكثر من ذلك. أتوقع أن يتراوح معدل التضخم الشهر المقبل بين 32 و33 %".
وأظهرت نتائج أعمال بعض الشركات الغذائية المقيدة في بورصة مصر تدهور أرباح الشركات خلال الربع الثاني من هذا العام، بفعل قفزات معدل التضخم في البلاد وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين.
لكن الشركات رفعت مصروفات البيع والتوزيع في محاولة منها لزيادة الترويج والإعلان من أجل الحفاظ على حصصها السوقية، وتنشيط حركة المبيعات، التي تراجعت بفعل انخفاض الشهية والقدرة الشرائية للمستهلكين جراء ارتفاع أسعار المنتجات والسلع.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية 200 نقطة أساس في أول يوليو/تموز، ليصل إجمالي رفع أسعار الفائدة إلى 700 نقطة أساس في أقل من تسعة أشهر، وألف نقطة أساس في نحو عام ونصف العام.
وكان التضخم قد بدأ موجة صعود حادة عندما تخلت مصر في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار، ورفعت حينها أسعار الفائدة 300 نقطة أساس بجانب زيادة أسعار المحروقات.
(العربي الجديد، رويترز)