قال الخبير بالشؤون العسكرية والاستراتيجية، صفوت الزيات، إن "إصدار الرئيس المؤقت عدلي منصور قراراً جمهورياً بقانون إنشاء مجلس للأمن القومي برئاسته، أمس الأربعاء، خطوة استباقية لتكريس هيمنة المؤسستين العسكرية والأمنية على سلطات الدولة".
وتابع، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، "هذا القرار صدر عن سلطة انتقالية مؤقتة متنازع على شرعيتها، ووسط بيئة انقلابية تهيمن فيها الأجهزة العسكرية والأمنية على الدولة، ومن ثم لا يتوقع أن تأتي بأطر وهياكل سياسية قادرة على الحفاظ على الأمن القومي المصري، وهو ذروة الموضوعات الخاصة ببقاء الدولة والحفاظ على كيانها".
انتزاع سلطات "المنتخبين"
وأكمل الزيات "المشكلة الحقيقية في هذا القرار هي أنه حوّل مجلس الأمن القومي من هيئة استشارية تقدم توصيات للسلطات المنتخبة، مثل رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وهو ما تعارفت عليه دول العالم الحديث، إلى سلطة اتخاذ قرار في ما يتعلق بشؤون الأمن". وأضاف "يملك رئيس الدولة وحده حق اتخاذ قرار السلم والحرب وتنحصر سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الأمنية بالسلطات المنتخبة التنفيذية والتشريعية وحدها، يجب أيضا أن نميز بين مفهوم الأمن القومي الأشمل والأخطر والأهم، وبين مفهوم الدفاع الذي يعتبر من أدوات الحفاظ على الأمن، وهو ما لم يدركه من أعد القانون".
وينص القرار الجمهوري، الذي يحمل رقم 19 لسنة 2014، على أنه "في حالة إعلان الحرب أو تعرض البلاد للكوارث أو الأزمات، يعتبر المجلس منعقداً وبصفة مستمرة، وتكون مداولات المجلس سرية وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين وعند التساوي يُرجح الجانب الذي منه الرئيس".
تشكيل معيب
ووصف الزيات تشكيل المجلس بـ"المشوه والمعيب"؛ حيث ضم وزراء عدد من الوزارات الخدمية كالصحة والتعليم على الرغم من عضوية رئيس الحكومة في المجلس.
"قد يتم انتداب وزير الإعلام في بعض الحالات، لكن ما جدوى وجود وزيري التعليم والصحة؟ فهل يعنى مجلس الأمن القومي بالمناهج التعليمية وبآليات تحديد النسل؟"، تساءل الخبير العسكري ساخراً. وتابع "ما جدوى ضم رئيس مجلس النواب لعضوية المجلس على الرغم من ضرورة عرض كل ما يجري الاتفاق عليه داخل المجلس على البرلمان للحصول على موافقة أعضائه قبل تمريره وتنفيذه؟".
يُشار إلى أن المجلس يضم في عضويته، بحسب القانون الجديد، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل والصحة والاتصالات والتعليم، ورئيس المخابرات العامة ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية.
سيطرة عسكرية
وفي ما يتعلق بالاختصاصات الممنوحة للمجلس في القانون الجديد، قال الزيات إن الاختصاصات الثلاثة الأولى تتعارض مع حق مجلس الوزراء في رسم السياسة العامة للدولة، بحيث يقتصر اختصاص مجلس الأمن القومي على السياسة الخارجية فقط".
وتمنح الاختصاصات الثلاثة في القانون المجلس حق إقرار استراتيجيات تحقيق أمن البلاد بالاتفاق مع الجهات المعنية، وإقرار الأهداف السياسية التخصيصية في كل المجالات لوزارات الدولة المختلفة، وإقرار خطط تنمية وتطوير مقدرات وإمكانات القوى الشاملة للدولة المقدمة من الحكومة".
وأوضح الزيات أن "البند السابع من الاختصاصات التي يتضمنها القانون هو الذي يحدد حقيقة الدور المنوط بالمجلس؛ حيث ينص على توجيه السياسات الخارجية والتعاون الدولي في دوائر اهتمام الأمن القومي المصري".