حينما سُئل وزير المالية السابق بدرالدين محمود، في إحدى المقابلات الصحافية، مؤخراً، عن حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في السودان، رد بقوله "إن المرأة لا يمكن لها أن تكشف عن عمرها الحقيقي".
وكشفت الإجابة عن السياج السري التي تفرضه الحكومة السودانية على موضوع الاحتياطي النقدي من التعاملات الأجنبية، ويكاد يكون المرة النادرة التي كشف فيها النظام الحالي عن حجم الاحتياطي النقدي عندما تولى مقاليد السلطة قبل نحو ثلاثين عاما، حينما ذكرت أنها لم تجد في خزينة الدولة سوى 100 ألف دولار أميركي، وهو كشف أرادت به إحراج الحكومة التي انقلبت عليه آنذاك.
وبرر المدير السابق للبنك السعودي السوداني محمد عبد الرحمن أبو شورة، لـ "العربي الجديد" إحجام الحكومة السودانية عن الإفصاح عن حجم احتياطيها من النقد الأجنبي لقلة الأرصدة والموارد مقابل تنامي الاحتياجات، مما يدفع المسؤولين بالبنك المركزي ووزارة المالية للتصرف في الموارد المتاحة، وفقا للضرورات الملحة.
وأكد الخبير الاقتصادي، عبد الوهاب بوب لـ "العربي الجديد" أن التصرف في الاحتياطي النقدي وبسبب المشكلات الحالية يتم بناءً على أوامر عليا، دون أن يسميها، مشيرا لغياب وعدم توفر بيانات محددة عن أرقام الاحتياطي، وتوقع أن تكون الاحتياطيات النقدية الحالية في حدود (3 ـ 3.5 مليارات دولار)، فضلا عن المبالغ التي يتم استقطاعها من حصائل الصادر والتي تشكل احتياطيا حيويا لا يتم التصرف فيه إلا عند الضرورة.
ومن جهته، ألمح أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم عبد الحميد إلياس لاحتمالات حدوث ضعف في موقف الاحتياطي والذي دفع الحكومة لعدم الاعلان عنه، وقال لـ "العربي الجديد" إن كان عدم الإعلان لهذا السبب فإن تصرف الحكومة محمود لأن ذكره يؤدي لإرسال إشارات سالبة للسوق المحلي والعالمي.
وحول المصادر التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة السودانية لتغذية احتياطيها، قال إلياس إن كافة مصادر التغذية المعلومة تعاني من مشاكل كبرى، فالذهب يعاني من التهريب عبر كافة المعابر بما فيها مطار الخرطوم، كما أن الصادرات تجابه مشاكل في التسويق والإنتاج وسعر الصرف، كما تواجه تحويلات المغتربين تحدي وجود حزمة سياسات اقتصادية متكاملة وحوافز حقيقية حتى يقوم المغتربون بتحويل أموالهم عبر المصارف.
وشدد إلياس على أهمية أن تهتم الحكومة بحل مشكلات هذه الموارد والمصادر إن رغبت في إعادة تنشيط مخزونها وبناء احتياطيات مقدرة بالنقد الأجنبي لتوظيفها في الضروريات الملحة.
وبدأت مشكلة النقد الأجنبي في السودان، تطفو للسطح منذ بدايات الأزمة المالية العالمية في يوليو/تموز عام 2008، مع انفصال الجنوب، إضافة إلى العقوبات الأميركية والتي فُرضت في 1997 واستمرت حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حينما رفعتها الإدارة الأميركية بعد حوار طويل مع الحكومة السودانية، وأثرت تلك العقوبات على التحويلات المصرفية من وإلى السودان وعلى العديد من القطاعات.
كل تلك الأسباب، قادت إلى شلل في قدرة الحكومة على مقابلة الالتزامات القائمة وتوفير السلع الضرورية التي تستوردها كليا أو جزئياً مثل القمح والأدوية، كما أدت لانخفاض ملحوظ في الاستثمار الأجنبي المباشر بالبلاد والذي يغذي الاحتياطي النقدي للبلاد بالعملات الصعبة، حيث بلغ حجم المنفذ منه في آخر إحصائيات رسمية لعام 2016 نحو 42 مليار دولار مقارنة بالمصدّق والبالغ 68 مليار دولار.
وحسب خبراء اقتصاد، أسهمت الأوضاع السياسية والاقتصادية في هروب رجال أعمال باستثماراتهم للدول الأفريقية المجاورة، خاصة غثيوبيا رغم نفي وزير الدولة للاستثمار السوداني أسامة فيصل في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" لتلك المعلومات.
وأسهمت الزيادة الكبيرة المطّردة في الاستيراد للسلع الكمالية والضرورية معا طيلة السنوات الأخيرة الماضية في استنزاف مبالغ كبيرة جدا من النقد الاجنبي، كان يمكن أن تخلق مخزونا لا يستهان به من النقد الأجنبي.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر اقتصادية موثوقة لصيقة بمراكز القرار أن احتياطي السودان من النقد الأجنبي فارق خانة الارتفاع منذ انفصال جنوب السودان وفقدان 75% من عائدات الإنتاج النفطي.
وقالت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إن آخر ارتفاع للاحتياطي النقدي بلغ 3.5 مليارات دولار بسبب الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته ما قبل انفصال الجنوب، وأشارت المصادر إلى تراجع الاحتياطي الذي كان يكفي لقرابة 6 أشهر واردات، لخانة 3 أشهر ثم تراجع مؤخرا بشكل كبير بفعل عدم الاستقرار الاقتصادي عامة وتذبذب سعر الصرف وتراجع العملة الوطنية السودانية لأدنى مستوى لها فضلا عن ارتفاع التضخم إلى 52 %، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
وطبقاً لبيانات صندوق النقد الدولي في أغسطس/آب 2014، فإن الاحتياطي السوداني بلغ بنهاية الربع الأول حوالي 267 مليون دولار، فيما توقع الصندوق نفسه حدوث انخفاض الاحتياطيات الأجنبية في الدول العربية بشكل عام بنسبة 5.6% إلى تريليون دولار، مرجًّحة زيادة احتياطي السودان من 900 مليون دولار في عام 2016 إلى مليار دولار في 2017.
وكشفت الإجابة عن السياج السري التي تفرضه الحكومة السودانية على موضوع الاحتياطي النقدي من التعاملات الأجنبية، ويكاد يكون المرة النادرة التي كشف فيها النظام الحالي عن حجم الاحتياطي النقدي عندما تولى مقاليد السلطة قبل نحو ثلاثين عاما، حينما ذكرت أنها لم تجد في خزينة الدولة سوى 100 ألف دولار أميركي، وهو كشف أرادت به إحراج الحكومة التي انقلبت عليه آنذاك.
وبرر المدير السابق للبنك السعودي السوداني محمد عبد الرحمن أبو شورة، لـ "العربي الجديد" إحجام الحكومة السودانية عن الإفصاح عن حجم احتياطيها من النقد الأجنبي لقلة الأرصدة والموارد مقابل تنامي الاحتياجات، مما يدفع المسؤولين بالبنك المركزي ووزارة المالية للتصرف في الموارد المتاحة، وفقا للضرورات الملحة.
وأكد الخبير الاقتصادي، عبد الوهاب بوب لـ "العربي الجديد" أن التصرف في الاحتياطي النقدي وبسبب المشكلات الحالية يتم بناءً على أوامر عليا، دون أن يسميها، مشيرا لغياب وعدم توفر بيانات محددة عن أرقام الاحتياطي، وتوقع أن تكون الاحتياطيات النقدية الحالية في حدود (3 ـ 3.5 مليارات دولار)، فضلا عن المبالغ التي يتم استقطاعها من حصائل الصادر والتي تشكل احتياطيا حيويا لا يتم التصرف فيه إلا عند الضرورة.
ومن جهته، ألمح أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم عبد الحميد إلياس لاحتمالات حدوث ضعف في موقف الاحتياطي والذي دفع الحكومة لعدم الاعلان عنه، وقال لـ "العربي الجديد" إن كان عدم الإعلان لهذا السبب فإن تصرف الحكومة محمود لأن ذكره يؤدي لإرسال إشارات سالبة للسوق المحلي والعالمي.
وحول المصادر التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة السودانية لتغذية احتياطيها، قال إلياس إن كافة مصادر التغذية المعلومة تعاني من مشاكل كبرى، فالذهب يعاني من التهريب عبر كافة المعابر بما فيها مطار الخرطوم، كما أن الصادرات تجابه مشاكل في التسويق والإنتاج وسعر الصرف، كما تواجه تحويلات المغتربين تحدي وجود حزمة سياسات اقتصادية متكاملة وحوافز حقيقية حتى يقوم المغتربون بتحويل أموالهم عبر المصارف.
وشدد إلياس على أهمية أن تهتم الحكومة بحل مشكلات هذه الموارد والمصادر إن رغبت في إعادة تنشيط مخزونها وبناء احتياطيات مقدرة بالنقد الأجنبي لتوظيفها في الضروريات الملحة.
وبدأت مشكلة النقد الأجنبي في السودان، تطفو للسطح منذ بدايات الأزمة المالية العالمية في يوليو/تموز عام 2008، مع انفصال الجنوب، إضافة إلى العقوبات الأميركية والتي فُرضت في 1997 واستمرت حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حينما رفعتها الإدارة الأميركية بعد حوار طويل مع الحكومة السودانية، وأثرت تلك العقوبات على التحويلات المصرفية من وإلى السودان وعلى العديد من القطاعات.
كل تلك الأسباب، قادت إلى شلل في قدرة الحكومة على مقابلة الالتزامات القائمة وتوفير السلع الضرورية التي تستوردها كليا أو جزئياً مثل القمح والأدوية، كما أدت لانخفاض ملحوظ في الاستثمار الأجنبي المباشر بالبلاد والذي يغذي الاحتياطي النقدي للبلاد بالعملات الصعبة، حيث بلغ حجم المنفذ منه في آخر إحصائيات رسمية لعام 2016 نحو 42 مليار دولار مقارنة بالمصدّق والبالغ 68 مليار دولار.
وحسب خبراء اقتصاد، أسهمت الأوضاع السياسية والاقتصادية في هروب رجال أعمال باستثماراتهم للدول الأفريقية المجاورة، خاصة غثيوبيا رغم نفي وزير الدولة للاستثمار السوداني أسامة فيصل في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" لتلك المعلومات.
وأسهمت الزيادة الكبيرة المطّردة في الاستيراد للسلع الكمالية والضرورية معا طيلة السنوات الأخيرة الماضية في استنزاف مبالغ كبيرة جدا من النقد الاجنبي، كان يمكن أن تخلق مخزونا لا يستهان به من النقد الأجنبي.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر اقتصادية موثوقة لصيقة بمراكز القرار أن احتياطي السودان من النقد الأجنبي فارق خانة الارتفاع منذ انفصال جنوب السودان وفقدان 75% من عائدات الإنتاج النفطي.
وقالت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إن آخر ارتفاع للاحتياطي النقدي بلغ 3.5 مليارات دولار بسبب الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته ما قبل انفصال الجنوب، وأشارت المصادر إلى تراجع الاحتياطي الذي كان يكفي لقرابة 6 أشهر واردات، لخانة 3 أشهر ثم تراجع مؤخرا بشكل كبير بفعل عدم الاستقرار الاقتصادي عامة وتذبذب سعر الصرف وتراجع العملة الوطنية السودانية لأدنى مستوى لها فضلا عن ارتفاع التضخم إلى 52 %، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
وطبقاً لبيانات صندوق النقد الدولي في أغسطس/آب 2014، فإن الاحتياطي السوداني بلغ بنهاية الربع الأول حوالي 267 مليون دولار، فيما توقع الصندوق نفسه حدوث انخفاض الاحتياطيات الأجنبية في الدول العربية بشكل عام بنسبة 5.6% إلى تريليون دولار، مرجًّحة زيادة احتياطي السودان من 900 مليون دولار في عام 2016 إلى مليار دولار في 2017.