الحكومة المغربية وعقبات التوزير: سبت حاسم لحزبين غداً

28 أكتوبر 2016
بنكيران وشباط معاً بعد انتخابات أكتوبر (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -
في انتظار استكمال مشاورات رئيس الحكومة المغربية المكلّف بتشكيل تحالف حكومي جديد، عبد الإله بنكيران، عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة التي تصدّرها حزب "العدالة والتنمية"، برز الحديث عن المعايير المعتمدة في عملية اختيار الوزراء من الأحزاب التي ستشارك في الحكومة المقبلة. في هذا السياق، بادر المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الجديدة، إلى تحديد معايير اختيار الوزراء من الحزب. وتعتمد المعايير على الاقتراح، والترشيح، والاختيار، فيما تتكون هيئة الاقتراح من أعضاء الأمانة العامة للحزب، وضعف عدد أعضاء الأمانة العامة ينتخبهم المجلس الوطني من بين أعضائه.

وترتكز عملية الاقتراح، وفق المجلس الوطني، على أن تختار الهيئة المذكورة لائحة موسعة تضم 30 مرشحاً لشغل مناصب وزارية، فيقترح كل عضو في هيئة الاقتراح خمسة أسماء على الأقل، وعشرة على الأكثر. وبعد الفرز يتم الاحتفاظ بجميع الأسماء المقترحة بحسب عدد الأصوات التي حصلت عليها.

وتتولى الأمانة العامة للحزب عملية ترشيح الوزراء للحكومة الجديدة، ويمكنها إضافة ثلاثة أسماء جديدة للائحة المقترحة، يتم اعتمادهم بأغلبية أعضائها المصوتين. وتجري دراسة عملية الاقتراح تفصيلياً، ويتم تداول الأسماء المقترحة باستحضار خصوصيات واختصاصات المنصب المعني وكفاءة المقترحين.

وفي عملية الاختيار، يقوم بنكيران باختيار المرشح الذي سيقترحه للتعيين في المنصب من ضمن المرشحين الثلاثة الذين رشحتهم الأمانة العامة، وإذا لم يختر الأمين العام أحد المرشحين الثلاثة لشغل منصب حكومي، يتولى اقتراح شخص آخر من ضمن باقي المرشحين لمختلف القطاعات الحكومية المعنية. ولم تتغيّر معايير التوزير بالنسبة لحزب العدالة والتنمية في الحكومة العتيدة، مقارنة مع عملية التوزير لحكومة عام 2011، باستثناء بعض التعديلات القليلة. غير أنه يبقى من حق الأمين العام للحزب أن يبادر باقتراح مرشح آخر من غير المرشحين المقترحين، في حدود ربع المناصب الحكومية المخصصة للحزب.


أما بخصوص حزب الاستقلال، الذي أعلن موافقته المبدئية للدخول في التحالف الحكومي الجديد، فقد راج أخيراً بأنه تمّ وضع نحو مائة طلب توزير من مختلف مناطق البلاد، من طرف العديد من الكوادر المنتمية إلى الحزب، على مكتب الأمين العام للحزب حميد شباط. وفي الوقت الذي لم يحدد فيه حزب الاستقلال معايير اختيار وزرائه، نفى المتحدث الرسمي باسم الحزب، عادل بنحمزة، أن يكون بلغ عدد طلبات التوزير المائة طلب، معتبراً أن "ما تروجه بعض وسائل الإعلام، منذ إعلان نتائج الانتخابات، هو مجرد معطيات لا علاقة لها بالواقع". وأضاف بنحمزة أن "حزب الاستقلال أعلن قراراً سياسياً يخص المشاركة في الحكومة المقبلة، لكن الجميع يعلم أن مشاورات تشكيلها والحديث عن هندستها لم يتم إطلاقها بعد، وأن الحزب يتوفر على الكثير من الكفاءات في مجالات مختلفة، وهي على استعداد لتحمل المسؤولية باسم الحزب متى طلب منها ذلك".

وبخصوص حزب التقدم والاشتراكية الذي أعلن بدروه من قبل المشاركة في الحكومة التي يرأسها بنكيران، فلم ترشح أية معطيات عن طريقة اختيار وزرائه، فيما أكد قيادي مسؤول في الحزب لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يحن بعد وقت الحديث عن المناصب الوزارية، ما دامت صورة التحالف الحكومية لم تتضح بعد". وأشارت مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف، إلى أن "بنكيران ينتظر عقد حزبين رئيسيين لأجهزتهما التقريرية، الأول هو حزب الحركة الشعبية الذي طلب مهلة من رئيس الحكومة للتشاور مع المكتب التنفيذي للحزب الذي سينعقد غداً السبت، والثاني هو حزب الأحرار الذي سيعقد مؤتمراً استثنائياً، غداً أيضاً، لانتخاب رئيس جديد خلفاً لصلاح الدين مزوار".

في هذا الإطار، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، أحمد مفيد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المعايير المعتمدة لاختيار الوزراء المنتمين لحزب العدالة والتنمية، تُعتبر متميزة مقارنة مع باقي الأحزاب السياسية الأخرى، لأنها تمرّ في مراحل عدة، تؤدي فيها أجهزة الحزب أدواراً حاسمة في عملية الاختيار". وشدّد مفيد على أن "المراحل التي حددها حزب العدالة والتنمية تضفي طابع التنافس، المبني على أساس الثقة في المرشح للمنصب الوزاري"، مبرزاً أن "هذه الخصائص تجعل من هذه المعايير تدريباً ديمقراطياً حقيقياً، وتعبيراً صريحاً عن احترام الديمقراطية الداخلية". وتابع أنه "في المقابل، هناك مخاطر تتجلى أساساً في إمكانية اقتراح اسم احد الأشخاص وانتخابه بناءً على معيار الثقة على الرغم من عدم توفر الكفاءة اللازمة لتدبير قطاع حكومي معيّن"، مشيراً إلى أن "ربط عنصر الثقة بالكفاءة يبقى شرطاً ضرورياً للتوزير".