قرّرت السلطات الجزائرية منع ندوة سياسية لتكتل المعارضة كانت مقررة، الاثنين، لمناقشة "نماذج الانتقال الديمقراطي الناجح في العالم والوطن العربي"، في وقت جددت فيه قيادة الجيش الجزائري دعوة كافة الفصائل السياسية والشخصيات والتنظيمات المدنية، إلى إبعاد الجيش عن الشأن السياسي، واحترام مهامه الدستورية، وعدم الدفع به إلى التدخل في الشؤون السياسية.
وأعلن حزب "جيل جيد"، المشارك في تكتل المعارضة التي قاطعت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أبريل/ نيسان الماضي، أن السلطات رفضت الترخيص له بتنظيم ندوة سياسية في قاعة داخل مركب مقام الشهيد في أعالي العاصمة الجزائرية.
وبحسب بيان الحزب، فإن السلطات برّرت موقفها بأن الندوة السياسية تتزامن مع التظاهرات الثقافية المنظمة لمناسبة شهر رمضان، لكن الحزب أكد أن القاعة غير محجوزة في التاريخ المطلوب.
وكانت قوى المعارضة قد عقدت مؤتمراً هو الأكبر من نوعه منذ استقلال البلاد عام 1962، في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، وأوصى بتنظيم ندوات سياسية لإشعار المجتمع بأهمية مشروع الانتقال الديمقراطي.
من ناحية أخرى، دعا الجيش الجزائري كافة الفصائل السياسية والشخصيات والتنظيمات المدنية إلى إبعاده عن الشأن السياسي.
وطالبت قيادة الجيش، في بيان نشرته مجلة "الجيش" الناطقة باسم وزارة الدفاع الجزائرية، الأطراف السياسية والقوى المدنية بـ"المحافظة على صورة ومكانة الجيش الوطني الشعبي وعدم إقحامه في مسائل لا تعنيه وهي بعيدة كل البعد عن مهامه والتزاماته".
وأكد البيان أن "الجيش الجزائري انسحب من الساحة السياسية نهائياً، وتفرّغ لبناء جيش عصري احترافي، يؤدي مهامه الدستورية، مع الحرص الكامل على النأي بنفسه عن كافة الحساسيات والحسابات السياسية".
ويرى مراقبون أن تأكيد قيادة الجيش على موقف كانت أعلنت عنه في مارس/ آذار الماضي، يأتي في سياق الرد على مطالبات شخصيات سياسية دعت الجيش الى تأدية دور محوري لضمان إحداث تغيير سياسي سلس، وانتقال ديمقراطي هادئ في البلاد.
وكان رئيس الحكومة الجزائري الأسبق، مولود حمروش، قد طرح، خلال مؤتمر سياسي قبل يومين في مدينة قسنطينة شرقي الجزائر، فكرة إمكانية نجاح التغيير السلمي في الجزائر بفضل دور محوري للجيش "الذي يتوجب عليه القيام بدورٍ ضامن لعملية انتقال ديمقراطي بأقل التكاليف".
كما دعت ثلاث شخصيات سياسية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، هي وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، والناشط الحقوقي، علي يحيى عبد النور، وعضو قيادة ثورة الجزائر، محمد مشاطي، الجيش إلى التدخل لتحمّل مسؤولياته في ضمان الممارسة الديمقراطية الشفافة قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت في 17 أبريل/ نيسان الماضي.
وخلال الفترة نفسها، دعت أحزاب سياسية، كـ"العدل" و"البيان"، الجيش إلى قطع الطريق على ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ولاية رئاسية رابعة.