أخاديد ووديان تركيا... إغراء للمغامرين وعشاق رياضات المخاطر

تركيا من أكثر البلدان نشاطاً في استثمار طبيعتها، وما حققته عبر إغواء السياح، من خلال الدراما التركية التي غزت 170 دولة حول العالم، وحققت أكثر من 750 مليون دولار العام الماضي، يدل على حسن وتعدد قنوات الاستثمار.

ربما تتقدم صناعة الموارد على وجودها، ثم يأتي الاستثمار بعد الترويج والإغواء في إطار خطوات تكمل اقتناص فرص النمو، لأن هبات الجغرافيا والتاريخ واكتظاظ البلدان بالأوابد وتعاقب الحضارات لا يعني بالضرورة الاستفادة منها، أو تسويقها كي تحمل ما هو أبعد من السياحة والتحصيل المالي. ومن قال إن "السياحة صناعة من دون دخان فاته ربما أن يكمل أنها التسويق الأنسب للإنتاج والجمال والتاريخ، وحتى للخطط السياسية".
حالياً فتحت البلاد باباً جديداً لمن لديهم ملاءة مالية، ويسكنهم هوس المغامرات بتأثير تراجع السياح، بعد توسّع الحرب في منطقة الشرق الأوسط. وهي بدأت في الترويج للطرقات الوعرة والأخاديد، وأعلنت أن أخدود شاهين قايا في حوض بحيرة سد ألطن قايا بولاية سامسون هو المكان الأنسب لعشاق مغامرات الغوص أو التسلق، فتدفق مياه نهر قزل إرماق عبر منخفضات بطول 3250 متراً وعمق مياه يزيد عن 105 أمتار ملاذ جيد لممارسي مغامرات الغوص ورياضيي ركوب القوارب والألعاب المائية. أما عشاق التسلق والمغامرات فضالتهم أيضاً في شاهين قايا الذي ترتفع جوانبه وصولاً إلى 340 متراً وتخلو صخوره من مخاطر الانهيارات.
يقول أوغوزهان قراقوش، المسؤول عن أخدود شاهين قايا، إن الأخدود يعتبر الممر الأضيق والأطول لنهر قزل إرماق. وبعد الشهرة العالمية، استضاف الأخدود المسابقة الدولية الثانية لتسلّق الصخور خلال الفترة من 31 أغسطس/ آب إلى 2 سبتمبر/ أيلول الماضيين. وشارك في المسابقة 50 متسلّقاً عالمياً من سويسرا وهولندا وأذربيجان وسواها، ومن بينهم السويسري ميشال بيولا، إلى جانب 10 متسلقين أتراك.
وادي شاهين قايا الذي يبلغ طوله نحو 1500 متر، ثاني أكبر وادٍ مائي في تركيا، ويقع في ولاية سامسون الممتدة على ضفاف البحر الأسود شمالاً. وهو أعلن عام 2015 مُتنزهاً طبيعياً، ويقسّم بحيرة سد ألطن قايا إلى قسمين بمظهر طبيعي. 
تبرز العديد من الكهوف الطبيعية داخل الحجر الجيري الذي يُشكل جدران الوادي التي تحتضن غطاءً نباتياً في منطقة الوادي من أشجار الصنوبر الأحمر والبلوط.

باعتبار أن الوديان والأخاديد بتركيا ضمن نهج الترويج الجديد، نظراً لما أحدثه تآكل الصخور عبر قرون من مناظر فريدة ومواقع تجذب المغامرين ومحبي الرياضات الخطرة، يأتي وادي كوبرولو أولاً على صعيد الطول بنحو 14 كيلومتراً وارتفاع 100 متر بين قريتي بولاسان وبيشكوناك في ولاية أنطاليا. ويمر النهر المتفرع من جبال طوروس عبر وادي كوبرولو ذي الطبيعة الساحرة الخلابة قبل أن يصبّ في البحر الأبيض المتوسط.
أيضاً يشتهر وادي إنجييز الذي يحتضن مياه نهر بيوك مندرس، بأنه عميق وحاد وضيّق تتدفق منه المياه إلى سد كيمير في ولاية أيدين غرب الأناضول. وهو يحتوي على حياة طبيعية متنوعة وفريدة، ويمتد بطول ستة كيلومترات، وبارتفاع 380 متراً. يضم وادي إينجييز أطول مسار للمشي في تركيا بطول نحو 700 متر، ويقع في قرية غوروم وسط الأناضول. يبلغ طول هذا الوادي الذي له مدخل ومخرج واحد نحو 12.5 كيلومتراً بعرض يتراوح بين 40 و60 متراً.
ويقع وادي يازيلي، الواقع ضمن محمية يازلي، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً من منطقة سوتشولير، في ولاية إسبارتا. وتغطي المحمية مساحة 600 هكتار ضمن أخاديد الجذب والمغامرة بتركيا، وتحتوي الجدران الجانبية للوادي على كتابات بيزنطية كانت تُشكل جزءاً من المذبح الخاص للعبادة في تلك الفترة. وبسبب هذه النقوش يُطلق على الوادي اسم وادي يازلي، وتعني "وادي الكتابة" بالتركية.
ويزيد من جذب ولاية قسطموني وادي شاتاك الذي يبعد عن مركزها نحو سبعة كيلومترات، ويتضمن أعلى نقطة مراقبة بارتفاع 900 متر. ويحتضن الوادي أيضاً شرفة زجاجية بارتفاع 450 متراً، ويقع وادي شاتاك ضمن محمية كور دارلاي التي تغطي مساحة 37 ألف هكتار، وتتميز بمناظرها الجميلة ذات الطبيعة الفريدة.

قضايا وناس

التحديثات الحية

شواطئ كليوباترا... تاريخ ورفاهية في موغلا وأنطاليا التركيتين

ومن بين أخاديد تركيا وادي أهلارا الضيّق وذو الانحدار الشديد الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً، وترتفع الجدران المحيطة به بين 100 و150 متراً، وأيضاً وادي ساباديره شرقي منطقة ألانيا، التابعة لولاية أنطاليا، بطول 750 متراً، وارتفاع 400 متر.
ويبقى وادي أولوباي بولاية أوشاك، بحسب المتخصص في السياحة، فهري آيت، أفضل وديان تركيا وأخاديدها. يزيد طوله عن 77 كيلومتراً ويعتبر من بين أجمل الوديان في تركيا، وربما أخطرها، نظراً إلى الشقوق والمنحدرات التي يصل ارتفاعها إلى 170 متراً. وهو يعتبر ثاني أطول وادٍ في العالم بعد الوادي الكبير في الولايات المُتحدة.
يضيف آيت لـ"العربي الجديد": "يعتبر وادي جهنم في جبل آغري بولاية أرتفين، شمال شرقي تركيا، الأكثر شهرة بين وديان تركيا. وهو يجذب المغامرين، ويحتوي على طرق متعرجة وضيّقة لا تتسع إلى أكثر من شخص واحد".
ويشير آيت إلى أن "السياحة التركية تتراجع هذا الموسم، لذا بدأت وزارة السياحة والثقافة الترويج لنشاطات لا تدرج كثيراً في برامج السياح، كما تنظم تظاهرات رياضية وثقافية ضمن المواقع نفسها، سواء أثرية أو طبيعية".