الرباط تستضيف مباحثات ليبية الأسبوع المقبل: الترتيبات الأمنية وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي

05 سبتمبر 2020
الاتفاق الليبي جاء بعد جملة من المشاورات التي جرت بين أطراف معنية باللمف(Getty)
+ الخط -

انتهت الأطراف الإقليمية والدولية إلى التوافق على ضرورة إطلاق مسارات حل الأزمة مجددا بين الأطراف الليبية، في الوقت الذي انتهى فيه مجلسا الدولة والنواب من اختيار ممثليهما لبدء حوارات مكثفة لحل المسائل الخلافية، وأبرزها الترتيبات الأمنية وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد الحكومة.

وكشفت مصادر ليبية مسؤولة، برلمانية من طبرق وحكومية من طرابلس، النقاب عن استمرار محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لترتيب تفاصيل إخلاء مدينة سرت من السلاح بإشراف البعثة الأممية، في جلسات غير مباشرة، تزامنا مع انتهاء مجلسي الدولة والنواب من تشكيل لجنة حوار سياسي مكونة من 5 أعضاء عن كل طرف، ستبدأ محادثات تمهيدية، مطلع الأسبوع المقبل، في العاصمة المغربية الرباط، وربما تستضيف جنيف السويسرية بعض جلسات اللجنة السياسية.

ورغم إعلان أعضاء من المجلس الأعلى للدولة عن اعتراضهم على "استفراد" رئيس المجلس، خالد المشري، باختيار أعضاء اللجنة الممثلة للمجلس، خلال بيان لهم أمس الجمعة، إلا أن مصادر حكومية من طرابلس أشارت إلى أن الخلاف حول الأعضاء وإمكانية الاتفاق عليهم أو استبدالهم لن يؤخر موعد إطلاق المحادثات السياسية.

واتفقت معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" على أن الاتفاق الليبي جاء بعد جملة من المشاورات التي جرت بين أطراف دولية وإقليمية معنية بالملف الليبي، انتهت إلى الاتفاق على ضرورة إعادة إطلاق مسارات الحل الثلاثة العسكرية والسياسية والاقتصادية، المنبثقة عن اتفاق برلين، في يناير/كانون الثاني الماضي.

وعن الملفات المطروحة أمام ممثلي المسارات الثلاثة، قالت المصادر إن محادثات الجانب الاقتصادي ستكون مؤجلة إلى ما بعد توافقات المسارين العسكري والسياسي، مشيرة إلى أن ملف الترتيبات الأمنية وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد الحكومة على رأس أجندة محادثات اللجنة السياسية المشتركة 5+5.

واضافت أن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 من جانبها لا تزال محادثاتها تجري بشكل غير مباشر برعاية أمنية بهدف إخلاء سرت من السلاح، فيما ترك اختيار مدينة سرت مقرا جديدا للحكومة الموحدة المقبلة لمفاوضات أعضاء اللجنة السياسية.

ويعتبر إعادة تشكيل المجلس الرئاسي الذي يترأسه فائز السراج، وحكومة الوفاق التي لا يزال مجلس نواب طبرق لا يعترف بها، مطلبا يتوافق عليه مجلسا النواب والدولة.

وحول ردود أفعال السراج واللواء خليفة حفتر، قالت المصادر إن كليهما يقع تحت ضغوط دولية وإقليمية كبيرة من أجل القبول بنتائج محادثات المسارين السياسي والعسكري. لكن الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي، يبدي انزعاجه من إمكانية استمرار عراقيل حفتر لأي مساع رغم الاتفاق حولها دوليا وإقليميا ومحليا.

ويوضح الجواشي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "ما لم تتضح مواقف داعمي حفتر، وعلى رأسهم الإمارات وروسيا، فسيبقى اللواء الليبي عقبة أمام أي تسوية أو حتى تفاهمات أولية، فالسلاح الذي يسيطر به على سرت ومواقع النفط عقبة حقيقية ليس من السهل تجاوزها".

ولم يصدر أي رد فعل من جانب حفتر حول مستجدات الأوضاع، باستثناء رفضه للحل منزوع السلاح في سرت، على لسان المتحدث الرسمي باسمه أحمد المسماري، في 30 أغسطس الماضي. أما السراج فقد أكد خلال كلمة وجّهها للشعب الليبي، في 25 اغسطس المنصرم، على قبوله بأي نتائج تصدر عن مفاوضات مجلسي الدولة والنواب.

ويرى الجواشي أن نقل رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح إلى واجهة الحدث يأتي في وقت تعاني فيه جبهة شرق ليبيا خلافات وشقاقات بين الأخير وحفتر، ولم تستقر الأوضاع إلى الآن، مشيرا إلى ان حفتر لا يزال يمتلك أنصارا، ما يمكن أن يهدد رفض حفتر وحلفائه لنتائج المحادثات السياسية بنسفها من الأساس وإرجاع الأوضاع إلى مرحلة الصفر، لافتا إلى أن مليشيات حفتر لا تزال تخرق هدنة وقف إطلاق النار في سرت بين الفينة والأخرى.

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، استعرضت، خلال إحاطتها التي قدمتها لأعضاء مجلس الأمن الأربعاء الماضي، جهود استئناف العملية السياسية ودعم البعثة الحوار الاقتصادي واجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

وأكدت ويليامز وجود حالة اصطفاف يشوبها الاضطراب حول مدينة سرت، على الرغم من الهدوء النسبي على الخطوط الأمامية منذ يونيو الماضي، مشيرة إلى أن البعثة عقدت خمس جولات للجنة العسكرية المشتركة منذ 8 يوليو الماضي.

"الصخيرات 2"

وتزامنا مع لقاءات كثيفة أجرتها المسؤولة الأممية مع سياسيين في المملكة المغربية ومصر، أكدت خلالها في تصريحات متفرقة أن "الوقت ليس في صالح" الليبيين، وأن "الفرص الممكنة حاليا لن تستمر كثيرا"، تحدثت أوساط ليبية عن بدء جهود دولية وأممية تدفع الأطراف الليبية باتجاه صياغة ما تعارف عليه إعلامياً بــ"الصخيرات 2"، الذي يستهدف إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد السلطة التنفيذية في البلاد.

ويقول المحلل السياسي الليبي مروان ذويب إن المساعي الحالية لم تخرج عن بنود اتفاق الصخيرات الموقّع نهاية 2015، فالمادة 15 منه تنص على تقليص المجلس الرئاسي وفصل الحكومة عن المجلس الرئاسي، إلى جانب تفعيل ملحق الترتيبات الأمنية، الذي شدد على ضرورة حل المجموعات المسلحة واحتكار السلاح في المؤسسة العسكرية وضرورة تبعية الأخيرة للحكومة.

ويتفق ذويب، في حديثه لـ" العربي الجديد"، على أن العقبة أمام أي تسوية هي حفتر، مشيرا إلى أن قادة طرابلس، وعلى رأسهم المجلس الأعلى للدولة، أكدوا عديد المرات رفضهم الحوار معه، خصوصا مع سيطرته الحالية على سرت، التي يسعى المجتمع الدولي إلى جعلها منطقة خضراء خالية من السلاح وتضم الحكومة، بعد أن فشل المجلس الرئاسي الحالي في بند الترتيبات الأمنية الخاصة بضبط سلاح المجموعات المسلحة في طرابلس.

ويبدو أن مسار خلق منطقة منزوعة السلاح في سرت انتهى إلى النجاح، بحسب رأي ذويب، خصوصا بعد نجاح المحادثات الدبلوماسية التركية الروسية مؤخرا، لكن غموض موقف حفتر حتى الآن يبدي وضعا مشوشا ومقلقا لكل الأطراف الداخلية والخارجية التي اتفقت إلى ضرورة العودة لطاولة الحوار، بعد أن تغيرت التموضعات السياسية وتوسع تأثير الملف الليبي ليصل مداه إلى مناطق أخرى، كمنطقة شرق المتوسط والنزاع على مواقع الطاقة.

ويرجح ذويب أن الجهود الدولية والأممية حاليا ستعود إلى تفاصيل في المقترح الأميركي الذي دعمته الأمم المتحدة وأطراف دولية بشأن ضرورة توقيع نهائي على وقف إطلاق النار، يلزم حفتر بضرورة إخلاء سرت من السلاح ويترك ترتيب الأوضاع الأمنية في مواقع النفط للجنة العسكرية المشتركة 5+5.

دلالات