قفز سعر صرف الدولار في السودان، اليوم الأحد، إلى 47.5 جنيها، في أول يوم لعمل لجنة مستقلة، تتولى بشكل يومي تحديد سعر الصرف في البلد الذي يعاني صعوبات مالية، ليزيد السعر الجديد بنسبة 64% عن آخر سعر رسمي حدده البنك المركزي لصرف الدولار بنحو 29 جنيها.
وجاء عمل لجنة تحديد سعر الصرف، ضمن سياسة نقدية جديدة قررتها الحكومة السودانية يوم الخميس الماضي، للحد من مضاربات تجار العملة خارج الجهاز المصرفي وكبح السوق السوداء، بينما أشارت مصادر إلى صعود سعر الدولار في السوق السوداء عن السعر الرسمي الجديد كما ارتفعت أسعار العديد من السلع في الأسواق.
وبموجب السياسات الاقتصادية الجديدة، تخرج الحكومة نهائياً من تحديد سعر الصرف، مع إلغاء السعر التأشيري، على أن تتولى لجنة محايدة من ممثلي البنوك والصرافات إعلان سعر الصرف يومياً، وفقاً لعوامل العرض والطلب من دون أي تدخل للدولة، لتباشر اللجنة عملها اعتباراً من أمس الأحد.
وتأمل الحكومة من سياستها الجديدة، جذب أكبر قدر من مدخرات السودانيين العاملين في الخارج والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار سنويا، وكذلك جذب حصيلة الصادرات إلى الخزينة العامة للدولة.
وفي منشور لبنك السودان، اليوم، وجه البنك كافة المصارف وشركات الصرافة بتطبيق سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني المعلن بواسطة آلية إعلان سعرالصرف على كافة المعاملات بما في ذلك تقييم الأصول.
وأوضح البنك أن السياسة الجديدة تهدف لتعظيم العائد من الصادرات والتحويلات الخارجية الأخرى لصالح موارد البلاد من النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن البنوك وشركات الصرافة ستستمر في موافاته ببيان يومي يوضح المعاملات وأسعار صرف العملات الأجنبية التي تمت بها.
وبحسب متابعات "العربي الجديد" فإنه بمجرد الإعلان عن السعر الجديد للدولار، شهدت السوق الموازية في المقابل، زيادة في سعر العملة الأميركية، لتتراوح بين 48 و49 جنيهاً، مع تحفظ الكثير من التجار على البيع والشراء، انتظاراً لوضوح الرؤية كاملة خلال اليومين المقبلين، بينما بدأت أسعار بعض السلع في الارتفاع.
وتزايدت المخاوف من آثار السياسة النقدية الجديدة، خاصة التي تقع على معيشة المواطن. وقال الخبير الاقتصادي حسن بشير لـ"العربي الجديد" إنه يشك تماماً في أن يكون صانع القرار قد درس آثار تلك السياسة التي برزت نتائجها مباشرة في اليوم الأول بارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية.
وأشار بشير إلى أن عدم توفر احتياطي كبير من النقد الأجنبي، وعدم توفر عرض حقيقي لمقابلة الطلب، سيلقي بظلال سلبية على تنفيذ السياسات الجديدة، متوقعا أن تؤدي السياسات الجديدة إلى زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع معدلات التضخم.
ومن جانبه، قال ياسر ميرغني، الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك إن المستهلك لا يهمه الحديث عن تحرير سعر الصرف أو خلافه بقدر ما يهمه معاشه اليومي من مأكل ومشرب ودواء.
وتوقع ميرغني في حديث لـ"العربي الجديد" ارتفاع أسعار معظم السلع الضرورية، مضيفا أنه في اليوم الأول من تطبيق السياسة الجديدة، أوقفت شركات الأدوية تماماً عمليات البيع في انتظار ما تسفر عنه أسعار الصرف.
وتابع أن الجمعية تعتبر الدواء خطا أحمر ولا يمكن تركه لآلية السوق الحر، مطالبا الدولة بالتدخل بشأن الدواء وتوفير موارد دولارية لضمان استقرار أسعاره، والتدخل كذلك للحيلولة دون ارتفاع سلع ضرورية أخرى مثل الخبز والمحروقات.