هنا، في مهد السيد المسيح، يخيّم الحزن على المدينة التي تشبه سواها من المدن الفلسطينية المثقلة بالشهادة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة مذ انطلقت الهبّة الجماهيرية في وجه الاحتلال في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويحلّ عيد الميلاد في بيت لحم، وسط غياب لطقوس الفرح المفترضة. لكن أطفال المدينة يصرّون على الفرح والاحتفال، وينتظرون بابا نويل الذي يأتي مع كيسه المحمّل بالهدايا والألعاب والحلوى، على أحرّ من الجمر. ينتظرونه في حين أن المشهد الذي اعتادوا عليه، يعجّ بجنود الاحتلال المحمّلين بقنابل الغاز المسيل للدموع وتلك الصوتية، على وقع هدير الآليات العسكرية التي تقتحم المدينة عند فجر كل يوم جديد.
أطفال بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، راحوا في الأيام الماضية يستعدون للاحتفال بطفل المغارة، فيما لا تغيب الهبّة الجماهيرية ولا هموم الوطن عنهم. عند سؤال خضر (سبعة أعوام)، عن أمنيته في عيد الميلاد، يجيب: "أتمنى أن أضرب حجارة على الجيش (الإسرائيلي)"، بدلاً من أن يطلب الهدايا والألعاب من بابا نويل أسوة بأطفال العالم. يضيف: "أريد أن تكون فلسطين منيحة وتتحرر من اليهود. لا أحب أن أشاهد الجيش. وأريد أن تكون عائلتي بخير". وعن العيد، يقول خضر بعد تردد: "أعرف بابا نويل الذي يحضر لنا هدايا ويجعلني أنبسط كثيراً". ويتحدّث عن الكعك وعن "شجرة الميلاد ونجمتها التي ترمز إلى يسوع. هي حلوة، وأفرح عندما أراها".
يوسف (ستة أعوام)، مشغول أيضاً بهموم الوطن، فيقول: "أريد الخير والسلام لفلسطين". لكنه كذلك "في انتظار بابا نويل. أريد أن ألعب وأغني معه وأستلم الهدايا منه". ويخبر أن "في ليلة العيد، نضع الشموع على الكعك ونأكلها ونشرب العصير. ونغنّي وننتظر أن يطبّل بابا نويل أمام باب بيتنا ليسلّمنا هدايانا، قبل أن ينتقل إلى بيوت أخرى ليوزّع الهدايا الأخرى". يضيف: "أكثر شيء أحبه في العيد هو أن أتصوّر بالقرب من الشجرة وآكل الشوكولاتة".
أما آدم (خمسة أعوام)، فيتردّد كثيراً في الكلام، وفي النهاية يخجل من نقل أمنيته في العيد لنا. يكتفي بالقول إن شجرة الميلاد "حلوة وأحبّ أن أتصوّر بالقرب منها. وأحبّ أيضاً الكعك والحلوى والشكولاتة والألعاب فيها".
بخلاف آدم، يبدو سيزار (ثلاثة أعوام)، منطلقاً جداً على الرغم من صغر سنّه، ويكثر طلباته وأمنياته في العيد. وهو يحمل في يده كيساً صغيراً مليئاً بقطع الشوكولاتة، راح يركض خلف والدته ضاحكاً وهو يعدّد طلباته من بابا نويل: "أريد كرة، وليغو (أحجار التركيب)، وسيارة، وشوكولاتة، وألعاباً كثيرة، وأيضاً كرة كبيرة". يضيف: "أريده أن يحضر إليّ كل شيء، ويلعب معنا". ويعبّر سيزار أكثر وأكثر عن حماسته الكبيرة لاستقبال بابا نويل هذه الليلة. هو يظنّ أن المسيحيين برفقة بابا نويل، يحتفلون بعيده الثالث. هذا ما أخبرتنا به والدته. ويشير الصغير إلى شجرة الميلاد شارحاً: "هذه للعيد، فيها كعك وشوكولاتة". وبينما يلتهم قطعة شوكولاتة من كيسه، يكرر: "أريد من بابا نويل هدية كبيرة". ويقف بالقرب من الشجرة، إذ راحت والدته تلتقط له الصور، قبل أن يقترب من مجسّم من الشمع ويشير إليه شارحاً: "هذا يسوع".
من جهته، يخبر ماثيو (ستة أعوام)، أن في العيد "نذهب إلى الكنيسة ونصلي. وأجمل شيء عندما يوزّع بابا نويل علينا الهدايا. أنا وإخوتي نحبه كثيراً". يضيف: "في بيتنا شجرة، عليها زينة الميلاد. وفي ليلة العيد نحضّر الكعك والعصير ويأتي أصحابنا إلى منزلنا ونحتفل بالهدايا". وبنبرة يحاول جعلها حادة، يقول ماثيو: "أنا أكره اليهود. في مرة ضربوا بابا نويل وطخّوه (أطلقوا الرصاص عليه)". هو تذكّر ما جرى في العام الماضي، عندما اعتدى جنود الاحتلال على فلسطينيين ارتدوا زيّ بابا نويل، تعبيراً عن رفضهم لاعتداءات الجيش الإسرائيلي المتكررة على المدينة وللتضييق عليها.
ويتمنى ماثيو أن "يعمّ السلام. أنا أحب أن نعيش بحرية، وأذهب مع عائلتي في رحلة إلى مكان جميل، من دون أن يوقفنا الإسرائيليون على الحاجز، ويطلبوا من بابا الترجّل من السيارة ويخرّبوا ألعابنا".
إلى ذلك، يبدو إياس (ثلاثة أعوام)، مغرماً بالدراجات النارية على الرغم من سنّه الصغيرة جداً. يخبر: "طلبت من بابا نويل أن يحضر لي دراجة نارية"، مضيفاً: "أحب العطلة كثيراً. وأحب خلالها أن أرافق والدي في المشاوير التي يقوم بها في سيارته".
اقرأ أيضاً: شرق المسيح حزينٌ.. يئنّ في عيده