الزي الكُردي... فلكلور توارثته الأجيال

29 أكتوبر 2015
كرديات عراقيات بالزي التقليدي خلال احتفال بأربيل (صافين حامد/Getty)
+ الخط -
انعكست طبيعة التضاريس التي يعيشها الأكراد بألوانها وسحرها في زي لهم، يميزهم عن باقي سكان العراق، فالجبال والتلال لا بد أن يكون لها ملابسها المختلفة والمستوحاة من الطبيعة، وهذا ما نراه في الزي الكردي، حيث يتألف زي المرأة من قطع عدة، بداية ما يلبس على الرأس يسمى (الهريتين) ويتكون من قطعتين ملونتين واحدة تغطي الرأس والأخرى تتدلى فوقها، وفي القرى والأرياف فيكون عبارة عن وشاح ملون ومطرزة بخيوط لامعة تمتاز بملمسها الناعم والخفيف، وتعقد من الأمام أسفل الرقبة، وتأتي (الفقيانة)، ثوب طويل تغطي غالبا حتى أخمص القدمين، وفي الغالب يخاط هذا الثوب من قماش شفاف جدا ذي خيوط حريرية ناعمة، ويكون تحت هذا الثوب العريض قميص داخلي رقيق وحريري، ليأتي الجزء العلوي مكملا له، عادة ما يكون مؤلفا من سترة قصيرة جدا بلا أكمام وذا لون داكن وغير شفاف ليصبح بمثابة خلفية عاكسة للثوب الشفاف، وتأتزر المرأة بحزام رفيع من الصوف، وأحيانا بحزام من الذهب يكون سميكا بعض الشيء، أما القطعة الأخيرة فهي السروال والذي يكون عريضا أيضا. أما الزي الرجالي الكردي فيتكون من الشروال (السروال)، والجوغة (السترة) والبشتين، حزام من القماش يلف على الخصر، فضلا عن العمامة الملونة.

تاريخ وأسماء الزي الكُردي
لا نعرف تاريخا محددا نستطيع من خلاله تحديد تاريخ الملابس الكُردية ونجعله نقطة بدء له، فهو قديم قدم الشعب الكردي وتاريخه وحضارته، ورغم التمايز بين التصاميم من منطقة إلى أخرى، إلا أنه من ناحية المعمار يعتمد على نفس القطع، فالقطع الأساسية تتكون من الشروال (سروال).
وهناك أسماء متعددة حسب الأجزاء التي قسمت عليها كُردستان، وما يميز النوع من الآخر هو طريقة الخياطة، فما يلبسه أكراد كردستان العراق يختلف عن أكراد إيران وتركيا وسورية، مهابادي نوع يتميز به كورد إيران، والسوراني الموجود في العراق، وبهديناني في منطقة بهدينان، وهناك نوعان منه نسبة إلى سكان منطقة الجزيرة ومنطقة بوطان في تركيا، مثلا الكُرد في السليمانية يرتدون ملابس مهابادية أو بهدينانية وهكذا نفس الشيء بالنسبة إلى مدينة مهاباد: مدينة في كوردستان إيران.
أما أسعار الزي الكُردي فقد ترتفع وتنخفض بحسب نوع القماش المستخدم والطلب المستعجل إذا كان عند خياط، حيث إنّ الفستان النسائي الجاهز لا يرضي رغبات النسوة، خصوصا اللواتي يحرصن على ارتداء الزي في مختلف المناسبات للحفاظ عليه والتعريف به، لذا فإن الكثير منهن يرغبن بخياطته عند الخياطين، رغم ارتفاع سعر أجور الخياطة مع القماش عن الجاهز الذي يباع في الأسواق، فقد تبدأ الأسعار للزي الواحد من 80 ألفا وتصل حتى أكثر من 700 ألف دينار، حوالي 600 دولار، ويصل سعر الزي الرجالي إلى أكثر من 900 دولار.

ثوب جديد لعام جديد
تحرص المواطنة الكُردية أم موسى زنكنه (36 عاماً)، على الحفاظ على الزي والثوب الكُردي وتَخيطه لأبنائها كل عام، زنكنه تحدثت لـ"العربي الجديد"، عن أهمية الزي الكُردي: يعتبر الفلكلور الكردي جزءا من تراثنا وتاريخنا، لذا نحافظ عليه ونعلّم أبناءنا أهميته والحفاظ عليه، وارتداءه في الأعياد والحفلات ومختلف المناسبات لاسيّما في أعياد الربيع. وعن نوع القماش المستخدم، تقول زنكنه: أستخدم أفضل أنواع القماش للزي الكُردي، وبعد خياطته تلبس معه الإكسوارات الذهبية أو الفضيّة، كما أن السمة الغالبة على هذه الثياب ألوانها الزاهية وتطريزها بالزهور والنمنم والخيوط اللامعة، ولكل منطقة بصمتها في اختيار الزي الذي ترتدي وإن كانت متشابهة في ظاهرها، حيث نقوم بخياطة ثوب جديد كل عام مرة أو مرتين على الأقل، خاصة في عيد نوروز "رأس السنة الجديدة لدى الأكراد"، وهكذا نَخيطُ ثوبا جديدا للعام الجديد.
وقد حرصت حكومة إقليم كردستان العراق على تحديد يوم العاشر من آذار/ مارس شكّل في إقليم كردستان مناسبة لارتداء الملابس الكُردية التقليدية في المدارس والدوائر الرسمية، من أجل إحياء التراث الكردي، وأعياد الربيع شكّلت بدورها مناسبة أخرى تضاف إلى نوروز والذي يعتبر عيدا قوميا وتاريخيا يمثل رأس السنة الجديدة في التقويم الكردي المعتمد منذ 27 قرناً.
المساهمون