دفعت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالجزائر والتي بلغت ذروتها بعد تهاوي إيرادات البلاد بأكثر من الثلثين، الحكومة إلى مراجعة سياستها الاجتماعية وإعادة كتابة أرقامها من جديد في ميزانية الدولة، التي تعيش أصعب سنواتها في العشرين سنة الأخيرة.
وقررت الحكومة الجزائرية خفض مستوى الإنفاق السنوي الذي يتم تحت عنوان "التحويلات الاجتماعية" التي يوجه أكثر من 64% منها لدعم المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك كالقمح والحليب والسكر والزيوت الغذائية، بالإضافة إلى السكن، الصحة والتعليم.
وتُظهر بيانات مشروع قانون موازنة العام المقبل الذي أعدته الحكومة، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، تراجع مخصصات بند "التحويلات الاجتماعية" المخصص للدعم بنحو 1.9 مليار دولار، تعادل نحو 11.5% من إجمالي مخصصات البند ذاته بموازنة العام الجاري.
وبذلك تستقر فاتورة "التحويلات الاجتماعية" للعام المقبل عند 1630.8 مليار دينار جزائري (14.8 مليار دولار)، مقابل نحو 1841.6 مليار دينار في العام الجاري.
وتُظهر البيانات أن 64.3% من إجمالي الدعم تم تخصيصه في الموازنة القادمة للأسر وقطاع السكن والصحة، حيث بلغ دعم الأسر 413.5 مليار دينار (3.7 مليارات دولار) بتراجع نسبته 7% مقارنة مع العام الماضي، 46% منها توجه لدعم أسعار الحليب، القمح، الزيوت الغذائية والسكر.
اقــرأ أيضاً
فيما يبلغ الدعم الحكومي الموجه لقطاع الصحة في ميزانية 2017 حوالى 330.2 مليار دينار (3 مليارات دولار)، نفس الحصة سينالها قطاع السكن.
وتكشف هذه الأرقام حسب مراقبين، عن عزم الحكومة الجزائرية على فتح ملف مراجعة "الطابع الاجتماعي للدولة" والذي ظل خطاً أحمر ترفض السلطة مساسه، إلا أن هذه المرة تبدو الظروف الاقتصادية والمالية أشد قسوة، حيث باتت الخزينة العامة لا تحتمل ضغوطاً كثيرة بعدما توقعت الحكومة أن يصل العجز في الميزانية إلى 30 مليار دولار نهاية السنة الحالية.
وتعالت كثير من الأصوات في الجزائر التي تطالب الحكومة بمراجعة سياستها الاجتماعية من خلال توجيه الدعم مباشرة إلى جيوب المواطنين المستحقين، عوضاً عن مواصلة الاعتماد على الدعم غير المباشر للأسعار والخدمات.
وهو الطرح الذي يدافع عنه منتدى رؤساء المؤسسات، أكبر تجمع لرجال الأعمال في الجزائر، الذي جدد على لسان رئيسه رجل الأعمال، علي حداد، المقرب من الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، بأن "الدولة مجبرة على مراجعة سياسة الدعم، التي يستفيد منها الأغنياء على حساب الفقراء".
ويقرأ كثير من المتتبعين للشأن السياسي والاقتصادي في الجزائر، أن تصريحات رجل الأعمال، علي حداد، تترجم وجود نية لدى الحكومة لمراجعة حساباتها الاقتصادية على حساب كل ما هو اجتماعي، على الرغم من تشديد الرئيس الجزائري ومن خلفه رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، على أن "البعد الاجتماعي للدولة سيظل قائماً، لأنه من مكونات هويتها".
وتعد الجزائر من الدول القليلة في العالم التي تعتمد على اقتطاع جزء من الميزانية السنوية لدعم الأسعار والخدمات تحت عنوان "التحويلات الاجتماعية"، وهي السياسة التي جعلتها تحت طائلة الانتقاد الدوري لصندوق النقد الدولي، الذي يدعوها في كل مرة إلى إلغاء هذه الصيغة من الدعم.
وفي السياق ذاته، يرى الخبير المالي، جيلالي فتح الله، أن أصعب ملف يواجه الحكومة هو ملف الدعم أو ما يُعرف بالتحويلات الاجتماعية، لأن من واجب الدولة أن تضمن للمواطن حياة كريمة، لكن بالمقابل من واجبها، أيضاً، حماية الاقتصاد الوطني من خلال توجيه الدعم إلى من يحتاجه.
وأوضح فتح الله لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة اقتطعت في عام 2013، حوالى 18% من الناتج المحلي الإجمالي ووجه للتحويلات الاجتماعية، تلك نسبة تعادل نحو 30 مليار دولار مع احتساب الدعم الموجه للمواد النفطية والغاز، استفاد منها الأغنياء والفقراء وحتى الأجانب.
من جانبه، يقترح وزير المالية الأسبق، عبداللطيف بن اشنهو، وضع جدول زمني للخروج من هذه الوضعية، بحيث يتم إعادة توجيه الدعم على أساس الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، على أن تنتهج الحكومة سياسة مصارحة الشعب بالحقيقة، وهي أن سياسة الدعم لن تستمر وستتقلص تدريجياً مع مرور السنوات لأن الهدف هو إحداث نجاح اقتصادي بالموازاة مع تثبيت العدالة الاجتماعية.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعاد في يوليو/تموز الماضي، بعث النقاش في الجزائر حول ملف الدعم، بعد أن انتقد الصندوق الطريقة التي تُسير بها الحكومة هذا الملف، مشيراً إلى افتقاده العدالة، إذ لا يستفيد منه الفقراء مقارنة بالأغنياء في البلاد.
واقترح صندوق النقد على الحكومة الجزائرية، إعادة توزيع الدعم بما يسمح بتوفير مبالغ مهمة يمكن استثمارها في التنمية الاقتصادية، وبالتالي إحداث توازن مالي في الموازنة العامة للدولة وإحداث العدالة الاجتماعية أيضاً.
وعلى الرغم من خفض مخصصات الدعم، تبدو الحكومة الجزائرية متمسكة بفكرة "توسيع الوعاء الضريبي" السنة المقبلة، من خلال إقرار ضرائب ورسوم جديدة على السلع والخدمات، وحتى على الممتلكات.
اقــرأ أيضاً
وقررت الحكومة الجزائرية خفض مستوى الإنفاق السنوي الذي يتم تحت عنوان "التحويلات الاجتماعية" التي يوجه أكثر من 64% منها لدعم المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك كالقمح والحليب والسكر والزيوت الغذائية، بالإضافة إلى السكن، الصحة والتعليم.
وتُظهر بيانات مشروع قانون موازنة العام المقبل الذي أعدته الحكومة، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، تراجع مخصصات بند "التحويلات الاجتماعية" المخصص للدعم بنحو 1.9 مليار دولار، تعادل نحو 11.5% من إجمالي مخصصات البند ذاته بموازنة العام الجاري.
وبذلك تستقر فاتورة "التحويلات الاجتماعية" للعام المقبل عند 1630.8 مليار دينار جزائري (14.8 مليار دولار)، مقابل نحو 1841.6 مليار دينار في العام الجاري.
وتُظهر البيانات أن 64.3% من إجمالي الدعم تم تخصيصه في الموازنة القادمة للأسر وقطاع السكن والصحة، حيث بلغ دعم الأسر 413.5 مليار دينار (3.7 مليارات دولار) بتراجع نسبته 7% مقارنة مع العام الماضي، 46% منها توجه لدعم أسعار الحليب، القمح، الزيوت الغذائية والسكر.
فيما يبلغ الدعم الحكومي الموجه لقطاع الصحة في ميزانية 2017 حوالى 330.2 مليار دينار (3 مليارات دولار)، نفس الحصة سينالها قطاع السكن.
وتكشف هذه الأرقام حسب مراقبين، عن عزم الحكومة الجزائرية على فتح ملف مراجعة "الطابع الاجتماعي للدولة" والذي ظل خطاً أحمر ترفض السلطة مساسه، إلا أن هذه المرة تبدو الظروف الاقتصادية والمالية أشد قسوة، حيث باتت الخزينة العامة لا تحتمل ضغوطاً كثيرة بعدما توقعت الحكومة أن يصل العجز في الميزانية إلى 30 مليار دولار نهاية السنة الحالية.
وتعالت كثير من الأصوات في الجزائر التي تطالب الحكومة بمراجعة سياستها الاجتماعية من خلال توجيه الدعم مباشرة إلى جيوب المواطنين المستحقين، عوضاً عن مواصلة الاعتماد على الدعم غير المباشر للأسعار والخدمات.
وهو الطرح الذي يدافع عنه منتدى رؤساء المؤسسات، أكبر تجمع لرجال الأعمال في الجزائر، الذي جدد على لسان رئيسه رجل الأعمال، علي حداد، المقرب من الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، بأن "الدولة مجبرة على مراجعة سياسة الدعم، التي يستفيد منها الأغنياء على حساب الفقراء".
ويقرأ كثير من المتتبعين للشأن السياسي والاقتصادي في الجزائر، أن تصريحات رجل الأعمال، علي حداد، تترجم وجود نية لدى الحكومة لمراجعة حساباتها الاقتصادية على حساب كل ما هو اجتماعي، على الرغم من تشديد الرئيس الجزائري ومن خلفه رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، على أن "البعد الاجتماعي للدولة سيظل قائماً، لأنه من مكونات هويتها".
وتعد الجزائر من الدول القليلة في العالم التي تعتمد على اقتطاع جزء من الميزانية السنوية لدعم الأسعار والخدمات تحت عنوان "التحويلات الاجتماعية"، وهي السياسة التي جعلتها تحت طائلة الانتقاد الدوري لصندوق النقد الدولي، الذي يدعوها في كل مرة إلى إلغاء هذه الصيغة من الدعم.
وفي السياق ذاته، يرى الخبير المالي، جيلالي فتح الله، أن أصعب ملف يواجه الحكومة هو ملف الدعم أو ما يُعرف بالتحويلات الاجتماعية، لأن من واجب الدولة أن تضمن للمواطن حياة كريمة، لكن بالمقابل من واجبها، أيضاً، حماية الاقتصاد الوطني من خلال توجيه الدعم إلى من يحتاجه.
وأوضح فتح الله لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة اقتطعت في عام 2013، حوالى 18% من الناتج المحلي الإجمالي ووجه للتحويلات الاجتماعية، تلك نسبة تعادل نحو 30 مليار دولار مع احتساب الدعم الموجه للمواد النفطية والغاز، استفاد منها الأغنياء والفقراء وحتى الأجانب.
من جانبه، يقترح وزير المالية الأسبق، عبداللطيف بن اشنهو، وضع جدول زمني للخروج من هذه الوضعية، بحيث يتم إعادة توجيه الدعم على أساس الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، على أن تنتهج الحكومة سياسة مصارحة الشعب بالحقيقة، وهي أن سياسة الدعم لن تستمر وستتقلص تدريجياً مع مرور السنوات لأن الهدف هو إحداث نجاح اقتصادي بالموازاة مع تثبيت العدالة الاجتماعية.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعاد في يوليو/تموز الماضي، بعث النقاش في الجزائر حول ملف الدعم، بعد أن انتقد الصندوق الطريقة التي تُسير بها الحكومة هذا الملف، مشيراً إلى افتقاده العدالة، إذ لا يستفيد منه الفقراء مقارنة بالأغنياء في البلاد.
واقترح صندوق النقد على الحكومة الجزائرية، إعادة توزيع الدعم بما يسمح بتوفير مبالغ مهمة يمكن استثمارها في التنمية الاقتصادية، وبالتالي إحداث توازن مالي في الموازنة العامة للدولة وإحداث العدالة الاجتماعية أيضاً.
وعلى الرغم من خفض مخصصات الدعم، تبدو الحكومة الجزائرية متمسكة بفكرة "توسيع الوعاء الضريبي" السنة المقبلة، من خلال إقرار ضرائب ورسوم جديدة على السلع والخدمات، وحتى على الممتلكات.