قررت النقابات المستقلة في الجزائر التصعيد من لهجتها تجاه الحكومة، وذلك بعد تهديد وزارة العمل بتصفية النقابات التي رفضت تجديد ملفات اعتمادها في المهلة المنتهية في بداية إبريل/ نيسان الحالي، ما اعتبرته النقابات تضييقاً على الحريات فقررت النزول إلى الشارع ورمي الملف إلى العمال للضغط على الحكومة.
وكان وزير العمل الجزائري مراد زمالي قد كشف نهاية الأسبوع الماضي أن "35 نقابة من أصل 63 نقابة ناشطة، لم ترسل إلى وزارة العمل أي معلومات حول العناصر التي تسمح بتقدير تمثيلها في الأجل المحدد قانوناً 31 مارس/ آذار الماضي".
وأبرز زمالي أن "النقابات التي لم تستوف الشروط المحدّدة من الوزارة بخصوص نسبة التمثيل النقابي وسط العمال، وفقا لما ينص عليه القانون، ليس لها الحق في تقديم أرضية مطالب أو المشاركة في مفاوضات أو الدعوة إلى الإضراب".
وكانت وزارة العمل قد دعت كافة المنظمات النقابية إلى إرسال كل المعلومات المتعلقة بالعناصر التي تسمح بتقدير تمثيلية منظماتهم النقابية في أجل لا يتجاوز 31 مارس/ آذار 2018.
وخرج اجتماع التكتل النقابي الذي يضم نقابات من 7 قطاعات، مساء السبت الماضي، بالاتفاق على إقامة حركة احتجاجية في بداية مايو/ أيار القادم، لما يرمز إليه هذا اليوم للطبقة العمالية، وبالنظر لما تسميه النقابات المستقلة في البيان الذي أصدرته، بـ"المضايقات التي تتعرض لها النقابات المستقلة وضرب الحرية النقابية في الصميم".
ويرى العمال أن وزارة العمل تماطل في اعتماد أكثر من نصف النقابات بدون أسباب واضحة، ما دفعهم إلى التحرك نحو التصعيد.
وقال رئيس النقابة الجزائرية لممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النقابات المستقلة المجتمعة أجمعت على الاحتفال باليوم العالمي للعمال المصادف بداية شهر مايو/ أيار القادم، بطريقة خاصة تتماشى والأوضاع المسجلة في البلاد، كوننا نعيش ضغطا غير مسبوق، حيث قررت التنظيمات النقابية اعتبار هذه المناسبة (يوم حداد وطني) بالنسبة للعمال، لأنه عوض أن تعمل السلطة على منحهم المزيد من الامتيازات قررت التصدي لهم بقوانين ظالمة".
وأضاف مرابط أن "هذا اليوم سيشهد حشدا لكل الطاقات العمالية من أجل إسقاط كلام الوزير التي يعتبر تهديدا وتطاولا على حق دستوري وهو الحق في الإضراب".
وتصاعدت الأزمة القائمة بين الحكومة الجزائرية والنقابات المستقلة، بعد أن هددت وزارة العمل بحل النقابات الرافضة لتجديد طلب اعتمادها وملاحقة القائمين عليها قانونيا في حال الاستمرار في نشاطهم، وهو ما اعتبرته العديد من النقابات أنه يستهدف إسكات صوت العمال، لا سيما بعد أن شهدت البلاد العديد من الاحتجاجات خلال الفترة الأخيرة.
وفي السياق، قال المكلف بالإعلام في المجلس الجزائري لمستخدمي التدريس مسعود بوديبة، إن "السلطة تريد تطهير الساحة من النقابات التي أزعجتها"، مشيراً إلى أن تصريحات الوزير دليل على ذلك بالإضافة إلى كونها مصدر خطر على الحرية النقابية في البلاد.
وأضاف بوديبة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأولى هو مناقشة القوانين عوض الذهاب إلى الحلول الردعية، فالحكومة تريد أن تعطي الشرعية للنقابات التي دخلت في (صف) الحكومة وتحارب النقابات المتمردة عليها".
من جانبه، قال رئيس نقابة الأئمة جمال غول، إنه "كان الأجدر بوزير العمل إظهار موافقته وتطبيق سلطة قراراته في مواقف تخص العمال عندما طاولهم التضييق".
وبجانب التصعيد المتبادل بين الحكومة والنقابات المستقلة محلياً، دخلت العلاقات بين الحكومة ومنظمة العمل الدولية مرحلة غير مسبوقة من التوتر، مع إعلان وزارة العمل اعتراضها على بعض النقاط في برنامج وفد المنظمة الدولية، في رحلة كانت مقرّرة في مارس/ آذار الماضي، لكن تم إلغاؤها من قبل المنظمة، إثر رفض وزارة العمل مقابلة وفد من خبراء المنظمة لمجموعة من النقابات المستقلة.
وكانت منظمة العمل الدولية قد انتقدت في تقريرها لسنة 2018، عرقلة الجزائر اعتماد النقابات المستقلة، ويتعلق الأمر بـ"النقابة المستقلة لعمال سونلغاز" الممثلة لعمال الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، و"الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال الجزائريين"، التي تضم عدداً من النقابات المستقلة، كالنقابات المستقلة لموظفي الإدارة العمومية والتعليم العالي والمحامين.