ينشر مغرّد ما رأياً نقدياً، فتهجم شبكة من الحسابات الوهمية: تنمّر، سخرية، أذية، ملاحقة عبر باقي التغريدات، تشويه سمعة، وغيرها... تلك هي الطريقة الأبرز لعمل الذباب الإلكتروني، ولكنّها ليست الوحيدة. هدف تلك الحسابات الوهمية شنّ حملة "وطنيّة" تستخدم أسلوب الترهيب لـ"إقناع" الجمهور برأيٍ تبتغيه الجهة التي توجّهها؛ وفي الغالب، هي حكومات. تنشر الشبكة، التي يُشارك فيها روبوتات (البوتس)، وحسابات مزيفة، ومتصيدون، وشخصيات حقيقية ومعروفة، نفس الرسالة في الوقت نفسه، وتروّج لوسوم كي تتربّع على قائمة الأكثر تداولاً، وبالتالي لتصل إلى جمهورٍ أوسع.
تقول دراسة جديدة نُشرت الأسبوع الماضي وأجراها باحثون في جامعة أوكسفورد إنّ 70 دولة على الأقل شاركت في حملات تضليل إعلاميّة، وتذكر دور السعوديّة فيها، مشيرةً إلى أنّها بين سبع دول حاولت التأثير على الرأي العام خارج حدودها.
هذه المعلومات ليست بجديدة، فمع الحصار السعودي الإماراتي البحريني المصري على دولة قطر، استشرست الحسابات الوهميّة التابعة لذلك الحلف، وتحديداً السعودي منها. هاجمت تلك الحسابات جمال خاشقجي في العامين الأخيرين، خصوصاً بعد انتقاداته لممارسات ولي العهد محمد بن سلمان في السعودية. بعد اختفائه، كانت خطّة عمل الذباب الإلكتروني كالتالي: تصوير خاشقجي كخائن لبلاده والسخرية من خبر الاختفاء، الدفاع عن "المواطن السعودي" والترويج أنّ السعودية هي الجهة الوحيدة المهتمة بسلامة خاشقجي، كيل الاتهامات للمعارضين، التهجّم على خطيبة خاشقجي وإهانتها...
بعد أيامٍ قليلة، أعلن "تويتر" إيقاف شبكة تضمّ عدداً كبيراً من الروبوتات الإلكترونية bots التي تدافع عن السعودية في قضية اختفاء خاشقجي، بعدما قدّمت شبكة NBC الأميركية دلائل جمعها باحث تُشير إلى ذلك.
استمرّ خيط الفضائح بعدها، فكشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنّ شركة "تويتر" اكتشفت مؤامرة محتملة للتسلل إلى حسابات المستخدمين نهاية عام 2015، عندما أخبرها مسؤولو الاستخبارات الغربية بأن السعوديين كانوا يقومون بتهيئة موظف، وهو علي آل زبارة، للتجسس على المعارضين وغيرهم.
اقــرأ أيضاً
بعد عام، تستمرّ التقارير المشابهة. شهر أغسطس/آب الماضي، أعلنت شركة "فيسبوك" إقفال 350 صفحةً وحساباً وهمياً، على ارتباط بالسعودية. وقال مدير سياسة الأمن الإلكتروني، ناثانيال غليتشر: "بالنسبة لهذه العملية (إقفال الحسابات الوهمية)، استطاع محققونا التأكد من أن الأشخاص الذين يقفون وراءها مرتبطون بالحكومة السعودية".
والشهر الماضي، أعلن موقع "تويتر" عن وقف الحساب الشخصي للمستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، الذي كان يتابعه أكثر من مليون و300 ألف مغرّد. كما أوقف "6 حسابات أخرى مرتبطة بالحكومة السعودية. إذ كانت هذه الحسابات تقدّم نفسها كمنصات إعلامية مستقلة، بينما تقوم في الحقيقة بترويج وجهة نظر الحكومة". والقحطاني الذي أُبعد عن دائرة بن سلمان بعد أشهر من اغتيال خاشقجي، إثر اتهامه بالتورط والإشراف المباشر على الجريمة، كان متورّطاً أيضاً بقرصنة حسابات وتهديد ناشطين، وإدارة الذباب الإلكتروني نفسه.
تستمرّ السعودية، رغم كلّ الدراسات والبيانات الرسمية، بنفي تلك الاتهامات وهذا الانخراط. لكنّ رأياً واحداً معارضاً على مواقع التواصل، وتحديداً "تويتر"، كفيلٌ بإثبات العكس. يُساهم كلّ ذلك بتقويضٍ أكبر لحريّة التعبير، عبر بثّ الخوف في نفوس الناشطين والصحافيين لمنع نشر آرائهم، ما يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى قيامهم بالرقابة الشخصيّة المسبقة أو حتى مغادرة تلك المنصّات، وهو ما حدث مع الناشطة السعودية منال الشريف. هذا فيما تُشكّل مقرّات مواقع التواصل في الشرق الأوسط خطراً آخر على حرية التعبير، إثر التزام تلك الشركات بسياسات تلك الدول، ما يؤدي أيضاً إلى تهديد أمن وسلامة الناشطين، حسبما رأت منظمة "إمباكت" في تقريرٍ أخير لها.
تبقى كلّ هذه المعلومات بلا تأثير كبير، إذ إنّ إغلاق الحسابات وحده ليس كافيًا لضمان حريّة التعبير، بل إنّ "تويتر" ينفي أن تكون بعض حسابات الذباب الإلكتروني قد خرقت معاييره في حال الإبلاغ عنها، كونه يُدقق في الكلام الذي كُتب فقط، لا في آثاره وأبعاده أو كونه جزءاً من حملةِ تنمر ممنهجة. والوضع هذا قد يزداد سوءاً، مع استمرار شركات استخبارات إلكترونيّة وأمن معلومات بتزويد السعوديّة بتقارير تفصيليّة عمّا يكتبه السعوديّون يومياً، حول كلّ ما يتعلّق بالبلاد، ما يؤدّي إلى اعتقالات في كثير من الحالات.
هذه المعلومات ليست بجديدة، فمع الحصار السعودي الإماراتي البحريني المصري على دولة قطر، استشرست الحسابات الوهميّة التابعة لذلك الحلف، وتحديداً السعودي منها. هاجمت تلك الحسابات جمال خاشقجي في العامين الأخيرين، خصوصاً بعد انتقاداته لممارسات ولي العهد محمد بن سلمان في السعودية. بعد اختفائه، كانت خطّة عمل الذباب الإلكتروني كالتالي: تصوير خاشقجي كخائن لبلاده والسخرية من خبر الاختفاء، الدفاع عن "المواطن السعودي" والترويج أنّ السعودية هي الجهة الوحيدة المهتمة بسلامة خاشقجي، كيل الاتهامات للمعارضين، التهجّم على خطيبة خاشقجي وإهانتها...
بعد أيامٍ قليلة، أعلن "تويتر" إيقاف شبكة تضمّ عدداً كبيراً من الروبوتات الإلكترونية bots التي تدافع عن السعودية في قضية اختفاء خاشقجي، بعدما قدّمت شبكة NBC الأميركية دلائل جمعها باحث تُشير إلى ذلك.
استمرّ خيط الفضائح بعدها، فكشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنّ شركة "تويتر" اكتشفت مؤامرة محتملة للتسلل إلى حسابات المستخدمين نهاية عام 2015، عندما أخبرها مسؤولو الاستخبارات الغربية بأن السعوديين كانوا يقومون بتهيئة موظف، وهو علي آل زبارة، للتجسس على المعارضين وغيرهم.
بعد عام، تستمرّ التقارير المشابهة. شهر أغسطس/آب الماضي، أعلنت شركة "فيسبوك" إقفال 350 صفحةً وحساباً وهمياً، على ارتباط بالسعودية. وقال مدير سياسة الأمن الإلكتروني، ناثانيال غليتشر: "بالنسبة لهذه العملية (إقفال الحسابات الوهمية)، استطاع محققونا التأكد من أن الأشخاص الذين يقفون وراءها مرتبطون بالحكومة السعودية".
والشهر الماضي، أعلن موقع "تويتر" عن وقف الحساب الشخصي للمستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، الذي كان يتابعه أكثر من مليون و300 ألف مغرّد. كما أوقف "6 حسابات أخرى مرتبطة بالحكومة السعودية. إذ كانت هذه الحسابات تقدّم نفسها كمنصات إعلامية مستقلة، بينما تقوم في الحقيقة بترويج وجهة نظر الحكومة". والقحطاني الذي أُبعد عن دائرة بن سلمان بعد أشهر من اغتيال خاشقجي، إثر اتهامه بالتورط والإشراف المباشر على الجريمة، كان متورّطاً أيضاً بقرصنة حسابات وتهديد ناشطين، وإدارة الذباب الإلكتروني نفسه.
تستمرّ السعودية، رغم كلّ الدراسات والبيانات الرسمية، بنفي تلك الاتهامات وهذا الانخراط. لكنّ رأياً واحداً معارضاً على مواقع التواصل، وتحديداً "تويتر"، كفيلٌ بإثبات العكس. يُساهم كلّ ذلك بتقويضٍ أكبر لحريّة التعبير، عبر بثّ الخوف في نفوس الناشطين والصحافيين لمنع نشر آرائهم، ما يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى قيامهم بالرقابة الشخصيّة المسبقة أو حتى مغادرة تلك المنصّات، وهو ما حدث مع الناشطة السعودية منال الشريف. هذا فيما تُشكّل مقرّات مواقع التواصل في الشرق الأوسط خطراً آخر على حرية التعبير، إثر التزام تلك الشركات بسياسات تلك الدول، ما يؤدي أيضاً إلى تهديد أمن وسلامة الناشطين، حسبما رأت منظمة "إمباكت" في تقريرٍ أخير لها.
تبقى كلّ هذه المعلومات بلا تأثير كبير، إذ إنّ إغلاق الحسابات وحده ليس كافيًا لضمان حريّة التعبير، بل إنّ "تويتر" ينفي أن تكون بعض حسابات الذباب الإلكتروني قد خرقت معاييره في حال الإبلاغ عنها، كونه يُدقق في الكلام الذي كُتب فقط، لا في آثاره وأبعاده أو كونه جزءاً من حملةِ تنمر ممنهجة. والوضع هذا قد يزداد سوءاً، مع استمرار شركات استخبارات إلكترونيّة وأمن معلومات بتزويد السعوديّة بتقارير تفصيليّة عمّا يكتبه السعوديّون يومياً، حول كلّ ما يتعلّق بالبلاد، ما يؤدّي إلى اعتقالات في كثير من الحالات.