بدأ العدّ التنازلي لنهاية المهلة التي منحها الاتحاد الأفريقي للمجلس العسكري الانتقالي في السودان، لتسليم السلطة لحكومة يقودها مدنيون، وهو أمر يبدو بعيد المنال حالياً، ما يفتح المجال أمام مواجهة الخرطوم عقوبات أفريقية، فيما تعمل القاهرة على منع فرض عقوبات قد تكون الأولى من نوعها في حقّ البلاد، التي كانت تواجه طوال عهد الرئيس المعزول عمر البشير عقوبات دولية.
وتنتهي المهلة حسب قرار الاتحاد الأفريقي في 30 يونيو/ حزيران الحالي، وهو الموعد المقرر أن تستعيد فيه قوى "إعلان الحرية والتغيير" المعارضة عافية التصعيد الجماهيري، الذي تعرض إلى انتكاسة بسبب الفض الدموي للاعتصام في محيط قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم أخيراً، وكذلك بسبب قطع خدمة الإنترنت عن البلاد بقرار من المجلس العسكري، ما حد من قدرة التواصل بين "الحرية والتغيير" وقواعدها. وكانت المعارضة تعتمد بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحريك التظاهرات والمواكب والإضرابات والاعتصامات.
في هذا الوقت كشفت مصادر دبلوماسية جزائرية مسؤولة، أن القاهرة قدمت تعهدات سياسية إلى المجلس العسكري في السودان لرفع تجميد عضويته في الاتحاد الأفريقي. وقال مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد"، إن وزير الخارجية المصري سامح شكري أبلغ نظيريه الجزائري صبري بوقادوم والتونسي خميس الجهيناوي، خلال اجتماعهم في تونس قبل أسبوع، أن مصر تبذل جهوداً لاستغلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، لإقناع أعضاء مجلس السلم والأمن الأفريقي برفع تجميد عضوية الخرطوم، مشيراً إلى أن "المسعى المصري يستند إلى أن ما حدث في السودان ليس انقلاباً وإنما ثورة شعبية"، مشبهاً ذلك "بما حدث في مصر" عند عزل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي. وأوضح المصدر الدبلوماسي أن "شكري أكد لنظيريه التونسي والجزائري، أن المساعي المصرية تستهدف فك العزلة الدولية والقارّية عن المجلس العسكري"، مشيراً إلى أن شكري طلب مساعدة الجزائر وتونس في هذا الاتجاه. وتزامن حديث المصادر الجزائرية مع عقد وزراء خارجية الشركاء الإقليميين للسودان، التي تضم دولاً عدة بينها مصر وإثيوبيا، اجتماعاً أمس في مقرّ الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، اليوم الخميس، من أجل توفير مناخ مؤاتٍ يحفّز الأطراف السودانية على استئناف الحوار.
اقــرأ أيضاً
لكن بات من شبه المؤكد أن الأيام التسعة الباقية من مهلة الاتحاد الأفريقي، لن تكفي لإحداث اختراق في عملية التفاوض المتعثرة بين المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد قرار كل طرف تعليق التفاوض مع الطرف الآخر، عقب مجزرة فضّ الاعتصام وسط الخرطوم في 3 يونيو الحالي. وما زاد الأمور تعقيداً، هو إلغاء المجلس العسكري لاتفاق سابق مع قوى "إعلان الحرية والتغيير"، يتعلق بمنحها حق تشكيل الحكومة الانتقالية بنسبة 100 في المائة والحصول على ثلثي مقاعد البرلمان الانتقالي، مع تحديد 3 سنوات عمراً للفترة الانتقالية. ومضى المجلس أكثر من ذلك، حين فتح أبواب التفاوض مع أحزاب ظلت حتى آخر لحظة جزءاً من نظام البشير. كما تراجع حتى عن مدة 3 سنوات للفترة الانتقالية، ودعا إلى انتخابات مبكرة بعد 9 شهور.
وسط كل هذه الظروف، تبدو الاحتمالات بعيدة تماماً في الوصول لتوافق في المدى المنظور. وعلى الرغم من فتحة الأمل، التي فتحت بعد الإعلان أمس الخميس عن عودة الوسيط الإثيوبي محمود درير إلى الخرطوم، الذي يتحرك بناءً على وساطة رئيس الوزراء أبي أحمد، إلا أن مراقبين يستبعدون حدوث تقارب بين الأطراف السودانية، حيث يتمسك كل طرف بمواقفه، وخصوصاً المجلس العسكري المنقسم في ما يبدو على نفسه. ففي الوقت الذي يعترف فيه أعضاء في المجلس بدور قوى "الحرية والتغيير" في الثورة، يمضي نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، والمسنود بالثقل العسكري من خلال قوات الدعم السريع وأيضاً بالحلف السعودي الإماراتي، بعيداً، حيث يعمل هذه الأيام على خلق سند سياسي شعبي موازٍ داعم للمجلس العسكري، أو بالأحرى داعم له شخصياً. وأعاد حميدتي، خلال تجميع وحشد زعامات القبائل وقيادات دينية ونسائية، مهاجمة قوى "إعلان الحرية والتغيير"، وأكد رفضه الاتفاقات السابقة معها وشراء تعاطفها. كما حاول حميدتي، بحسب مصادر "العربي الجديد"، مغازلة 3 أحزاب رئيسية، هي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل والمؤتمر الشعبي، وعرض عليها المشاركة في الحكومة المقبلة بعيداً عن "الحرية والتغيير"، لكنها رفضت العرض، ما اضطره للعمل على صعيد القيادات التقليدية، بل تحريضها على إنشاء لجان شعبية موازية للجان "المقاومة الشعبية" التي تتبناها "الحرية والتغيير". وأعلن حميدتي أن المجلس العسكري لن يوافق إلا على حلّ يرضي جميع السودانيين، من دون أن يستبعد قيام المجلس بتشكيل حكومة مستقلة من التكنوقراط. وقال: "قوى الحرية والتغيير طالبت بفترة انتقالية مدتها 4 سنوات للتنظيف والإقصاء، لكننا مصرّون على تشكيل حكومة المستقلين والكفاءات، وفترة انتقالية لمدة عام".
كما يسعى حميدتي لتحسين صورته بعد جريمة مجزرة فضّ الاعتصام، التي راح ضحيتها أكثر من 100 من المعتصمين، حيث توجه أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع بالتورط في الحادثة. وأعلن القبض على الأشخاص المتورطين في فضّ الاعتصام، وتقديم كل من تجاوز حدوده إلى محاكمة علنية. وأوضح أن "المجلس العسكري متمسك بمحاكمة رموز النظام السابق، وأنه من الآن وصاعداً ستبدأ كل المحاكمات، ولن يؤثروا على سير العدالة، وسيحتكمون إليها". وأضاف: "انتهى عهد وحكم المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق)، وسنقبض على الرموز الفاسدة والمجرمين لاسترداد أموال الشعب السوداني". وأعلن القبض على 14 عسكرياً تورطوا في مجزرة الخرطوم. وقال إن "خمسة من المتورطين قدموا اعترافات قضائية، وهناك جهات تعمل ضدنا لتوريطنا، وسنكشف كل الحقائق عقب انتهاء عمل لجان التحقيق، لعدم التأثير على العدالة". وكرر دفاعه عن قوات الدعم السريع، مشيراً إلى أنه تم إلقاء "القبض على لواء ومجموعات عسكرية، ترتدي أزياء الدعم السريع، وتعمل على تجنيد الشباب".
في هذا الوقت، تتحضر قوى "إعلان الحرية والتغيير" للتصعيد، إذ استجابت عشرات النقابات لدعوتها أمس الخميس بتنفيذ وقفات احتجاجية تنديداً بمجزرة فض الاعتصام، في حين اختارت مدن؛ مثل مدني والأبيض وبورتسودان، الخروج في تظاهرات شارك فيها المئات تنديداً بالمجزرة وللمطالبة بحكومة مدنية. ويقول المحلل السياسي الجميل الفاضل إن "المشهد يشهد حالة من انسداد الأفق، وخصوصاً أن التعقيدات وصلت مداها الأخير"، مبيناً أن "السودانيين بانتظار نقطة ضوء في آخر النفق للخروج من الحالة الراهنة، وربما تأتي مع عودة المبعوث الإثيوبي محمود درير". وأضاف الفاضل، لـ"العربي الجديد"، أن "المجلس العسكري يواجه بضغوط إقليمية ودولية وداخلية واسعة قد تضطره إلى تقديم تنازلات"، مبيناً أن "المبعوث الإثيوبي سيحمل معه صيغة توافقية تتعلق بتشكيل مجلس سيادي من 7 عسكريين و7 مدنيين، على أن يتم الاتفاق على شخصية لرئاسة المجلس، فيما على قوى إعلان الحرية والتغيير تقديم تنازلات تتعلق بعدم التدخل بنسبة الثلث المخصصة لبقية القوى السياسية في المجلس التشريعي". وأضاف أن "المناخ النفسي الظاهر على قيادات المجلس العسكري يؤكد أن الضغوط تؤثر إلى حد كبير على تلك القيادات"، مستشهداً بشكوى حميدتي، خلال خطاب جماهيري أمس الخميس، "من عدم النوم وأنه يفضل دخول السجن في الوقت الراهن جنباً إلى جنب مع البشير"، مؤكداً أن المجلس العسكري سيجد نفسه انطلاقاً من 30 يونيو الحالي في حالة ضغط على المستوى الداخلي والخارجي، فيما فقدت قوى "الحرية والتغيير" أهم أوراق الضغط بعد فض الاعتصام، ومن ثم فقد خفّت حدة مواقفها، ما يشي بإمكانية تحقيق تسوية ستتضح معالمها اليوم الجمعة.
وتنتهي المهلة حسب قرار الاتحاد الأفريقي في 30 يونيو/ حزيران الحالي، وهو الموعد المقرر أن تستعيد فيه قوى "إعلان الحرية والتغيير" المعارضة عافية التصعيد الجماهيري، الذي تعرض إلى انتكاسة بسبب الفض الدموي للاعتصام في محيط قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم أخيراً، وكذلك بسبب قطع خدمة الإنترنت عن البلاد بقرار من المجلس العسكري، ما حد من قدرة التواصل بين "الحرية والتغيير" وقواعدها. وكانت المعارضة تعتمد بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحريك التظاهرات والمواكب والإضرابات والاعتصامات.
لكن بات من شبه المؤكد أن الأيام التسعة الباقية من مهلة الاتحاد الأفريقي، لن تكفي لإحداث اختراق في عملية التفاوض المتعثرة بين المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد قرار كل طرف تعليق التفاوض مع الطرف الآخر، عقب مجزرة فضّ الاعتصام وسط الخرطوم في 3 يونيو الحالي. وما زاد الأمور تعقيداً، هو إلغاء المجلس العسكري لاتفاق سابق مع قوى "إعلان الحرية والتغيير"، يتعلق بمنحها حق تشكيل الحكومة الانتقالية بنسبة 100 في المائة والحصول على ثلثي مقاعد البرلمان الانتقالي، مع تحديد 3 سنوات عمراً للفترة الانتقالية. ومضى المجلس أكثر من ذلك، حين فتح أبواب التفاوض مع أحزاب ظلت حتى آخر لحظة جزءاً من نظام البشير. كما تراجع حتى عن مدة 3 سنوات للفترة الانتقالية، ودعا إلى انتخابات مبكرة بعد 9 شهور.
وسط كل هذه الظروف، تبدو الاحتمالات بعيدة تماماً في الوصول لتوافق في المدى المنظور. وعلى الرغم من فتحة الأمل، التي فتحت بعد الإعلان أمس الخميس عن عودة الوسيط الإثيوبي محمود درير إلى الخرطوم، الذي يتحرك بناءً على وساطة رئيس الوزراء أبي أحمد، إلا أن مراقبين يستبعدون حدوث تقارب بين الأطراف السودانية، حيث يتمسك كل طرف بمواقفه، وخصوصاً المجلس العسكري المنقسم في ما يبدو على نفسه. ففي الوقت الذي يعترف فيه أعضاء في المجلس بدور قوى "الحرية والتغيير" في الثورة، يمضي نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، والمسنود بالثقل العسكري من خلال قوات الدعم السريع وأيضاً بالحلف السعودي الإماراتي، بعيداً، حيث يعمل هذه الأيام على خلق سند سياسي شعبي موازٍ داعم للمجلس العسكري، أو بالأحرى داعم له شخصياً. وأعاد حميدتي، خلال تجميع وحشد زعامات القبائل وقيادات دينية ونسائية، مهاجمة قوى "إعلان الحرية والتغيير"، وأكد رفضه الاتفاقات السابقة معها وشراء تعاطفها. كما حاول حميدتي، بحسب مصادر "العربي الجديد"، مغازلة 3 أحزاب رئيسية، هي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل والمؤتمر الشعبي، وعرض عليها المشاركة في الحكومة المقبلة بعيداً عن "الحرية والتغيير"، لكنها رفضت العرض، ما اضطره للعمل على صعيد القيادات التقليدية، بل تحريضها على إنشاء لجان شعبية موازية للجان "المقاومة الشعبية" التي تتبناها "الحرية والتغيير". وأعلن حميدتي أن المجلس العسكري لن يوافق إلا على حلّ يرضي جميع السودانيين، من دون أن يستبعد قيام المجلس بتشكيل حكومة مستقلة من التكنوقراط. وقال: "قوى الحرية والتغيير طالبت بفترة انتقالية مدتها 4 سنوات للتنظيف والإقصاء، لكننا مصرّون على تشكيل حكومة المستقلين والكفاءات، وفترة انتقالية لمدة عام".
في هذا الوقت، تتحضر قوى "إعلان الحرية والتغيير" للتصعيد، إذ استجابت عشرات النقابات لدعوتها أمس الخميس بتنفيذ وقفات احتجاجية تنديداً بمجزرة فض الاعتصام، في حين اختارت مدن؛ مثل مدني والأبيض وبورتسودان، الخروج في تظاهرات شارك فيها المئات تنديداً بالمجزرة وللمطالبة بحكومة مدنية. ويقول المحلل السياسي الجميل الفاضل إن "المشهد يشهد حالة من انسداد الأفق، وخصوصاً أن التعقيدات وصلت مداها الأخير"، مبيناً أن "السودانيين بانتظار نقطة ضوء في آخر النفق للخروج من الحالة الراهنة، وربما تأتي مع عودة المبعوث الإثيوبي محمود درير". وأضاف الفاضل، لـ"العربي الجديد"، أن "المجلس العسكري يواجه بضغوط إقليمية ودولية وداخلية واسعة قد تضطره إلى تقديم تنازلات"، مبيناً أن "المبعوث الإثيوبي سيحمل معه صيغة توافقية تتعلق بتشكيل مجلس سيادي من 7 عسكريين و7 مدنيين، على أن يتم الاتفاق على شخصية لرئاسة المجلس، فيما على قوى إعلان الحرية والتغيير تقديم تنازلات تتعلق بعدم التدخل بنسبة الثلث المخصصة لبقية القوى السياسية في المجلس التشريعي". وأضاف أن "المناخ النفسي الظاهر على قيادات المجلس العسكري يؤكد أن الضغوط تؤثر إلى حد كبير على تلك القيادات"، مستشهداً بشكوى حميدتي، خلال خطاب جماهيري أمس الخميس، "من عدم النوم وأنه يفضل دخول السجن في الوقت الراهن جنباً إلى جنب مع البشير"، مؤكداً أن المجلس العسكري سيجد نفسه انطلاقاً من 30 يونيو الحالي في حالة ضغط على المستوى الداخلي والخارجي، فيما فقدت قوى "الحرية والتغيير" أهم أوراق الضغط بعد فض الاعتصام، ومن ثم فقد خفّت حدة مواقفها، ما يشي بإمكانية تحقيق تسوية ستتضح معالمها اليوم الجمعة.