لا تخترق الدراما السوريّة الوصفات التسويقيّة ما لم تحصّن نفسها بأسماء نجوم تمثيل وإخراج كبار يضمن حضورهم للعمل وتسويقه. وإن كان هذا الخيار بات أيضاً مغامرة غير محسوبة، بعد أن شهدنا، خلال الموسم الدرامي الفائت، عملاً مثل "قلم حمرة" (تأليف يم مشهدي، إخراج حاتم علي) اجتمعت فيه كل أسباب النجاح التسويقي والفني. لكنّه عانى كساداً تسويقياً لدرجة أنه لم يجد شاشة يطل عبرها في شهر رمضان 2014، إلاّ قناة "السومرية" العراقية، التي لا تكاد تذكر في قائمة القنوات العربية المهمة.
على هذا النحو، ووفق استثناءات محدودة العدد قد ترتفع خلال الموسم الدرامي 2015، يمكن لنا أن نصنف ما ينتج اليوم تحت اسم "دراما سورية" بين أربعة عناوين رئيسية، تعكس بمضمونها ما آل إليه حال الدراما السورية اليوم، وهي: دراما سورية بوصفة نجاح مفترضة أوحت بها الدراما التركية. وهذا النموذج من الأعمال بات يتوخى التطرق بموضوعاته نحو كل ما هو غير مألوف في مجتمعاتنا العربية تحت عناوين عديدة، ليس آخرها جرأة الطرح ومقاربة الواقع.
إن كان هذا الشكل بدأ يظهر في ما عرف بالدراما متعددة الجنسيات العربية أو ما اصطلح على تسميته "بان آراب"، إلاّ أنّه بدأ يتسرب إلى الدراما السورية بوضوح، سواء في ما عرف بـ "دراما الحسناوات" أو من خلال مسلسلات لعبت على حدود "التابو الجنسي" سواء كخطوط رئيسية لحكايتها، مثل سلسلة خماسيات "صرخة روح" التي أنتج منها حتى الآن ثلاثة أجزاء وينتظر عرض الأخير منها في رمضان المقبل، أو من خلال خطوط فرعية مثل مسلسل "دامسكو" الذي يقوم المخرج سامي جنادي بتصويره اليوم في دمشق، ويتطرق في واحد من خطوطه العريضة إلى شبكة دعارة، وتعامل رجال شرطة الآداب معها.
إقرأ أيضاً: سمر كوكش...أثر الفراشة
الشكل الثاني للدراما السورية السائدة خلال السنوات الأخيرة يتجلى باسم "دراما البيئة الشامية". وتلك الأعمال هي الأكثر رواجاً اليوم في سوق الدراما السورية، وهي الأولى أيضاً على قائمة التسويق، ومطلوبة من قبل الجميع،على نحو لا يمكن لأي عقلية إنتاجية أن تغض النظر عنها دون أن تحجز لنفسها في سوق العرض عملاً.
الأرقام تؤكد أنّ ما من موسم درامي سوري، مرّ منذ سنوات عديدة، إلاّ ووصل عدد المسلسلات التي تنتمي إلى هذا النمط ما يعادل ربع ما تنتجه الدراما السورية في كل موسم. فيما تتصدر هذه الأعمال قائمة "دراما الأجزاء" الأكثر شيوعاً في الإنتاج الدرامي السوري، ويمكن القول إنّ نصف ما تنتجه الدراما السورية كل عام من البيئة الشامية هو أجزاء جديدة عن مسلسلات قديمة.
وفي هذا الموسم (2015)، لم يعلن حتى الساعة عن إنتاج مسلسل جديد ينتمي إلى هذا النمط. وبالمقابل يتم العمل (أو انتهى) على أجزاء جديدة لمسلسلات عرضت العام الفائت، إذ من المنتظر أن نشاهد في رمضان المقبل الجزء السابع من مسلسل باب الحارة، وجزءاً ثانياً من مسلسل "الغربال" وثالثاً من مسلسل "طوق البنات". تلك الأعمال، إلى جانب ضمانتها التسويقية، تعد أيضاً من الإنتاجات الرخيصة نسبياً، بعد أن باتت الشركات المنتجة لها تمتلك ديكورات خارجية جاهزة، يتم التعديل البسيط عليها في حال تم إنتاج مسلسل جديد، فضلاً عن أنّ مخازنها باتت ممتلئة بملابس تلك الفترة، والاعتماد أحياناً على أسماء مغمورة أو نجوم الصف الثاني في إنتاج بعضها، مثل مسلسل "خان الدراويش"، و"ليالي شامية".
دراما الانتاجات الرخيصة والوجوه الجديدة والأسماء المغمورة، ستشكل وحدها تياراً بارزاً في الإنتاج الدرامي السوري خلال السنوات الأخيرة، وقد شاع خلال السنوات القليلة الفائتة تنفيذ أعمال بملاءات إنتاجية منخفضة، وبالتالي الخروج بمنتج يحمل إغراء شرائه ببخس ثمنه، وذلك بالاعتماد على نجوم من الصف الثاني لتأدية أدوار البطولة، أو اختيار حكايات تفترض بالضرورة الاعتماد على وجوه شابة، هي بالغالب ستقف أول مرة أمام الكاميرا، بروح الباحث عن فرصة للظهور لا عن أجر مقابل ظهوره، ومن دون اشتراطات.
هؤلاء جميعاً سيقدمون نصوصاً كتبتها أسماء مغمورة أيضاً، وسيقوم على إخراجها أسماء مغمورة، والنتيجة منتج درامي لا يحمل من مواصفات الدراما السورية، إلاّ إسمها الذي يسوق به. المثير أنّ بعض تلك الأعمال تُطعم باسم واحد أو اثنين من نجوم التمثيل الكبار، الذي يبدو حاله في هذه الدراما حال المثل الشعبي "إذا جاءك الطوفان ضع ابنك تحت قدميك". الشكل الرابع للإنتاج الدرامي السوري كان دراما الحدث السوري الساخن الذي تعيشه سورية منذ 15 مارس/اذار 2011.
بدأ هذا النمط بالظهور منذ أغسطس/آب 2011، ولم يغب عن المواسم الدرامية الرمضانية من وقتها. وقد بلغ حدّ إنتاجه الأعظمي خلال موسمي رمضان 2013 و2014 بخمسة مسلسلات خلال كل موسم، وهو الرقم الذي يبدو أن الموسم الدرامي الرمضاني 2015 سيكسره، إذ بلغ عدد المسلسلات المنتجة (نفذت أو قيد التنفيذ) حتى الساعة ستة مسلسلات هي (عناية مشددة، شهر زمان، بانتظار الياسمين، غداً نلتقي، وجوه وأماكن، امرأة من رماد). ومن المرجح أن يرتفع العدد إلى سبعة مع إعلان المخرجة رشا شربتجي بمقاربة الموضوع ذاته في مسلسل تعمل على تحضيره.
تلك الأعمال بالغالب ستبقى تدور في فلك واحد لجهة تناولها انعكاسات ما حدث على الناس اجتماعياً واقتصادياً وإنسانياً، وذلك هو الأسلوب الأمثل للمقاربة الفنية لحدث ساخن لم ينته بعد، مثل الحدث السوري، وإن كنا لا نستبعد أن نلحظ هذا العام مقاربات مختلفة، يبقى الحكم النقدي الفني عليها، رهن عرضها.
تقسيم الدراما السورية على هذا النحو لا يعني أننا لن نشهد أعمالاً تتمرد على تصنيفاتها الأربعة، وهو ما نأمله في أعمال عديدة مثل: (حرائر، حارة المشرقة، في ظروف غامضة، دنيا2..). كما يجدر الذكر أننا سنشهد خارج التصنيفات الأربعة، إنتاج عملين عن رواية ماريو بوزو الشهيرة "العراب"، من شأنهما أن يدخلا منافسة خاصة، نأمل أن تصب في النهاية، خدمةً للدراما السورية لا تعميقاً لجراحها.
على هذا النحو، ووفق استثناءات محدودة العدد قد ترتفع خلال الموسم الدرامي 2015، يمكن لنا أن نصنف ما ينتج اليوم تحت اسم "دراما سورية" بين أربعة عناوين رئيسية، تعكس بمضمونها ما آل إليه حال الدراما السورية اليوم، وهي: دراما سورية بوصفة نجاح مفترضة أوحت بها الدراما التركية. وهذا النموذج من الأعمال بات يتوخى التطرق بموضوعاته نحو كل ما هو غير مألوف في مجتمعاتنا العربية تحت عناوين عديدة، ليس آخرها جرأة الطرح ومقاربة الواقع.
إن كان هذا الشكل بدأ يظهر في ما عرف بالدراما متعددة الجنسيات العربية أو ما اصطلح على تسميته "بان آراب"، إلاّ أنّه بدأ يتسرب إلى الدراما السورية بوضوح، سواء في ما عرف بـ "دراما الحسناوات" أو من خلال مسلسلات لعبت على حدود "التابو الجنسي" سواء كخطوط رئيسية لحكايتها، مثل سلسلة خماسيات "صرخة روح" التي أنتج منها حتى الآن ثلاثة أجزاء وينتظر عرض الأخير منها في رمضان المقبل، أو من خلال خطوط فرعية مثل مسلسل "دامسكو" الذي يقوم المخرج سامي جنادي بتصويره اليوم في دمشق، ويتطرق في واحد من خطوطه العريضة إلى شبكة دعارة، وتعامل رجال شرطة الآداب معها.
إقرأ أيضاً: سمر كوكش...أثر الفراشة
الشكل الثاني للدراما السورية السائدة خلال السنوات الأخيرة يتجلى باسم "دراما البيئة الشامية". وتلك الأعمال هي الأكثر رواجاً اليوم في سوق الدراما السورية، وهي الأولى أيضاً على قائمة التسويق، ومطلوبة من قبل الجميع،على نحو لا يمكن لأي عقلية إنتاجية أن تغض النظر عنها دون أن تحجز لنفسها في سوق العرض عملاً.
الأرقام تؤكد أنّ ما من موسم درامي سوري، مرّ منذ سنوات عديدة، إلاّ ووصل عدد المسلسلات التي تنتمي إلى هذا النمط ما يعادل ربع ما تنتجه الدراما السورية في كل موسم. فيما تتصدر هذه الأعمال قائمة "دراما الأجزاء" الأكثر شيوعاً في الإنتاج الدرامي السوري، ويمكن القول إنّ نصف ما تنتجه الدراما السورية كل عام من البيئة الشامية هو أجزاء جديدة عن مسلسلات قديمة.
وفي هذا الموسم (2015)، لم يعلن حتى الساعة عن إنتاج مسلسل جديد ينتمي إلى هذا النمط. وبالمقابل يتم العمل (أو انتهى) على أجزاء جديدة لمسلسلات عرضت العام الفائت، إذ من المنتظر أن نشاهد في رمضان المقبل الجزء السابع من مسلسل باب الحارة، وجزءاً ثانياً من مسلسل "الغربال" وثالثاً من مسلسل "طوق البنات". تلك الأعمال، إلى جانب ضمانتها التسويقية، تعد أيضاً من الإنتاجات الرخيصة نسبياً، بعد أن باتت الشركات المنتجة لها تمتلك ديكورات خارجية جاهزة، يتم التعديل البسيط عليها في حال تم إنتاج مسلسل جديد، فضلاً عن أنّ مخازنها باتت ممتلئة بملابس تلك الفترة، والاعتماد أحياناً على أسماء مغمورة أو نجوم الصف الثاني في إنتاج بعضها، مثل مسلسل "خان الدراويش"، و"ليالي شامية".
دراما الانتاجات الرخيصة والوجوه الجديدة والأسماء المغمورة، ستشكل وحدها تياراً بارزاً في الإنتاج الدرامي السوري خلال السنوات الأخيرة، وقد شاع خلال السنوات القليلة الفائتة تنفيذ أعمال بملاءات إنتاجية منخفضة، وبالتالي الخروج بمنتج يحمل إغراء شرائه ببخس ثمنه، وذلك بالاعتماد على نجوم من الصف الثاني لتأدية أدوار البطولة، أو اختيار حكايات تفترض بالضرورة الاعتماد على وجوه شابة، هي بالغالب ستقف أول مرة أمام الكاميرا، بروح الباحث عن فرصة للظهور لا عن أجر مقابل ظهوره، ومن دون اشتراطات.
هؤلاء جميعاً سيقدمون نصوصاً كتبتها أسماء مغمورة أيضاً، وسيقوم على إخراجها أسماء مغمورة، والنتيجة منتج درامي لا يحمل من مواصفات الدراما السورية، إلاّ إسمها الذي يسوق به. المثير أنّ بعض تلك الأعمال تُطعم باسم واحد أو اثنين من نجوم التمثيل الكبار، الذي يبدو حاله في هذه الدراما حال المثل الشعبي "إذا جاءك الطوفان ضع ابنك تحت قدميك". الشكل الرابع للإنتاج الدرامي السوري كان دراما الحدث السوري الساخن الذي تعيشه سورية منذ 15 مارس/اذار 2011.
بدأ هذا النمط بالظهور منذ أغسطس/آب 2011، ولم يغب عن المواسم الدرامية الرمضانية من وقتها. وقد بلغ حدّ إنتاجه الأعظمي خلال موسمي رمضان 2013 و2014 بخمسة مسلسلات خلال كل موسم، وهو الرقم الذي يبدو أن الموسم الدرامي الرمضاني 2015 سيكسره، إذ بلغ عدد المسلسلات المنتجة (نفذت أو قيد التنفيذ) حتى الساعة ستة مسلسلات هي (عناية مشددة، شهر زمان، بانتظار الياسمين، غداً نلتقي، وجوه وأماكن، امرأة من رماد). ومن المرجح أن يرتفع العدد إلى سبعة مع إعلان المخرجة رشا شربتجي بمقاربة الموضوع ذاته في مسلسل تعمل على تحضيره.
تلك الأعمال بالغالب ستبقى تدور في فلك واحد لجهة تناولها انعكاسات ما حدث على الناس اجتماعياً واقتصادياً وإنسانياً، وذلك هو الأسلوب الأمثل للمقاربة الفنية لحدث ساخن لم ينته بعد، مثل الحدث السوري، وإن كنا لا نستبعد أن نلحظ هذا العام مقاربات مختلفة، يبقى الحكم النقدي الفني عليها، رهن عرضها.
تقسيم الدراما السورية على هذا النحو لا يعني أننا لن نشهد أعمالاً تتمرد على تصنيفاتها الأربعة، وهو ما نأمله في أعمال عديدة مثل: (حرائر، حارة المشرقة، في ظروف غامضة، دنيا2..). كما يجدر الذكر أننا سنشهد خارج التصنيفات الأربعة، إنتاج عملين عن رواية ماريو بوزو الشهيرة "العراب"، من شأنهما أن يدخلا منافسة خاصة، نأمل أن تصب في النهاية، خدمةً للدراما السورية لا تعميقاً لجراحها.