فالحصان البربري يُعدّ إحدى أقدم سلالات الخيول في العالم. إذ تؤرّخ النقوش الحجرية القديمة، التي وُجِدَت في بعض المغارات والجداريات بمناطق الشمال الأفريقي، للعلاقة الخاصّة التي ربطته بسكّان هذه المناطق. فالأمازيغ الذين استوطنوا هذه المناطق منذ قرون عدّة رافقتهم الأحصنة البربرية في أنشطة الصيد وفي ترحالهم، وحروبهم وغزواتهم. كما استخدمه أهالي جبال الأطلس الممتدّة على طول الأراضي المغربية، ومثلهم فعلت القبائل المستقرّة في السهول الفلاحية الغربية للبلاد، في مختلف تفاصيل حياتهم.
يُعتَبرُ الخيل البربري، الذي ظهر في المنطقة المغاربية منذ آلاف السنين، السلالة الأصيلة لأصناف خيول أخرى كالخيول البرتغالية والإسبانية وخيول "الكريولو" الأرجنتينية، وحصان "الموستانغ" في شكله المتوحّش. فأصالة الخيول البربرية لا تقتصر على قِدَمِ نسلها، بل أيضاً على ارتباطها بتاريخ مناطق مغاربية وأهازيجها الشعبية، وحضور صورها في رسومات تزيّن الأواني التقليدية والزرابي، إذ تعتني القبائل برصيدها من سرب الخيول وتعدّها ثروة معنوية، وتعبّر بإتقان أبنائها لفنون الفروسية على الجسارة والإقدام والشجاعة.
ويرتبط الحصان البريري بإحدى أقدم الرياضات الحربية في المغرب والتي تدعى "التبوريدة". إذ يُعدّ الحصان البربري مطواعاً، سهلَ الترويض، ويتميّز بخفّة وتوازن في الحركة، ما يُؤهّله لأداء الحركات البهلوانية والانسجام مع باقي خيول السرب في أداء عرض التبوريدة (الفنتازيا الشعبية)، التي تبدأ باصطفاف أحصنة سرب الأحصنة ثم انطلاقها في العدو بسرعة واحدة وإطلاق الخيّالة البارود من فوهة بنادقهم الخشبية، كما يوضح الفيديو المُرفَق.
وتعتني القبائل بهذه الأحصنة وتزيّن ظهورها بأسرجة مطرّزة بأغلى الأثواب وأجملها، وتطبع على غرّة وجهها دائرة من الحنّاء، حفظاً لها من كلّ سوء، بحسب المعتقدات الشعبية الرائجة.