طالب ناشطون وسياسيون جزائريون، السلطات الأمنية بالإفراج الفوري عن القيادي في ثورة تحرير الجزائر والناشط المعارض لخضر بورقعة، بعد اعتقاله من قبل أعوانٍ من الاستخبارات من أمام منزله في العاصمة الجزائرية، على خلفية تصريحات حادّة أطلقها ضد الجيش، فيما أعلن التلفزيون الرسمي أن محكمة بئر مراد رايس قررت بعد مثول بورقعة أمام وكيل الجمهورية وضعه رهن الحبس المؤقت، لغاية إحالته على المحاكمة بتهمة "الإساءة إلى الجيش وإحباط الروح المعنوية".
ووقع النشطاء عريضة حملت عنوان "أطلقوا سراح المجاهد لخضر بورقعة"، عبّروا فيها عن صدمتهم من "توقيف المجاهد لخضر بورقعة التعسفي"، معتبرين أن الاعتقال يشكل "انحرافاً خطيراً ومزلقاً آخر من مزالق السلطة".
واتهم بورقعة بإطلاق تصريحات حادّة تعرض فيها للجيش، وقال فيها إن "الجيش الجزائري تكون في بداياته من المليشيات التي كانت خارج أرض المعركة (خلال ثورة التحرير 1954-1962) على الحدود"، وأن "الجيش الوطني الشعبي الحالي ليس سليل جيش التحرير الوطني"، وبأنه "رأس حربة هذا النظام المجرم ويجب النضال لإسقاطه، فبعد سقوط الجيش يسقط النظام بسهولة"، في إشارة منه إلى تحكم الجيش في المسارات السياسية وهيمنته على الحكم في الجزائر منذ الستينيات.
ولفت الموقعون إلى أن "المجاهد لخضر بورقعة معتقل لدى جهة أمنية غير معلومة، ولم يعرف مكانه لحد الساعة"، متسائلين عما إذا "أصبحت ممارسة الحق في التعبير وإبداء الرأي وفق ما ينصّ عليه الدستور والمواثيق الدولية مبرراً للاعتقال والسجن؟".
وأكدت العريضة أن "هذه الممارسات القمعية شبه اليومية ضد كل من يخالف السلطة أو الرأي، أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لما تبقى من الحريات الفردية والجماعية".
ويعد بورقعة، وهو معارض سياسي، من بين مجموعة قليلة تضم آخر القيادات التاريخية لثورة التحرير الجزائرية، وعارض عشية الاستقلال اقتحام وسيطرة ما يعرف بجيش الحدود بقيادة وزير الدفاع حينها، والرئيس الراحل هواري بومدين، على العاصمة والسلطة، وتنصيب الرئيس الراحل أحمد بن بلة رئيساً للدولة، وأسس مع الزعيم الثوري حسين آيت أحمد حزب "جبهة القوى الاشتراكية" المعارض عام 1963، واعتقل خلال تلك الفترة بسبب معارضته للسلطة، كما اعتقل لاحقاً في عهد بومدين وفي عهد الرئيس الشاذلي بن جديد أيضاً، وكان يعدّ من أكبر منتقدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال فترة حكمه.
وأدانت العريضة ما وصفته بـ"التعسف والاعتداءات الصارخة على القانون والأخلاق وحقوق الإنسان"، مطالبة بـ"الإفراج الفوري عنه، فمكان المجاهد لخضر بورقعة مع الشعب الجزائري، وقد يساهم بسلطته الرمزية في بناء التوافق التاريخي، من أجل بناء دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية التي ضحّى من أجلها شهداء الثورة التحريرية وأجيال من المناضلين والمناضلات منذ أكثر من نصف قرن".
وحملت العريضة توقيعات الأمين العام لـ "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" مؤمن خليل، والناشط الحقوقي عبد الغني بادي (محامي)، والمعارض فضيل بوماله، والإعلامي الشهير حفيظ دراجي، والكاتب الصحافي أحسن خلاص، والناشط في الحراك الشعبي بلام عبد الوكيل، والباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي جامعي، والحقوقي مصطفى بوشاشي، وعدد كبير من الناشطين والإعلاميين والمثقفين.
Twitter Post
|
وكان اسم بورقعة ضمن قائمة من الشخصيات التي رشحتها قوى معارضة لأداء دور في الحوار السياسي، والمشاركة في هيئة انتقالية تقود البلاد لفترة انتقالية، لكن بعض الأطراف تنتقد بشدة مواقفه من بعض القضايا القومية ومعارضته لثورات الربيع العربي، ولقاءه رئيس النظام السوري بشار الأسد.