وبات آل الشيخ الوزير الخامس للصحة السعودية في أقل من عام، منذ إقالة الدكتور عبد الله الربيعة وتعاقب المهندس عادل الفقيه والدكتور محمد آل هيازع وأحمد الخطيب على الوزارة الصعبة، والتي تلاقي هجوما شديدا في السعودية بسبب تواضع الخدمات الصحية.
ولم يُكشف عن الأسباب التي دعت الملك سلمان لإقالة الخطيب بهذه السرعة، غير أن مختصين في الشأن الصحي ربطوا بين إقالة الوزير وبين مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه الوزير وهو يتحدث بطريقة فيها الكثير من الاستعلاء على أحد المواطنين، خلال زيارته للمستشفيات في المنطقة الشمالية، وكان المواطن يطالب بنقل مريض له لأحد المستشفيات لعلاجه، ولكن الوزير قال له: "عليه أن ينتظر دوره مثل الآخرين فالوزير ليس شمسا شارقة"، كما أكدت مصادر صحافية أن التقصير في المستشفيات في الحد الجنوبي (الحدود مع اليمن)، وعدم اتخاذه الإجراءات اللازمة، وتلفظه على مجموعة من العسكريين المرابطين هناك وعلى مجموعة من المواطنين ورفضه مقابلتهم في مكتبه، كانت من أهم الأسباب وراء التغيير السريع في الوزارة.
الوزير الجديد
ولا ينتمي الوزير الجديد للقطاع الصحي، فهو مثل سابقة قدم عبر الاقتصاد والقانون، فآل الشيخ حاصل على شهادة البكالوريوس من جامعة أم القرى في تخصص الشريعة وعلى الماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة هارفارد.
وعمل بداية في الإدارة القانونية بالبنك الدولي قبل أن يعمل في مجال الاستشارات القانونية حتى عام 2012، ثم عُين بعدها عضواً تنفيذياً بمجلس الإدارة وممثلاً للسعودية في البنك الدولي بواشنطن.
وكان آخر مناصبه الرسمية حين تولى رئاسة مجلس هيئة السوق المالية، قبل أن يتم تعيينه وزير دولة وعضوا في مجلس الوزراء وكذلك عضواً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
تركة ثقيلة
وبحسب المختصين سيحمل آل الشيخ تركة ثقيلة من المشاكل في الوزارة التي تشرف على أكثر من 350 مستشفى ومركزاً صحياً، وتعاني من الترهل في أنظمتها وكثرة الأخطاء الطبية، وتأخر المواعيد، والتي قد تصل لأكثر من عام لحالات حرجة.
ويؤكد استشاري العلاج الطبيعي الدكتور محمد الخازم، على أن الوضع الصحي في السعودية يعاني من مشاكل كبيرة، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم يتحسن الوضع الصحي في السعودية ولا حتى بشكل طفيف"، ويتابع: "الأداء الصحي ما زال متواضعا، وجزء كبير من المشكلة في وزارة الصحة أن حجمها الكبير لا يمكن أن تديره المركزية، وهي تصر على إدارة هذا القطاع بمركزية عن طريق الرياض، وهي تقول دائما سنفعل ونفعل، لكن التطبيق في الميدان ضعيف، وهي إذا لم تكن قادرة على تطبيق ما تخطط له فهذا يعني أن هناك مشكلة إدارية فيها سواء في الرقابة أو اختيار العاملين".
ومن جهته يؤكد المختص في إدارة المستشفيات الدكتور عبد السلام العيسى، على أن هناك الكثير من المشاكل في المشهد الصحي السعودي، ويوضح: "لدينا أزمة صحية قديمة ولم ينجح أي وزير في حلها بالشكل الصحيح، من المفترض أن تعرف وزارة الصحة عدد السكان في كل منطقة وعلى هذا الأساس تخطط لحاجة كل منطقة"، ويضيف: "لا توجد استراتيجية واضحة وليس هناك حلول وهم يسيرون على ذات النمط القديم، وكلما يتأخر الوقت يزداد حجم المشكلة".
ويشدد الدكتور العيسى على أن هناك تراجعاً واضحاً ونقصاً حاداً في الخدمات الطبية، وهو تراجع يشكل خطرا كبيرا على صحة المواطنين، ويضيف: "الوزارة بحاجة لما يعرف بإدارة الأزمات لمعالجة المشكلة الكبيرة التي تشكل خطراً على حياة الناس، وهي نقص الأسرة في المستشفيات".
وتبلغ ميزانية وزارة الصحة السعودية 160 مليار ريال، وهو ما يشكل أكثر من 18 في المائة من موازنة الدولة، ولكن على الرغم من توالي الوزارات وارتفاع الميزانية من عام لآخر، ما زال المواطن العادي لا يشعر بالتغيير.
وفي حديثه لـ "العربي الجديد" يؤكد الأستاذ المساعد في كلية الطب الدكتور خالد القميزي، على أن المبالغ الضخمة التي تصرف لوزارة الصحة "لم تتم الاستفادة منها على الوجه الصحيح الذي يمكن أن يلمسه المواطن ويشعر من خلاله بالتغيير السريع".
ويضيف القميزي: "الميزانيات الضخمة التي صُرفت في الأعوام الماضية، لبناء مستشفيات ومراكز صحية ضخمة وتجهيز المستشفيات الحالية بغرف عمليات وطوارئ وعناية مركزة، كانت عبارة عن صرف مبالغ غالية، لم يقابلها تغيير نوعي في الخدمة الصحية المقدمة".
كل هذه الملفات الصعبة ستكون على طاولة الوزير آل الشيخ، الذي سيبدأ غدا الأحد، أول أيامه كوزير للصحة، ويأمل المختصون أن ينجح في تطوير الوزارة المريضة، تماما كما فعل مع هيئة سوق المال في الأعوام الثلاث الماضية.
اقرأ أيضا:
2400 خطأ طبي في السعودية العام الماضي
وزراء السعودية الجدد.. صور "سيلفي" ولا "مشلح"
وزير الصحة السعودي يؤكد أن "كورونا" أطاح سلفه