في عالم مليء بالحروب وما يترافق معها من قتل وتجويع وتدمير، لا يتسنى غالباً لمن يقعون في خانة مشاريع الضحايا أن يفكروا أبعد من إنقاذ أرواحهم. أما التعليم، مثلاً، وقبل الحديث عن أيّ شكل من أشكال الترفيه، فهو خارج الحسابات بطبيعة حال القهر الذي يعيشون تحت سلطانه. التعليم لا يخطر في بال، ولا حتى كمشروع حيوي وجودي، من دون إتمام الشرط الأول وهو البقاء الذي يتحول بدوره إلى تحدٍّ يومي حتى في أوقات السلام الموهوم وقبضتها الاقتصادية الخانقة. فالغذاء والأمن شرطان أساسيان لاستمرار الحياة.
هو أمر مبرر لا شكّ، فالحياة نفسها هي القيمة التي سبقت كلّ القيم منذ بدء الخليقة، وهي التي لها الأولوية على كلّ قيمة وحالة في أيّ زمان ومكان. وقد يجادل أحدهم أنّ حياة الإنسان لا قيمة لها من دون "حرية" أو "استقلال" أو "علم" أو "دين" أو غير ذلك مما يدخل تلك الحياة في مساومات الفداء المعروفة بمختلف أشكالها الأيديولوجية. لكنّ ذلك لا يبتعد كثيراً عن الأصل فهي "حياة مقابل حياة" و"موت كي يحيا الوطن" و"شهادة كي تستمر القضية" أو حتى "موت في الدنيا ونعيم مخلّد في الآخرة".
الأصل هي الحياة نفسها التي إن ذهبت سقطت كلّ المشاريع الأخرى المرتبطة بها، ولو حاولت الرومانسيات أن تخلّد ذكر أحدهم بعد موته، فهو قد مات مهما كانت أعماله باقية بعده. كذلك، كم هي نسبة من تخلّد أعمالهم المرتبطة بأسمائهم هؤلاء؟ وعلى من تقتصر؟ هل يذكر "التاريخ" شيئاً عن ذلك الذي لم يفعل ما "يستحق" الذكر؟ ومن ذكروا فعلاً، وبقي ذكرهم بعدهم ألم يكن ذلك مرتبطاً بما قدموه لمن هم بعدهم من دروس وعبر وعلوم ومعارف ونظم تساعد من جاؤوا خلفهم في حياتهم؟ هي عودة دائمة إلى ذلك الأصل... تلك الأنفاس الباقية المدمجة مع هواء كوكبنا ومختلف عناصر طبيعته.
الحياة تطلب بالدرجة الأولى غذاء، وبمستوى أعلى بقليل أمناً. هما حاجتان أوليتان كي لا تنقلب الحياة إلى نقيضها المادي وهو الموت. وقبل أيّ حديث عن تحقيق كلّ الحاجات البشرية سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي. فكيف يتحقق الإشباع الأول؟ ألا يخضع الغذاء نفسه للمساومة في حمّى تقسيم النفوذ السياسي حول العالم بين دول "كبرى"؟ ألا تتخذ الحكومات نفسها في كثير من دولنا من الغذاء وسيلة للجم الشعوب والسيطرة عليها والإبقاء على الولاءات البدائية؟ أليست الحروب ذريعة لقهر الشعوب واستغلالها وصولاً إلى استعبادها؟
قد لا تقتصر الحياة البشرية كبنية متكاملة على الشبع والأمن الجسديين، لكنّ البشر في كثير من الأماكن والأوقات ممنوعون من الخروج من هذه الخانة، فالإبقاء على حياتهم يمنعهم من اختبار ما هو أبعد من ذلك. هي الحياة أولاً، فيما معادلة القهر على حالها.
اقــرأ أيضاً
هو أمر مبرر لا شكّ، فالحياة نفسها هي القيمة التي سبقت كلّ القيم منذ بدء الخليقة، وهي التي لها الأولوية على كلّ قيمة وحالة في أيّ زمان ومكان. وقد يجادل أحدهم أنّ حياة الإنسان لا قيمة لها من دون "حرية" أو "استقلال" أو "علم" أو "دين" أو غير ذلك مما يدخل تلك الحياة في مساومات الفداء المعروفة بمختلف أشكالها الأيديولوجية. لكنّ ذلك لا يبتعد كثيراً عن الأصل فهي "حياة مقابل حياة" و"موت كي يحيا الوطن" و"شهادة كي تستمر القضية" أو حتى "موت في الدنيا ونعيم مخلّد في الآخرة".
الأصل هي الحياة نفسها التي إن ذهبت سقطت كلّ المشاريع الأخرى المرتبطة بها، ولو حاولت الرومانسيات أن تخلّد ذكر أحدهم بعد موته، فهو قد مات مهما كانت أعماله باقية بعده. كذلك، كم هي نسبة من تخلّد أعمالهم المرتبطة بأسمائهم هؤلاء؟ وعلى من تقتصر؟ هل يذكر "التاريخ" شيئاً عن ذلك الذي لم يفعل ما "يستحق" الذكر؟ ومن ذكروا فعلاً، وبقي ذكرهم بعدهم ألم يكن ذلك مرتبطاً بما قدموه لمن هم بعدهم من دروس وعبر وعلوم ومعارف ونظم تساعد من جاؤوا خلفهم في حياتهم؟ هي عودة دائمة إلى ذلك الأصل... تلك الأنفاس الباقية المدمجة مع هواء كوكبنا ومختلف عناصر طبيعته.
الحياة تطلب بالدرجة الأولى غذاء، وبمستوى أعلى بقليل أمناً. هما حاجتان أوليتان كي لا تنقلب الحياة إلى نقيضها المادي وهو الموت. وقبل أيّ حديث عن تحقيق كلّ الحاجات البشرية سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي. فكيف يتحقق الإشباع الأول؟ ألا يخضع الغذاء نفسه للمساومة في حمّى تقسيم النفوذ السياسي حول العالم بين دول "كبرى"؟ ألا تتخذ الحكومات نفسها في كثير من دولنا من الغذاء وسيلة للجم الشعوب والسيطرة عليها والإبقاء على الولاءات البدائية؟ أليست الحروب ذريعة لقهر الشعوب واستغلالها وصولاً إلى استعبادها؟
قد لا تقتصر الحياة البشرية كبنية متكاملة على الشبع والأمن الجسديين، لكنّ البشر في كثير من الأماكن والأوقات ممنوعون من الخروج من هذه الخانة، فالإبقاء على حياتهم يمنعهم من اختبار ما هو أبعد من ذلك. هي الحياة أولاً، فيما معادلة القهر على حالها.