الثالث من فبراير مرة أخرى، عظمة الصوت، قوة الحنجرة، انفرادية الأداء وتعابير أخرى تصب في وصف صوت كوكب الشرق، بغضّ النظر عمن ساهموا في تكوين الأسطورة من شعراء وملحنين. في الذكرى الأربعين لرحيلها، نتذكر الفنانين الذين لم يبذلوا جهداً أقل في كتابة تاريخ الموسيقى العربية.
إعطاء المغني حقّه وتقديره واحترامه، مقابل تهميش أدوار بقية خالقي العمل، أساس متين في ثقافتنا الموسيقية. فبعد أن تُقسِّم آذاننا العربية الأغنية تقسيمها الطبيعي (الصوت والكلام واللحن) تنجذب للصوت البشري أولاً وتمنحه جل الاهتمام، ثم إلى الكلام، وأخيراً إلى اللحن.
كانت فاطمة إبراهيم البلتاجي "الصوت" في العمل الكلثومي، كما كانت نهاد حداد "الصوت" في العمل الرحباني. نحن نتحدث عن أصوات تولد ربما مرة كل مائة عام، لكنها تبقى "الصوت"، أي أحد أضلاع مثلّث الأغنية الذي تتساوى قيمة أضلاعه بالضرورة.
هذه الأصوات لم تتكرر لأنها حظيت ببيئة فنانين وشعراء وملحنين لم يتكرروا. هذا اللقاء حثَّ كافة مبدعي العمل الفني على الخلق. لقد قدّم القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد وغيرهم أهم وأجمل أعمالهم عندما كتبوا لحنهم لأم كثلوم، لأن صوتها أرغمهم على تقديم أفضل ما لديهم، كما فعل ذلك مع أحمد رامي وغيره ممن قدّم لها شعره.
في الذكرى الأربعين لرحيلها نتذكر الست والسادة، نتذكر الصوت واللحن والكلمة.
* مؤلف موسيقي من فلسطين