تتصاعد الضغوط على الرئيس السوداني عمر البشير وحكومته، وباتت تهدده بالبقاء وحيداً في مواجهة الشارع والتظاهرات المستمرة منذ نحو أسبوعين، مع رفع أحزاب سياسية، بعضها كانت قريبة منه حتى فترة غير بعيدة، من مطالبها، والتي وصلت إلى دعوته للتنحي وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل مجلس انتقالي لحكم البلاد، وذلك بالتوازي مع إعلان حزب "الإصلاح الآن"، انسحابه من البرلمان. ويبقى الداعم الأبرز حتى الآن للبشير، هو الجيش السوداني، الذي أعاد أمس تأكيد دعمه للحلول التي أعلنها الرئيس السوداني، فيما كانت أحزاب المعارضة تحاول التقرب من الجيش عبر الإشادة بدوره في حماية المنشآت العامة، ومطالبته بحماية التظاهرات.
وأصدر 22 حزباً سياسياً تتمثّل غالبيتها في البرلمان القومي، ومعها كتلة برلمانية مستقلة، بعد أن كانت لوقت قريب جزءاً رئيسياً من عملية الحوار الوطني، أمس مذكرة موجّهة للبشير، تطالبه فيها بالتنحي. وجاءت مطالب تلك الأحزاب بعد أن توحّدت في جسم واحد باسم "الجبهة الوطنية للتغيير". وأعلنت الأحزاب الموقّعة على المذكرة، دعمها المطلق للحراك الشعبي الذي انطلق قبل نحو أسبوعين ضد موجة الغلاء وزيادة الأسعار، ووصلت مطالبه إلى حد المناداة بإسقاط النظام، مشيرة إلى أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة لا سبيل لتجاوزها إلا بقيام نظام جديد في البلاد يستعيد ثقة الشعب.
وأشارت المذكرة إلى أن النظام الجديد الذي تقترحه، يفرض اتخاذ إجراءات استثنائية، تبدأ بـ"تشكيل مجلس سيادة انتقالي يقوم بتولي أعمال السيادة"، و"تشكيل حكومة انتقالية تجمع ما بين الكفاءات والتمثيل السياسي من دون محاصصة ولا تستثني أحداً وتضطلع بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفق برنامج يوقف الانهيار الاقتصادي وينهي عزلة السودان الخارجية السياسية والاقتصادية، ويحقق السلام، ويشرف على قيام انتخابات عامة حرة ونزيهة، على أن يقود الحكومة رئيس وزراء متفق عليه تجتمع فيه الكفاءة والخبرة والقبول الوطني".
وأضافت أن رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، يقوم بـ"حل المجلس الوطني ومجلس الولايات وتعيين مجلس وطني توافقي من 100 عضو، وحل الحكومات الولائية ومجالسها التشريعية وإعادة هيكلة الحكم". كما "تحدد الحكومة الانتقالية الموعد المناسب للانتخابات وفق التقدّم في ملف السلام بالتشاور مع القوى السياسية". كما طالبت بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في التجاوزات التي صاحبت التعاطي مع الحراك الشعبي، ومحاسبة مرتكبيها.
وحاولت المذكرة على ما يبدو تحييد الجيش السوداني ومغازلته عبر الإشادة به لحمايته المنشآت العامة على وقع الاحتجاجات الحالية، وطالبته في الوقت نفسه بحماية التظاهرات السلمية المشروعة "ممن لا يتورعون عن إراقة الدماء وقتل الأبرياء من المواطنين". ومضى رئيس حزب "الأمة"، مبارك الفاضل، أبعد من ذلك في رده على أسئلة الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي لإعلان المذكرة أمس، بمطالبته القوات المسلحة بالانحياز للشعب السوداني ليتمكّن من تنفيذ التحوّل السلمي الذي يحقن الدماء.
اقــرأ أيضاً
أما الضربة الأكثر إيلاماً بالنسبة للحكومة، فجاءت بإعلان رئيس حزب "الإصلاح الآن"، غازي صلاح الدين العتباني، عن قرار حزبه بسحب ممثلي الحزب من البرلمان القومي ومن البرلمانات الولائية (الولايات)، في وقت أفادت فيه مصادر من أحزاب أخرى "العربي الجديد" بأنها تنوي القيام بخطوات مماثلة.
وتقدّم حزب "الإصلاح الآن" الذي يتزعمه غازي صلاح الدين العتباني، بثقله السياسي والفكري، قائمة أحزاب الجبهة. وكان العتباني قد شغل قبل سنوات، منصب الأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، كما عمل مستشاراً للبشير ووزيراً للإعلام، إضافة إلى مناصب أخرى حكومية، قبل أن يترك الحزب الحاكم عام 2013 وينشئ مع منشقين آخرين حزباً آخر.
كما ضمّت الجبهة الجديدة، حزب "الأمة" الذي يتزعمه مبارك الفاضل المهدي، والذي كان يشغل قبل أشهر، منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار في حكومة بكري حسن صالح، كما عمل من قبل مساعداً للبشير. كذلك ضمّت "الحزب الاتحادي الديمقراطي-تيار الإصلاح"، الذي تقوده وزيرة العمل السابقة، إشراقة سيد محمود، وهو من أول الأحزاب التي شاركت في الحكم، وذلك عام 2000.
ومن اللافت أكثر من بين قائمة الأحزاب الموقّعة على المذكرة، وجود أحزاب ذات صبغة دينية، مثل تيار "الأمة الواحدة" و"اتحاد قوى المسلمين"، وكلها منضوية تحت لواء "كتلة قوى التغيير" في البرلمان السوداني. ومن اللافت أيضاً أن معظم تلك الأحزاب، شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، وهو الحوار الذي دعا له البشير في العام 2014، ووقّعت على توصياته وشاركت في البرلمان بالتعيين، تنفيذاً للتوصيات التي لا تزال محل تباهٍ من الحزب الحاكم. كذلك وقّعت على المذكرة أحزاب ذات توجّه مناطقي، مثل حزب "الشرق للعدالة والتنمية"، و"منبر المجتمع الدارفوري"، و"المؤتمر الديمقراطي لشرق السودان"، و"منبر النيل الأزرق". وربما أراد مقترحو الفكرة التأكيد على قومية تنظيمهم الجديد.
وكان البشير، قد استبق المطالب التي أعلنتها هذه الأحزاب، بإصدار قرار جمهوري بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق إثر التظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد. غير أن القرار لم يفصّل مهام اللجنة واختصاصاتها.
في موازاة ذلك، لفت موقف من الجيش داعم للبشير وتوجّهاته، إذ اعتبر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد أحمد خليفة الشامي، أن "المعطيات تؤكد أن البلاد ستنتقل إلى حالة أفضل بانفراج الأزمة عبر الحلول التي أعلنها الرئيس البشير لصالح الوطن والمواطنين". وأكد الشامي، في تصريحات للإذاعة السودانية أمس، استتباب الأمن والاستقرار في البلاد وأن الجيش يقوم بكامل واجبه في تأمين البلاد وبسط هيبة الدولة وسيادة القانون. وأشاد بوقوف الشعب السوداني مع الجيش، مؤكداً أن "ما تمر به البلاد هذه الأيام من أحوال اقتصادية هي أحوال عابرة سيتم تجاوزها قريباً".
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم، هو إلى أي مدى ستنجح الأحزاب المعارضة في تحقيق المطالب التي أعلنتها في المذكرة أمس، مع العلم أن هذه الأحزاب فشلت حتى في تسليم المذكرة للبشير؟ لكن مراقبين يشيرون إلى أن هذه الأحزاب ربما تريد تأكيد وجودها كجهة كمعارضة يمكن استيعابها في أجسام أخرى معارضة، والدليل على ذلك تأكيد قادة الأحزاب رغبتهم في التنسيق مع قوى الإجماع الوطني ونداء السودان، التحالفين الأكثر حضوراً في المشهد السياسي المعارض، خصوصاً أن الأحزاب الموقّعة على المذكرة تدرك ضعفها وعدم استطاعتها العمل بصورة منفردة.
وأصدر 22 حزباً سياسياً تتمثّل غالبيتها في البرلمان القومي، ومعها كتلة برلمانية مستقلة، بعد أن كانت لوقت قريب جزءاً رئيسياً من عملية الحوار الوطني، أمس مذكرة موجّهة للبشير، تطالبه فيها بالتنحي. وجاءت مطالب تلك الأحزاب بعد أن توحّدت في جسم واحد باسم "الجبهة الوطنية للتغيير". وأعلنت الأحزاب الموقّعة على المذكرة، دعمها المطلق للحراك الشعبي الذي انطلق قبل نحو أسبوعين ضد موجة الغلاء وزيادة الأسعار، ووصلت مطالبه إلى حد المناداة بإسقاط النظام، مشيرة إلى أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة لا سبيل لتجاوزها إلا بقيام نظام جديد في البلاد يستعيد ثقة الشعب.
وأضافت أن رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، يقوم بـ"حل المجلس الوطني ومجلس الولايات وتعيين مجلس وطني توافقي من 100 عضو، وحل الحكومات الولائية ومجالسها التشريعية وإعادة هيكلة الحكم". كما "تحدد الحكومة الانتقالية الموعد المناسب للانتخابات وفق التقدّم في ملف السلام بالتشاور مع القوى السياسية". كما طالبت بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في التجاوزات التي صاحبت التعاطي مع الحراك الشعبي، ومحاسبة مرتكبيها.
وحاولت المذكرة على ما يبدو تحييد الجيش السوداني ومغازلته عبر الإشادة به لحمايته المنشآت العامة على وقع الاحتجاجات الحالية، وطالبته في الوقت نفسه بحماية التظاهرات السلمية المشروعة "ممن لا يتورعون عن إراقة الدماء وقتل الأبرياء من المواطنين". ومضى رئيس حزب "الأمة"، مبارك الفاضل، أبعد من ذلك في رده على أسئلة الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي لإعلان المذكرة أمس، بمطالبته القوات المسلحة بالانحياز للشعب السوداني ليتمكّن من تنفيذ التحوّل السلمي الذي يحقن الدماء.
أما الضربة الأكثر إيلاماً بالنسبة للحكومة، فجاءت بإعلان رئيس حزب "الإصلاح الآن"، غازي صلاح الدين العتباني، عن قرار حزبه بسحب ممثلي الحزب من البرلمان القومي ومن البرلمانات الولائية (الولايات)، في وقت أفادت فيه مصادر من أحزاب أخرى "العربي الجديد" بأنها تنوي القيام بخطوات مماثلة.
وتقدّم حزب "الإصلاح الآن" الذي يتزعمه غازي صلاح الدين العتباني، بثقله السياسي والفكري، قائمة أحزاب الجبهة. وكان العتباني قد شغل قبل سنوات، منصب الأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، كما عمل مستشاراً للبشير ووزيراً للإعلام، إضافة إلى مناصب أخرى حكومية، قبل أن يترك الحزب الحاكم عام 2013 وينشئ مع منشقين آخرين حزباً آخر.
كما ضمّت الجبهة الجديدة، حزب "الأمة" الذي يتزعمه مبارك الفاضل المهدي، والذي كان يشغل قبل أشهر، منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار في حكومة بكري حسن صالح، كما عمل من قبل مساعداً للبشير. كذلك ضمّت "الحزب الاتحادي الديمقراطي-تيار الإصلاح"، الذي تقوده وزيرة العمل السابقة، إشراقة سيد محمود، وهو من أول الأحزاب التي شاركت في الحكم، وذلك عام 2000.
ومن اللافت أكثر من بين قائمة الأحزاب الموقّعة على المذكرة، وجود أحزاب ذات صبغة دينية، مثل تيار "الأمة الواحدة" و"اتحاد قوى المسلمين"، وكلها منضوية تحت لواء "كتلة قوى التغيير" في البرلمان السوداني. ومن اللافت أيضاً أن معظم تلك الأحزاب، شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، وهو الحوار الذي دعا له البشير في العام 2014، ووقّعت على توصياته وشاركت في البرلمان بالتعيين، تنفيذاً للتوصيات التي لا تزال محل تباهٍ من الحزب الحاكم. كذلك وقّعت على المذكرة أحزاب ذات توجّه مناطقي، مثل حزب "الشرق للعدالة والتنمية"، و"منبر المجتمع الدارفوري"، و"المؤتمر الديمقراطي لشرق السودان"، و"منبر النيل الأزرق". وربما أراد مقترحو الفكرة التأكيد على قومية تنظيمهم الجديد.
في موازاة ذلك، لفت موقف من الجيش داعم للبشير وتوجّهاته، إذ اعتبر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد أحمد خليفة الشامي، أن "المعطيات تؤكد أن البلاد ستنتقل إلى حالة أفضل بانفراج الأزمة عبر الحلول التي أعلنها الرئيس البشير لصالح الوطن والمواطنين". وأكد الشامي، في تصريحات للإذاعة السودانية أمس، استتباب الأمن والاستقرار في البلاد وأن الجيش يقوم بكامل واجبه في تأمين البلاد وبسط هيبة الدولة وسيادة القانون. وأشاد بوقوف الشعب السوداني مع الجيش، مؤكداً أن "ما تمر به البلاد هذه الأيام من أحوال اقتصادية هي أحوال عابرة سيتم تجاوزها قريباً".
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم، هو إلى أي مدى ستنجح الأحزاب المعارضة في تحقيق المطالب التي أعلنتها في المذكرة أمس، مع العلم أن هذه الأحزاب فشلت حتى في تسليم المذكرة للبشير؟ لكن مراقبين يشيرون إلى أن هذه الأحزاب ربما تريد تأكيد وجودها كجهة كمعارضة يمكن استيعابها في أجسام أخرى معارضة، والدليل على ذلك تأكيد قادة الأحزاب رغبتهم في التنسيق مع قوى الإجماع الوطني ونداء السودان، التحالفين الأكثر حضوراً في المشهد السياسي المعارض، خصوصاً أن الأحزاب الموقّعة على المذكرة تدرك ضعفها وعدم استطاعتها العمل بصورة منفردة.