السعودية تتجه نحو إصلاحات اقتصادية جديدة

19 ديسمبر 2015
ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان (فرانس برس)
+ الخط -


قالت مصادر سعودية إن ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وضع الإطار العام لخطة تستهدف إعادة تشكيل اقتصاد البلاد لمواجهة هبوط أسعار النفط، فيما سيكون أكبر تغيير للسياسة الاقتصادية للمملكة منذ آخر مرة تضرر فيها اقتصادها جراء هبوط أسعار النفط قبل نحو عشر سنوات.

ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مصادر لم تكشف عن هويتها، قولها إن:"الأمير الشاب عرض ملامح الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة التي تحمل عنوان "التحول الوطني" خلال اجتماع الأسبوع الماضي مع مسؤولين كبار ورجال أعمال واقتصاديين.

وتشمل الخطة إصلاحات تتعلق بالإنفاق الحكومي وخصخصة جهات حكومية في أكبر بلد مصدر للنفط في العالم".

وأضافت أنه: "من المتوقع الإعلان عن الخطة خلال الأسابيع القليلة المقبلة وعلى الأرجح في يناير/كانون الثاني القادم".

وحسب محللين، تمثل تلك الاستراتيجية تحويل سلطة وضع السياسة النقدية إلى الأمير محمد بن سلمان ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه وإلى وزارة الاقتصاد والتخطيط.

وامتنع المصدران، وهما من القطاع المالي الخاص وقطاع الأعمال عن الكشف عن هويتهما لحساسية الأمر.

وعلى مدى سنوات تحدث مسؤولون عن بعض الإصلاحات، التي جرت مناقشتها في اجتماع السبوع الماضي، لكنهم واجهوا معارضة سياسية وجمودا بيروقراطيا وتحديات فنية حالت دون تنفيذها.

وتحت ظل القيادات السابقة هيمنت مؤسسات حكومية مثل وزارة المالية على وضع السياسات، لكن تلك المؤسسات شهدت تهميشا جزئيا لدورها مؤخرا مع تنامي الضغوط على الاقتصاد بفعل هبوط أسعار الخام.

وسجلت الحكومة السعودية عجزاً في الموازنة قد يتجاوز 100 مليار دولار هذا العام، وهو ما دفعها إلى تسييل أصول خارجية تتجاوز قيمتها 90 مليار دولار على مدى 12 شهراً الماضية لسداد التزاماتها، وحذر صندوق النقد الدولي من أن هذا النمط لن يكون مستداما لأكثر من بضع سنوات.

ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من مسؤولين بوزارة الاقتصاد والتخطيط، وعلى مدى الأشهر الماضية امتنعت الوزارة وجهات حكومية أخرى بوجه عام عن التعليق على السياسة الاقتصادية.

*إصلاحات

وحسب وكالة رويترز "في ظل الإصلاحات التي وضعها الأمير محمد بن سلمان ستتبنى الحكومة نهجا أكثر حذراً بشأن الإنفاق".

وقال المصدران إن: "وزارة المالية ستمول المشروعات الجديدة بعد موافقة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي أمر بتشكيله العاهل السعودي الملك سلمان بعد توليه عرش البلاد في يناير/كانون الثاني الماضي، وستكون القرارات مرتبطة بشكل وثيق بالوضع المالي للحكومة.

اقرأ أيضاً: خطة سعودية للتعايش مع النفط الرخيص وعجز الموازنة

وتنطوي الخطة على خصخصة بعض الجهات الحكومية لتحفيز النمو وخلق وظائف وخفض العبء المالي عن القطاع العام، وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني الشهر الماضي أنها تستهدف بدء خصخصة بعض المطارات وقطاعات متعلقة بها في عام 2016.

وفيما تبدو محاولة أخرى لخفض العبء على الحكومة، تقضي ملامح الخطة بتشجيع إقامة المؤسسات غير الهادفة للربح لاسيما في قطاعي الصحة والتعليم.

كما ستجري إعادة هيكلة نظام دعم الكهرباء والمياه الذي يكلف الحكومة مليارات الدولارات سنويا ليتسنى توجيهه لذوي الدخل المتوسط والمنخفض دون استفادة الأثرياء منه.

وستتخذ الحكومة مزيدا من الخطوات لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط الذي يمثل، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، نحو 80% من الإيرادات هذا العام، وقد تشمل الخطة فرض ضرائب على استيراد بعض السلع مثل السجائر والتبغ.

وقال مصدر حضر الاجتماع إنه: "من حيث المبدأ ستحاول الحكومة خفض العجز عبر إصدار سندات عوضا عن السحب من الاحتياطيات"، ولم يتضح ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستتمكن من التغلب على العوائق التي واجهت تطبيق مثل تلك الإصلاحات في الماضي.

ويبدو الأمير محمد بن سلمان، ذو الثلاثين عاماً من العمر، على استعداد لتبني نهج عملي أشد مراسا وأكثر ارتباطاً بالأداء فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد.

وخلال الاجتماع جرى التوصل إلى بعض النتائج من بينها أنه سيجري قياس أداء الوزارات والهيئات الحكومية عبر مؤشرات الأداء الرئيسية وستجري محاسبة المسؤولين في حال عدم تحقيق الأهداف الموضوعة لهم.

وتجري الاستعانة بعدد من الجهات الاستشارية الأجنبية لتقديم المشورة بشأن السياسة الاقتصادية، وقال تقرير صدر الشهر الماضي عن أحد هؤلاء الاستشاريين، ماكينزي آند كو، إنه: "بإمكان المملكة مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي وخلق وظائف لستة ملايين سعودي بحلول عام 2030 إذا تمكنت من تحقيق تحول يركز بصورة رئيسية على الإنتاجية والاستثمارات".

وبحسب التقرير فإنه: "من أجل تحقيق ذلك ستكون هناك حاجة لإصلاحات في سوق العمل وأنظمة ولوائح قطاع الأعمال وطريقة إدارة الميزانية الحكومية، وإلا فقد تواجه المملكة تدهورا اقتصاديا سريعا على مدى الخمسة عشر عاما المقبلة".

ويتزامن اجتماع الأسبوع الماضي مع إشارات جديدة على أن المجلس الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان قد يأخذ على عاتقه عبء مواجهة مشاكل الرعاية الاجتماعية التي تتسم بحساسية سياسية مثل توفير المنازل والرعاية الصحية للمواطنين، وواجهت الإدارات السابقة الكثير من العوائق من أجل حل هذه المشاكل.

 


اقرأ أيضاً:
السعودية: مؤشرات على تغيرات اقتصادية كبرى
هل تنتهي الدولة الأبوية في السعودية؟