في أعقاب تبخر آمال رفع الحظر الاقتصادي الأميركي على السودان، تتجه الخرطوم نحو بكين للحصول على استثمارات جديدة لإنعاش اقتصاد البلاد المتهاوي. ويرزح الاقتصاد السوداني تحت قيود ارتفاع جنوني في معدل التضخم، وانهيار متواصل لقيمة الجنيه السوداني، وتدهور مستمر في الميزان التجاري، وسط ضعف الصادرات والحاجة الماسة لواردات بعملات صعبة.
وحسب تصريحات سابقة لخبير اقتصاد لـ "العربي الجديد"، فإن السبب الرئيسي في هذا التدهور الاقتصادي والمالي يعود إلى سوء إدارة موارد البلاد والفساد الذي يعيق تدفق الاستثمار الأجنبي والخبرات الإدارية والتقنيات الحديثة في الإنتاج.
وسط هذه الظروف، تترقب الحكومة السودانية التي تعاني من الحظر الاقتصادي وأزمة عملات صعبة باهتمام بالغ إلى الزيارة المرتقبة لنائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي للخرطوم في الخامس والعشرين من أغسطس/آب الجاري. ويأمل السودان أن تترجم هذه الزيارة في زيادة الاستثمارات الصينية في السودان، بعد أن تجاوز البلدان أزمة الديون المتراكمة على الخرطوم المقدرة بحوالى 10 مليارات دولار، من جملة ديون خارجية على السودان تقدر بحوالى 50 مليار دولار.
وكانت حكومة الرئيس عمر البشير تأمل في رفع الحظر الأميركي عن السودان، حتى زيارة الرئيس دونالد ترامب للعاصمة السعودية الرياض، وحسب وعود تلقتها من قادة خليجيين، ولكن ما حدث أن الرئيس ترامب مدد الحظر. كما قالت مصادر أميركية لنشرة" ذي هيل" التي تعنى بشؤون الكونغرس في واشنطن، إن ملف السودان لم يكن أصلاً من بين اهتمامات الرئيس ترامب، حين وقع على تمديد الحظر، حيث لم يعين في ذلك الوقت وحتى الآن مسؤولاً للشؤون الأفريقية.
وسط هذه الظروف المالية الضاغطة على الخرطوم، تتزايد الآمال بأن تثمر زيارة تشانغ قاو لي خلال الشهر الجاري للخرطوم في ضخ مزيد من الدولارات في شرايين الاقتصاد السوداني الذي يعاني من نقص حاد في الدولار. وكان الدولار قد ارتفع في الخرطوم إلى أكثر من 22 جنيهاً سودانياً في السوق السوداء خلال موسم الحج الجاري.
ويحفظ السودان للصين أنه شريك استراتيجي قدم مساعدات قيمة له في وقت كان يتعرض فيه السودان لحصار اقتصادي شامل، وما تزال القيادة السياسية في السودان تأمل في تعزيز العلاقات مع الصين في مختلف المجالات.
في هذا الصدد نسبت وكالة شينخوا شبه الرسمية الصينية إلى مساعد الرئيس السودانى ومسؤول ملف العلاقات السودانية الصينية، عوض الجاز، قوله يوم الأربعاء: "علاقاتنا مع الصين تاريخية وعميقة واستراتيجية، هذه علاقة نموذجية نأمل أن تستمر كذلك وأن تنتقل إلى آفاق أرحب".
وأضاف "حققنا نموذجاً ملهماً فى مجال صناعة النفط، والآن نتجه إلى أن نجعل من الزراعة نموذجاً آخر لتجربة التعاون النفطي، نجهز الآن لنجعل مشروع الرهد الزراعي بوسط السودان عنواناً للتعاون فى مجال الزراعة بين السودان والصين".
وأردف "هناك مجالات أخرى كثيرة يمكن أن ندخلها معاً، للسودان موارد زراعية ومعدنية وثروة حيوانية، إضافة إلى أن صناعة الغذاء واحدة من القضايا التي تؤرق العالم الآن، ويمكن أن تحقق الشراكة بين السودان والصين نجاحات كبيرة في هذه المجالات".
وتقدر استثمارات الصين في السودان بحوالى 15 مليار دولار حتى العام الماضي 2016. وذلك حسب تصريحات أدلى بها وزير الاستثمار السوداني مدثر عبد الرحمن لصحف سودانية. وأشار الوزير عبد الرحمن إلى أن هنالك حوالى 126 شركة عاملة في السودان. وكانت الصين قد وقعت مع السودان 6 اتفاقيات استثمارية في المجال الزراعي في سبتمبر/ ايلول الماضي. وتقدر قيمة هذه الاستثمارات بحوالى 60 مليون دولار بين العام الجاري وحتى العام 2020. ومن أولويات الخرطوم في هذه المرحلة تأهيل مشروع الجزيرة الذي كان يشكل عصب الاقتصاد السوداني قبل اهماله وتفكيكه من قبل حكومة البشير.
وتوقع المسؤول السوداني عوض الجاز، في تصريحاته للوكالة الصينية، أن يدخل السودان والصين في شراكات جديدة في مجال قطاع النفط، وقال "هناك دراسات جيولوجية تشير إلى امتلاك السودان لمخزون كبير من النفط والغاز في مناطق متعددة، وليس هناك ما يمنع من إعادة تجربة التعاون النفطي وإقامة مشروعات نفطية تعود بالفائدة على الشعبين السوداني والصيني".
وأبدى المسؤول السوداني تفاؤله بإمكانية أن تضيف مبادرة "الحزام والطريق" نفساً جديداً للعلاقة بين السودان والصين كون السودان يمثل حلقة وصل بين القارة الأفريقية والمنطقة العربية. واعتبر المسؤول السوداني زيارة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي للسودان في 25 أغسطس/آب الجاري، تأكيداً على تنامي العلاقات بين السودان والصين، وإشارة إلى حرص القيادة السياسية في البلدين على استمرار تبادل وجهات النظر بما يعزز من العلاقات المشتركة.
من جانبه، رأى الدكتور علي يوسف المدير التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، وهي إحدى أذرع جامعة الدول العربية ومقرها الخرطوم، أن الصين تمثل "الشريك الأهم" للسودان خارجياً.
وقال يوسف، في تصريح لوكالة شينخوا: "في تقديري أن الصين هي الشريك الأهم في علاقات السودان مع الخارج، وحتى لو رفعت الولايات المتحدة الأميركية العقوبات عن السودان، فإن ذلك لن يغير من معادلة أن الصين هي أهم شريك اقتصادي للسودان، وأعتقد أن الصين والقيادة الصينية لديها التزام قوي تجاه السودان". وأضاف "لدينا نموذج كبير يشير إلى فائدة هذه العلاقة، وأعني مشروع البترول السوداني الذي حقق فائدة كبيرة للسودان من خلال رفد اقتصاده بموارد ضخمة، كما أن الجانب الصيني استفاد كذلك من هذا المشروع".
وفي السياق ذاته، بيّن المحلل السياسي والدبلوماسي السوداني السفير بشرى الشيخ دفع الله، أهمية هذه الشراكة، وقال "إن الشراكة بين السودان والصين حققت عدداً كبيراً من الفوائد وأسهمت في إقامة الكثير من مشروعات التنمية في السودان".
وأعرب عن أمله في أن تواصل الصين دعمها للسودان لإقامة مزيد من المشروعات التنموية، وقال "السودان يحتاج الآن إلى مزيد من الدعم في مجال البنى التحتية وخاصة خطوط السكك الحديدية".
ويذكر أن الصين والسودان أقاما في الرابع من فبراير/ شباط عام 1959، العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث دخلت العلاقات بين البلدين في عهد جديد من التبادلات الودية. وتم توقيع أول بروتوكول للتبادل التجاري بين البلدين في عام 1962، واستمر التبادل التجاري إلى أن احتلت الصين دولياً موقع الشريك التجاري الأول للسودان، بحجم تبادل اقتصادي بلغ 10 أضعاف التبادل السوداني مع كافة الدول الاقتصادية الكبرى، بالمقابل احتل السودان المرتبة الثالثة أفريقياً، كشريك اقتصادي للصين.
ويعود لكل من الصين وماليزيا الفضل في استخراج البترول السوداني بعد انسحاب شركة شيفرون الأميركية من مناطق التنقيب في الجنوب الغربي من السودان في فترة السبعينات على عهد الرئيس جعفر نميري.
اقــرأ أيضاً
وسط هذه الظروف، تترقب الحكومة السودانية التي تعاني من الحظر الاقتصادي وأزمة عملات صعبة باهتمام بالغ إلى الزيارة المرتقبة لنائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي للخرطوم في الخامس والعشرين من أغسطس/آب الجاري. ويأمل السودان أن تترجم هذه الزيارة في زيادة الاستثمارات الصينية في السودان، بعد أن تجاوز البلدان أزمة الديون المتراكمة على الخرطوم المقدرة بحوالى 10 مليارات دولار، من جملة ديون خارجية على السودان تقدر بحوالى 50 مليار دولار.
وكانت حكومة الرئيس عمر البشير تأمل في رفع الحظر الأميركي عن السودان، حتى زيارة الرئيس دونالد ترامب للعاصمة السعودية الرياض، وحسب وعود تلقتها من قادة خليجيين، ولكن ما حدث أن الرئيس ترامب مدد الحظر. كما قالت مصادر أميركية لنشرة" ذي هيل" التي تعنى بشؤون الكونغرس في واشنطن، إن ملف السودان لم يكن أصلاً من بين اهتمامات الرئيس ترامب، حين وقع على تمديد الحظر، حيث لم يعين في ذلك الوقت وحتى الآن مسؤولاً للشؤون الأفريقية.
وسط هذه الظروف المالية الضاغطة على الخرطوم، تتزايد الآمال بأن تثمر زيارة تشانغ قاو لي خلال الشهر الجاري للخرطوم في ضخ مزيد من الدولارات في شرايين الاقتصاد السوداني الذي يعاني من نقص حاد في الدولار. وكان الدولار قد ارتفع في الخرطوم إلى أكثر من 22 جنيهاً سودانياً في السوق السوداء خلال موسم الحج الجاري.
ويحفظ السودان للصين أنه شريك استراتيجي قدم مساعدات قيمة له في وقت كان يتعرض فيه السودان لحصار اقتصادي شامل، وما تزال القيادة السياسية في السودان تأمل في تعزيز العلاقات مع الصين في مختلف المجالات.
في هذا الصدد نسبت وكالة شينخوا شبه الرسمية الصينية إلى مساعد الرئيس السودانى ومسؤول ملف العلاقات السودانية الصينية، عوض الجاز، قوله يوم الأربعاء: "علاقاتنا مع الصين تاريخية وعميقة واستراتيجية، هذه علاقة نموذجية نأمل أن تستمر كذلك وأن تنتقل إلى آفاق أرحب".
وأضاف "حققنا نموذجاً ملهماً فى مجال صناعة النفط، والآن نتجه إلى أن نجعل من الزراعة نموذجاً آخر لتجربة التعاون النفطي، نجهز الآن لنجعل مشروع الرهد الزراعي بوسط السودان عنواناً للتعاون فى مجال الزراعة بين السودان والصين".
وأردف "هناك مجالات أخرى كثيرة يمكن أن ندخلها معاً، للسودان موارد زراعية ومعدنية وثروة حيوانية، إضافة إلى أن صناعة الغذاء واحدة من القضايا التي تؤرق العالم الآن، ويمكن أن تحقق الشراكة بين السودان والصين نجاحات كبيرة في هذه المجالات".
وتقدر استثمارات الصين في السودان بحوالى 15 مليار دولار حتى العام الماضي 2016. وذلك حسب تصريحات أدلى بها وزير الاستثمار السوداني مدثر عبد الرحمن لصحف سودانية. وأشار الوزير عبد الرحمن إلى أن هنالك حوالى 126 شركة عاملة في السودان. وكانت الصين قد وقعت مع السودان 6 اتفاقيات استثمارية في المجال الزراعي في سبتمبر/ ايلول الماضي. وتقدر قيمة هذه الاستثمارات بحوالى 60 مليون دولار بين العام الجاري وحتى العام 2020. ومن أولويات الخرطوم في هذه المرحلة تأهيل مشروع الجزيرة الذي كان يشكل عصب الاقتصاد السوداني قبل اهماله وتفكيكه من قبل حكومة البشير.
وتوقع المسؤول السوداني عوض الجاز، في تصريحاته للوكالة الصينية، أن يدخل السودان والصين في شراكات جديدة في مجال قطاع النفط، وقال "هناك دراسات جيولوجية تشير إلى امتلاك السودان لمخزون كبير من النفط والغاز في مناطق متعددة، وليس هناك ما يمنع من إعادة تجربة التعاون النفطي وإقامة مشروعات نفطية تعود بالفائدة على الشعبين السوداني والصيني".
وأبدى المسؤول السوداني تفاؤله بإمكانية أن تضيف مبادرة "الحزام والطريق" نفساً جديداً للعلاقة بين السودان والصين كون السودان يمثل حلقة وصل بين القارة الأفريقية والمنطقة العربية. واعتبر المسؤول السوداني زيارة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاو لي للسودان في 25 أغسطس/آب الجاري، تأكيداً على تنامي العلاقات بين السودان والصين، وإشارة إلى حرص القيادة السياسية في البلدين على استمرار تبادل وجهات النظر بما يعزز من العلاقات المشتركة.
من جانبه، رأى الدكتور علي يوسف المدير التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، وهي إحدى أذرع جامعة الدول العربية ومقرها الخرطوم، أن الصين تمثل "الشريك الأهم" للسودان خارجياً.
وقال يوسف، في تصريح لوكالة شينخوا: "في تقديري أن الصين هي الشريك الأهم في علاقات السودان مع الخارج، وحتى لو رفعت الولايات المتحدة الأميركية العقوبات عن السودان، فإن ذلك لن يغير من معادلة أن الصين هي أهم شريك اقتصادي للسودان، وأعتقد أن الصين والقيادة الصينية لديها التزام قوي تجاه السودان". وأضاف "لدينا نموذج كبير يشير إلى فائدة هذه العلاقة، وأعني مشروع البترول السوداني الذي حقق فائدة كبيرة للسودان من خلال رفد اقتصاده بموارد ضخمة، كما أن الجانب الصيني استفاد كذلك من هذا المشروع".
وفي السياق ذاته، بيّن المحلل السياسي والدبلوماسي السوداني السفير بشرى الشيخ دفع الله، أهمية هذه الشراكة، وقال "إن الشراكة بين السودان والصين حققت عدداً كبيراً من الفوائد وأسهمت في إقامة الكثير من مشروعات التنمية في السودان".
وأعرب عن أمله في أن تواصل الصين دعمها للسودان لإقامة مزيد من المشروعات التنموية، وقال "السودان يحتاج الآن إلى مزيد من الدعم في مجال البنى التحتية وخاصة خطوط السكك الحديدية".
ويذكر أن الصين والسودان أقاما في الرابع من فبراير/ شباط عام 1959، العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث دخلت العلاقات بين البلدين في عهد جديد من التبادلات الودية. وتم توقيع أول بروتوكول للتبادل التجاري بين البلدين في عام 1962، واستمر التبادل التجاري إلى أن احتلت الصين دولياً موقع الشريك التجاري الأول للسودان، بحجم تبادل اقتصادي بلغ 10 أضعاف التبادل السوداني مع كافة الدول الاقتصادية الكبرى، بالمقابل احتل السودان المرتبة الثالثة أفريقياً، كشريك اقتصادي للصين.
ويعود لكل من الصين وماليزيا الفضل في استخراج البترول السوداني بعد انسحاب شركة شيفرون الأميركية من مناطق التنقيب في الجنوب الغربي من السودان في فترة السبعينات على عهد الرئيس جعفر نميري.