ما بين الفصل والتسريح من العمل، وملاحقة الحريات النقابية وغياب مظلة التأمينات الصحية والاجتماعية وتدني الأجور، يستقبل عمال مصر عيدهم في الأول من مايو/ أيار، بإعلان الحداد، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما أن العديد من الشركات أغلفت أبوابها أمام العمال بسبب ارتفاع سعر الدولار، وتضارب السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
يقول العامل في شركة بوليفار للملابس الجاهزة محسن عبدالله " إن أوضاع العمال في مصر في انهيار تام، خاصة مع اعتزام الدولة تطبيق برنامج الخصخصة، والاعتماد على سياسات "مبارك" في التعامل مع حقوق المصريين".
ويلفت عبد الله إلى أن عدد المصانع التي أغلقت خلال السنوات الخمس الماضية، وصل إلى نحو 8422 مصنعاً، أغلبها من الشركات التابعة للغزل والنسيج، بحيث تم تشريد نحو مليون عامل، توزعوا ما بين عمال طردوا من المصانع، وأخرين تم تخفيض إنتاج مصانعهم إلى أقل من النصف، مثل مصانع الحديد والصلب في حلوان، وشركات الملابس والصناعات النسيجية في الإسكندرية والمحلة.
ويشيرعبد الله إلى أن العام الماضي شهد انهياراً تاماً في كافة المجالات، خاصة مع هروب الشركات الأجنبية التي كانت تستوعب مئات العمال مثل "جنرال موتورز" التي أغلقت أبوابها وشردت العمال دون أن يحصل أي واحد على حقوقه، ذلك لأن القطاع الخاص لا يحكم بأي قانون، ولا تتم محاسبة أي رجل أعمال على تشريد عماله، أو الإخلال بحقوقهم".
وكانت دار الخدمات النقابية قد أصدرت تقريراً عن إهدار حقوق العمال بعد إغلاق الشركات، إذ قدر التقرير عدد الشركات التي أغلقت بين عامي 2015 و2016 بما يقرب من 4524 مصنعاً، يشغل نحو 250 الف عامل وعاملة.
العمل النقابي... ممنوع
"عادت الدولة من جديد تحارب النقابات العمالية المستقلة التي ولدت من رحم نضال عمالي بدأ قبل ثورة يناير، واستمر حتى اللحظة الراهنة" بحسب ما تؤكده هدى كامل رئيسة الاتحاد العام للنقابات المستقلة. وتدلل كامل على ذلك، بحملة الدعاوى القضائية التي تقدم بها أعضاء الاتحاد الرسمي، أخرها الأسبوع الماضي، التي تطالب بعدم الاعتراف بالنقابات المستقلة، واتهامها بالخيانة والعمالة لإجبار العمال على الانضمام لنقابات معينة ما هي إلا فروع لمكاتب الأمن الوطني ولكن في زي عمالي، لافتة إلى أن وزارة القوى العاملة لا تعترف بالأوراق الرسمية التي تصدر من النقابات المستقلة رغم اعترافها بها سابقاً بعد الثورة مباشرة.
كما تشير كامل إلى أن الأمر لا يتوقف عند الملاحقة القضائية للعمل النقابي، بل وصل إلى حد ملاحقة النقابيين في مواقع العمل المختلفة، مدللة بذلك بما حدث مع رئيس النقابة المستقلة للعاملين بمترو الأنفاق وأحد أعضاء النقابة، حيث تم احالتهما للتحقيق بدعاوى وهمية، كما تعرض أحدهم للإنذار بالفصل، وتلقى تهديدات من أمن الدولة بضرورة التوقف عن دوره النقابي.
اقــرأ أيضاً
وتوضح كامل أن معركة الدولة مع النقابات المستقلة، اشتعلت خلال الفترة الماضية بسبب تزايد انتهاكات الدولة لحقوق العمال، ونيتها تطبيق برنامج الخصخصة الذي سيشرد مزيداً من العمال، إذ إنه من الأفضل أن يكون العمال بلا نقابات تدافع عنهم، حتى يكونوا فريسة سهلة يمكن التهام حقوقها بسهولة.
تفجر زوجة أحد عمال شركة "النشاء والجلوكوز" أزمة جديدة يعانيها العمال المصريين، تتعلق بغياب الأمن الصناعي. وتقول:" احترق زوجي أمام "غلاية" في الشركة، وقد سبق وطالب على مدار أربع سنوات بضرورة تغييرها لانتهاء صلاحيتها وخطورتها على العمال، لكن دون جدوى، فكانت المحصلة، احتراقه مع عشرة عمال أخرين، ولم يبق لنا سوى القبول بحفنة جنيهات تساعدنا لاستكمال تربية أطفالنا، بالإضافة إلى أن تلك النوعية من القضايا تنتهي عادة دون الحصول على أي تعويضات، خاصة إن كان المستثمر أجنبي الجنسية".
ليست هذه الحالة الوحيدة وفقاً لتقرير أصدره مركز الصحة والسلامة المهنية الذي قدر حالات الوفاة بسبب غياب الأمن الصناعي بنحو 120 حالة في عامين فقط، ناهيك عن إهدار نحو 10 مليارات جنيه في عام 2015 فقط. ويلفت التقرير إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض لمخاطر الإصابات نتيجة غياب الأمن الصناعي هي العمال في محطات الكهرباء، وعمال المقاولات.
يشير رئيس اتحاد عمال البناء والمقاولات محمد إبراهيم إلى أن الدولة منذ قيام ثورة يناير، تمارس سياسة الوعود الكاذبة تجاه عمال المقاولات، والتي كان آخرها تصريحات وزيرة التضامن عن مد مظلة التأمين الصحي والاجتماعي ليشمل مليوني عامل في مجال البناء والمقاولات، بتكلفة 60 مليون جنيه، إلا أن الأمر بقي مجرد تصريح للاستهلاك الإعلامي. ويقول إبراهيم: "يعاني العمال المياومون وعمال المقاولات من نظام الاستئجار من الباطن، حيث تستغل العديد من الشركات حاجة العمال وتقوم بتأجيرهم من الباطن لشركات أخرى لتنفيذ مشاريع محددة، وتتحكم في رواتبهم، والتي لا تزيد عن 1000 جنيه شهرياً، مع ارتفاع عدد ساعات العمل إلى أكثر من 12 ساعة، وغياب المظلة التأمينية".
اقــرأ أيضاً
يقول العامل في شركة بوليفار للملابس الجاهزة محسن عبدالله " إن أوضاع العمال في مصر في انهيار تام، خاصة مع اعتزام الدولة تطبيق برنامج الخصخصة، والاعتماد على سياسات "مبارك" في التعامل مع حقوق المصريين".
ويلفت عبد الله إلى أن عدد المصانع التي أغلقت خلال السنوات الخمس الماضية، وصل إلى نحو 8422 مصنعاً، أغلبها من الشركات التابعة للغزل والنسيج، بحيث تم تشريد نحو مليون عامل، توزعوا ما بين عمال طردوا من المصانع، وأخرين تم تخفيض إنتاج مصانعهم إلى أقل من النصف، مثل مصانع الحديد والصلب في حلوان، وشركات الملابس والصناعات النسيجية في الإسكندرية والمحلة.
ويشيرعبد الله إلى أن العام الماضي شهد انهياراً تاماً في كافة المجالات، خاصة مع هروب الشركات الأجنبية التي كانت تستوعب مئات العمال مثل "جنرال موتورز" التي أغلقت أبوابها وشردت العمال دون أن يحصل أي واحد على حقوقه، ذلك لأن القطاع الخاص لا يحكم بأي قانون، ولا تتم محاسبة أي رجل أعمال على تشريد عماله، أو الإخلال بحقوقهم".
وكانت دار الخدمات النقابية قد أصدرت تقريراً عن إهدار حقوق العمال بعد إغلاق الشركات، إذ قدر التقرير عدد الشركات التي أغلقت بين عامي 2015 و2016 بما يقرب من 4524 مصنعاً، يشغل نحو 250 الف عامل وعاملة.
العمل النقابي... ممنوع
"عادت الدولة من جديد تحارب النقابات العمالية المستقلة التي ولدت من رحم نضال عمالي بدأ قبل ثورة يناير، واستمر حتى اللحظة الراهنة" بحسب ما تؤكده هدى كامل رئيسة الاتحاد العام للنقابات المستقلة. وتدلل كامل على ذلك، بحملة الدعاوى القضائية التي تقدم بها أعضاء الاتحاد الرسمي، أخرها الأسبوع الماضي، التي تطالب بعدم الاعتراف بالنقابات المستقلة، واتهامها بالخيانة والعمالة لإجبار العمال على الانضمام لنقابات معينة ما هي إلا فروع لمكاتب الأمن الوطني ولكن في زي عمالي، لافتة إلى أن وزارة القوى العاملة لا تعترف بالأوراق الرسمية التي تصدر من النقابات المستقلة رغم اعترافها بها سابقاً بعد الثورة مباشرة.
كما تشير كامل إلى أن الأمر لا يتوقف عند الملاحقة القضائية للعمل النقابي، بل وصل إلى حد ملاحقة النقابيين في مواقع العمل المختلفة، مدللة بذلك بما حدث مع رئيس النقابة المستقلة للعاملين بمترو الأنفاق وأحد أعضاء النقابة، حيث تم احالتهما للتحقيق بدعاوى وهمية، كما تعرض أحدهم للإنذار بالفصل، وتلقى تهديدات من أمن الدولة بضرورة التوقف عن دوره النقابي.
وتوضح كامل أن معركة الدولة مع النقابات المستقلة، اشتعلت خلال الفترة الماضية بسبب تزايد انتهاكات الدولة لحقوق العمال، ونيتها تطبيق برنامج الخصخصة الذي سيشرد مزيداً من العمال، إذ إنه من الأفضل أن يكون العمال بلا نقابات تدافع عنهم، حتى يكونوا فريسة سهلة يمكن التهام حقوقها بسهولة.
تفجر زوجة أحد عمال شركة "النشاء والجلوكوز" أزمة جديدة يعانيها العمال المصريين، تتعلق بغياب الأمن الصناعي. وتقول:" احترق زوجي أمام "غلاية" في الشركة، وقد سبق وطالب على مدار أربع سنوات بضرورة تغييرها لانتهاء صلاحيتها وخطورتها على العمال، لكن دون جدوى، فكانت المحصلة، احتراقه مع عشرة عمال أخرين، ولم يبق لنا سوى القبول بحفنة جنيهات تساعدنا لاستكمال تربية أطفالنا، بالإضافة إلى أن تلك النوعية من القضايا تنتهي عادة دون الحصول على أي تعويضات، خاصة إن كان المستثمر أجنبي الجنسية".
ليست هذه الحالة الوحيدة وفقاً لتقرير أصدره مركز الصحة والسلامة المهنية الذي قدر حالات الوفاة بسبب غياب الأمن الصناعي بنحو 120 حالة في عامين فقط، ناهيك عن إهدار نحو 10 مليارات جنيه في عام 2015 فقط. ويلفت التقرير إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض لمخاطر الإصابات نتيجة غياب الأمن الصناعي هي العمال في محطات الكهرباء، وعمال المقاولات.
يشير رئيس اتحاد عمال البناء والمقاولات محمد إبراهيم إلى أن الدولة منذ قيام ثورة يناير، تمارس سياسة الوعود الكاذبة تجاه عمال المقاولات، والتي كان آخرها تصريحات وزيرة التضامن عن مد مظلة التأمين الصحي والاجتماعي ليشمل مليوني عامل في مجال البناء والمقاولات، بتكلفة 60 مليون جنيه، إلا أن الأمر بقي مجرد تصريح للاستهلاك الإعلامي. ويقول إبراهيم: "يعاني العمال المياومون وعمال المقاولات من نظام الاستئجار من الباطن، حيث تستغل العديد من الشركات حاجة العمال وتقوم بتأجيرهم من الباطن لشركات أخرى لتنفيذ مشاريع محددة، وتتحكم في رواتبهم، والتي لا تزيد عن 1000 جنيه شهرياً، مع ارتفاع عدد ساعات العمل إلى أكثر من 12 ساعة، وغياب المظلة التأمينية".