وأضاف الشيباني، أنه تم القبض، اليوم الأربعاء، على عنصرين تكفيريين مصنفين خطيرين، وأحدهما محل إقامة جبرية، بصدد حرق قباضة مالية ومستودع بلدي بمنطقة نفزة التابعة لولاية باجة (شمالي تونس) وسيارتين أمنيتين.
وأشار المتحدث إلى أن العصابات الإجرامية التي تظهر ليلاً للتخريب والسرقة لا علاقة بها بالاحتجاجات المطالبة بالتشغيل والتنمية، موضحاً أن هؤلاء يتوزعون في شكل مجموعات ولديهم أدوار محددة يقومون بها، فيستهدفون أعوان الأمن ثم تتجه مجموعات أخرى إلى المستودعات البلدية والتي تحتوي على المحجوزات لنهبها وكذلك البنوك والموزعات الآلية لتخريبها والسرقة.
وأفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، أنه يجب تسمية الأشياء بمسمياتها إذ إنه تم القبض على شباب أعمارهم بين 15 و18 سنة، متسائلاً، إن كان هؤلاء فعلاً محتجين، فسيحتجون على ماذا؟ لافتاً إلى أنه لوحظ استهداف هذه العصابات للمواطنين وسرقتهم.
واعتبر أن حق الاحتجاج مكفول بالدستور ولم يتم منع أي احتجاج طيلة السنة وإن تونس لديها أرقام قياسية في الاحتجاجات وبالتالي فإن ما يحصل وراءه عصابات منظمة ومجرمون هدفهم نهب الأموال والتخريب لا غير.
وأضاف الشيباني، أن الإصابات في صفوف أعوان الأمن بلغت 58 إصابة بين شرطة وحرس، كما تضررت 57 سيارة إدارية تابعة للوحدات الأمنية بعد رشقها بالحجارة وسجل احتراق سيارتين تماماً، وذلك على خلفية التحرّكات اللّيلية التي شهدتها بعض مناطق الجمهورية أمس الثلاثاء.
وبين أنه تم القبض على 8 أشخاص اعترفوا بضلوعهم في عملية اقتحام مركز أمني بالقطار بقفصة، وسرقة دراجات نارية بمستودع بلدي، وحرق قباضة مالية بالجهة.
وأكد الشيباني أنه تم، في ساعة متأخرة من ليلة أمس، إلقاء القبض على موظف كان على متن سيارة إدارية بحي الزهور بالقصرين جنوب تونس وبحوزته مبلغ مالي يقدر بألفي دينار (حوالى ألف دولار) وقد تم الاحتفاظ به لمزيد التحريات بعد إذن من النيابة العامة.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، عماد الخميري في تصريح لـ"العربي
الجديد" إن ما يحدث لا علاقة له بالاحتجاج السلمي المكفول بالدستور وإن ما يحصل ليلاً هو استهداف لمقرات عمومية وترويع للمواطنين، مشيراً إلى أن حركة النهضة تدين بشدة الأحزاب السياسية التي تدعو للتحرك دون تأطير التحركات والاحتجاجات.
وأضاف الخميري "على من يدعو للاحتجاجات أن يؤطرها لكي لا تخرج عن نطاق السلمية وعليه تحمل المسؤولية السياسية في ذلك ولا يمكن لأي جهة التنصل مما يحصل".
واعتبر أنه توجد أيضاً محاولات للتوظيف السياسي لما يحصل في الساحة التونسية تحت شعارات إسقاط الحكومة من أحزاب معينة وبحسب أجندات لها غايات فوضوية وتهدف إلى بث الفوضى، مبيناً أن هذا يعتبر توظيفاً رخيصاً وأن حركة النهضة تؤكد أن الحكومة لها مسؤولية أيضاً لتوضيح قانون المالية وتفسير الزيادات الحاصلة لكي تكون المسائل واضحة لعموم التونسيين وللضرب على أيدي المحتكرين.
ودعا الحكومة للرفع في قيمة المنح الاجتماعية للعائلات المعوزة لتتمكن من مواجهة غلاء الأسعار.
ونبهت حركة النهضة من خطورة ما تقوم به بعض الأطراف السياسية من توفير الغطاء السياسي الذي يبرّر أعمال العنف والتخريب، بل ويشجع على القيام بها وتوسيعها وتواصلها لحسابات انتخابية مبكرة، وأغراض لا علاقة لها بالاحتجاج الاجتماعي المدني والسلمي، وهو ما يجعل هذه الأطراف أمام مسؤوليتها فيما يمكن أن يحدث من تجاوزات واعتداءات على الأملاك والأرواح.
ونددت النهضة في بيان لها بما فتئت تعبّر عنه بعض الأطراف السياسية من خطاب سياسوي وتحريضي، عنيف ودموي، ينمّ عن أصل بنيتها الفكرية الفوضوية وما تختزنه من أفكار تدعو إلى تقسيم التونسيين بين الحداثيين ومعادي الحداثة بدل وحدتهم، وإلى العنف بدل الحوار وإلى الاحتراب والاستقطاب بدل التوافق.
وثمّنت في المقابل موقف الاتحاد العام التونسي للشغل في التمييز بين التظاهر والتحرك الاجتماعي السلمي وبين ما تقوم به العصابات من أعمال عنف وفوضى وتخريب، وأكدت اشتراكها مع الاتحاد العام التونسي للشغل في المطالبة بالتفعيل الفوري لقرار الرفع في المنحة المخصصة للعائلات المعوزة واتخاذ إجراءات استثنائية لفائدة عمال الحضائر والرفع في الأجر الأدنى.
ودعت حركة النهضة إلى التمييز بين شرعية التحرك الاجتماعي الذي كفله دستور الثورة وتنظمه القوانين، وحق المواطنين في التعبير عن عدم رضاهم على بعض سياسات أو قرارات الحكومة، وبين أعمال الفوضى والتخريب والاعتداء على أملاك التونسيين ونهبها، وتهديد أرواحهم وإرباك حياتهم العادية، وكلها أعمال اختلطت فيها السياسة بالعنف والإجرام، تستدعي تطبيق القانون على مرتكبيها.
وجدّد البيان دعوة الحركة لحكومة الوحدة الوطنية لإطلاق حوار وطني اقتصادي واجتماعي على غرار الحوار الوطني السياسي الذي أنقذ بلادنا وأحلّ سياسة التوافق بدل الإقصاء، تشارك فيه الأحزاب والمنظمات والخبراء ويتم فيه الاستماع لمشاغل المواطنين وتعالج فيه كل القضايا والملفات، ينتهي إلى مزيد ضبط وتدقيق الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للحكومة لتسريع الانتقال الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة والعادلة على قاعدة الحق الدستوري في التمييز الإيجابي للجهات الداخلية.
ودعت الحكومة أيضاً إلى المبادرة بالاجتماع بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج لدراسة الوضع وإيجاد الحلول والإجراءات الضرورية للتفاعل مع المطالب الاجتماعية الملحة للتونسيين وبالأحرى الفئات الهشة والضعيفة وعديمو الدخل والعائلات المعوزة لحماية قدرتهم الشرائية وحفظ كرامتهم وتقديم الدعم والمساعدة لمستحقيهما.
كما طالبت بمزيد تشديد الرقابة والضرب بقوة لمسالك الاحتكار والتهريب، وتأمين حاجة المواطنين من المواد الاستهلاكية الضرورية بعيداً عن التلاعب بالأسعار والزيادات المشطة.
وجدّد البيان التزام الحركة بالعمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية الجامعة لكل التونسيين، وحفظ أمن تونس واستقرارها، وحماية سلامة التونسيين وممتلكاتهم ونمط عيشهم وانحيازها التام لتأمين حقهم في العيش الكريم والدفاع عن ثورتهم ومكاسبها وعن مستقبل الأجيال القادمة، داعية الشعب إلى التهدئة والتعقل وتغليب المصلحة الوطنية وعدم الانجرار إلى أجندة الفوضى وتهديد الاستقرار.
يذكر أنّ عديد المناطق من البلاد التونسيّة شهدت خلال اللّيلتين الماضيتين عمليات نهب وسرقة واعتداء على الملك العام والخاص وذلك بذريعة الاحتجاج على الزّيادات في الأسعار وغلاء المعيشة.