فشلت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في حشد الدعم لخطتها ذات العشر نقاط لـ"بريكست"، التي أطلقتها يوم أمس، حيث جاءت ردود الفعل عكسية على مدى الطيف السياسي البريطاني.
وكانت ماي قد أعلنت يوم الثلاثاء عن خطة معدلة لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي مبنية على نتائج مفاوضاتها مع حزب العمال، وتشمل عدة تعهدات سيتم إدراجها في قانون الانسحاب، ومنها التعهد بإجراء استفتاء ثان في حال تمرير اتفاقها في البرلمان.
إلا أن تعهدات ماي واجهت رفضاً شديداً من قبل عدد من وزراء حكومتها، بينما وصفها العديد من النواب البرلمانيين بأنها "سطحية" وغير كافية. بل إن أكثر من 20 نائباً عن حزب المحافظين ممن دعموا الصفقة خلال التصويت الأخير، والذي خسرته ماي بفارق 58 صوتاً، أعلنوا نيتهم التصويت ضدها.
وتشمل هذه القائمة أسماء مثل بوريس جونسون ودومينيك راب وجاكوب ريس موغ وديفيد ديفيس، وهم من متشددي "بريكست"، والذين دعموا خطة ماي في المحاولة الأخيرة فقط عندما وعدت بمغادرة منصبها في حال نجاحها في البرلمان.
وبعد أن أعلنت ماي أنها ستحدد موعد مغادرتها منصبها بعد التصويت المقبل بداية يونيو/ حزيران، فلم يعد يرى هؤلاء حاجة لدعمها، بل إنهم يرون أن فشل خطتها سيسرع من مغادرتها لمنصبها، ويفتح الباب أمامهم لرئاسة الوزراء وزعامة الحزب.
وعلق جونسون على خطة ماي الجديدة بالقول إنها "تعارض برنامجنا الحزبي، ولن أصوت لصالحها". أما راب فقال: "لا أستطيع دعم تشريع سيكون مدخلاً للاستفتاء الثاني أو الاتحاد الجمركي. كلا الخيارين سيعيقان بريكست بدلاً من تطبيقه، وبالتالي سيخلفان بوعودنا الانتخابية".
ولم يقتصر الرفض على متشددي "بريكست"، بل اعترض عدد من نواب تيار الوسط في حزب المحافظين على الخطة الجديدة المعدلة، حيث قال أندرو بيرسي، لشبكة "بي بي سي": "أشعر بالإحباط. لقد صوتت لصالحها في المحاولة الثانية والثالثة ... ولكني قلق حقاً من احتمال الاستفتاء الثاني ... لم أقرر كيف سأصوت بعد ولكني أرى عرض الاستفتاء الثاني مقلقاً حقاً". أما روب هالفون فقد وصف خطة ماي المعدلة بأنها "خيانة لاستفتاء 2016 وخيانة لكل شيء منذ أن أصبحت رئيسة للوزراء".
من جهته، رفض حزب العمال على لسان زعيمه جيريمي كوربن مناورة ماي بالقول: "لن ندعم شكلاً معدلاً من الخطة القديمة ذاتها، ومن الواضح أن هذه الحكومة الضعيفة المتفككة غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها".
كما رفض الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي تنازلات ماي، وأعلن رفضه دعمها.
أما داعمو الاستفتاء الثاني فرأوا محاولة ماي دون المطلوب، حيث إنها لا تمتلك الوسيلة لتحصيل أغلبية برلمانية لدعم الاستفتاء. وقال بيتر كايل، النائب عن العمال، وأحد متصدري الحملة: "رئيسة الوزراء هي سبب هذه الفوضى، وليس النواب مثلي والذين حاولوا توفير سبل للخروج من الأزمة. إذا أضافت فقرة خاصة بالاستفتاء الثاني على مشروع القانون فإني سأدعمه. ولكن ما عرضته لا يصل إلى ذلك المستوى".
وضمت زعيمة القوميين الاسكتلنديين، نيكولا ستورجون، صوتها إلى رافضي المقترح الجديد بالقول: "لقد قالت تيريزا ماي إن النواب الذين يصوتون ضد مشروع القانون سيصوتون لوقف بريكست. هذا بالتأكيد ما سيقوم به نواب الحزب القومي الاسكتلندي لأن اسكتلندا لم تصوت لصالح بريكست".
وكانت ماي قد طالبت البرلمان بدراسة "عرضها الجريء والجدي"، وحثت نواب حزبها على دعم خطتها إذا أرادوا إعادة المصداقية للحزب الذي يتجه نحو هزيمة نكراء في الانتخابات الأوروبية المقررة يوم غد.
وتعهدت أيضاً بأن يكون الاستفتاء الثاني جزءاً من قانون "بريكست" في محاولة لكسب أصوات معارضي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وذلك في حال دعم اتفاقها بداية الشهر المقبل.
وقالت: "لا أؤمن بأننا يجب أن نسلك هذا الطريق، لأننا يجب أن نكون مشغولين بتطبيق نتيجة الاستفتاء الأول، وليس سؤال البريطانيين التصويت مرة أخرى. ولكني أقر بصحة وصدق المشاعر في هذا المجلس حول هذه القضية".
كما ستمنح ماي البرلمان حق التصويت على مقترحات جمركية بديلة، بما فيها العرض الذي تقدمت به لحزب العمال خلال المفاوضات بين الحزبين، والذي يشمل اتحاداً جمركياً مؤقتاً على البضائع دون الخدمات. وفي حال كسب العمال الانتخابات العامة المقبلة، بإمكانهم حينها تطوير الاتفاق إلى اتحاد جمركي دائم.
وشملت خطة ماي البديلة عدداً من التعهدات الأخرى، مثل قوانين لحماية حقوق العمال وقوانين الحماية البيئية.