السيسي على خطى مبارك... قوائم الأحزاب بيد الأجهزة الأمنية

05 مارس 2016
يحاول النظام السيطرة على كل مكوّنات الحياة السياسية(كريس هوندرس/Getty)
+ الخط -
لم تكن موافقة بعض الأحزاب السياسية المصرية، أخيراً، على إرسال أسماء أعضائها للأجهزة الأمنية، خطوة بعيدة عن سيطرة وتحكّم الأمن في الحياة السياسية والحزبية. ومنذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، عاد جهاز الأمن الوطني، "أمن الدولة" سابقاً، إلى ممارسة بعض مهامه في متابعة أنشطة الأحزاب، وهو ما كان سائداً قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. بذلك، يعيد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي إحياء ملمح جديد من حقبة نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ويسعى النظام الحالي إلى إضعاف الأحزاب والسيطرة عليها، فضلاً عن مراقبة الأعضاء الناشطين في تلك الأحزاب، وبحث إمكانية التعامل معهم، بحسب مصادر أمنية. وعلى الرغم من رفض بعض الأحزاب إرسال أسماء أعضائها إلى الأجهزة الأمنية، وتحديداً جهاز الأمن الوطني، وافق عدد ليس بالقليل، وعلناً، بدعوى وقف أي اختراقات ممكنة لجماعة "الإخوان المسلمين". وكانت أحزاب "المؤتمر" و"الحركة الوطنية" و"الوفد"، أعلنت الموافقة على إرسال أسماء أعضائها إلى الأجهزة الأمنية لبحث تواجد عناصر إخوانية بينها، فيما رفضت أحزاب أخرى باعتبار ذلك تدخلاً غير مقبول تماماً.

وتعدّدت ممارسات وتدخلات الأمن الوطني في الحياة السياسية، بدءاً من وضع نظام انتخابي لمجلس النواب يُضعف الأحزاب بشكل كبير، ويتيح الفرصة مرة أخرى لتصدُّر رأس المال والرشاوى السياسية. وامتدت تلك الممارسات إلى الموافقة أو رفض بعض مرشحي الأحزاب، وأغلبها القريبة من الدوائر الأمنية والمنبثقة من الحزب "الوطني" المنحلّ، وإلى التضييق والعمل ضدّ بعض المرشحين في الانتخابات البرلمانية الماضية.

وبحسب مراقبين، فإن النظام الحالي يسعى بكل الطرق الممكنة، القانونية وغير القانونية، لتحجيم دور الأحزاب وإضعافها، في محاولة للسيطرة الكاملة عليها مثلما كانت الأوضاع في عهد مبارك. ويقول هؤلاء المراقبون إن "نظام السيسي يسعى لإعادة إنتاج النظام البائد الذي ثار عليه الشعب، حتى إن الرجال المحيطين بالرئيس الحالي لا يكلّفون أنفسهم بابتكار وسائل جديدة للسيطرة على الحياة السياسية".

ويرى مراقبون معارضون لسلطة السيسي أنّ "أسلوب تحركات النظام الحالي بات متوقعاً ومكشوفاً للجميع، وهي محاولة لإضعاف كل قوة يمكن أن تشكل خطراً على الرجل، خصوصاً في ظلّ الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب بموجب الدستور الجديد. وبالتالي، فإن صعود الأحزاب وتزايد قوتها، عامل ضعف للنظام الحالي".

اقرأ أيضاً: "دعم مصر" وأحزاب الأكثرية تتقاسم "كعكة اللجان البرلمانية"

وتكشف مصادر أمنية لـ"العربي الجديد"، عنّ أنها ليست المرة الأولى التي ترسل أحزاب سياسية قوائم بأعضائها إلى جهاز الأمن الوطني، لكن تسريب الخبر من داخل تلك الأحزاب تسبّب في حرج لها، ما دفعها للقول إنّ "الأمر يقتصر فقط على متابعة اختراق الإخوان لها".
وتقول هذه المصادر إنّ "هذه الخطوة كانت إجراءً متّبعاً في عهد مبارك، وتجدّد العمل به عقب عزل مرسي وعودة الجهاز للعمل بكامل طاقته وأفرعه". وتضيف أنّ هناك فرعاً في الأمن الوطني معنيٌ بمتابعة الأحزاب السياسية والحركات الشبابية، ويجمع معلومات حول كل أعضائها بشكل مفصّل. وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ الغرض من الأمر متابعةٌ للأعضاء الناشطين والمعارضين بشدّة، وبحث إمكانية التعامل مع الأمر، مثلما حدث في أوقات سابقة من تسجيل مكالمات وتصوير مشاهد لهم، يمكن تهديدهم بها.

على صعيد متصل، تقول عضو الهيئة العليا لـ"المصري الديمقراطي"، أسماء حسنين، إنه لا مجال للحديث من الأساس عن إرسال أسماء أعضاء الحزب للأمن، كون هذا الأمر لا تقرّه أي تشريعات أو قوانين. وتتساءل حسنين، في حديث مع "العربي الجديد"، عن المنطق الذي يبرر إرسال أحزاب أسماء أعضائها لجهاز الأمن الوطني، معتبرةً أن الادعاء بوجود اختراقات للإخوان المسلمين لبعض الأحزاب هو "أمر يثير التعجب"، وكأن الأحزاب لا تثق بمنتسبيها أو أنها لا تدرك توجهاتهم، "ولو هذا صحيح فإنها تكون أحزاباً وهمية". وتشير حسنين إلى أن "الأحزاب ليست ملزمة للقيام بهذه الخطوة، ومَن يوافق عليها فهذا شأنه الخاص، وإن كان الأمر في مجمله خطأ، ويساعد على اختراق الأحزاب وتقويض قدرتها".

من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إنّ مسألة إرسال أسماء أعضاء ليست جديدة في التعامل بين الأمن والأحزاب، وإن كانت بدأت تنشط وتتبلور أخيراً. ويضيف عز لـ"العربي الجديد"، أن الأمن الوطني يريد إحكام السيطرة تماماً على كل القطاعات، وهو أمر ينسحب على الأحزاب والتحكم فيها، بداية من "تفصيل قوانين الانتخابات"، مروراً بالتدخل في اختيار مرشحي الأحزاب، وافتعال الأزمات داخل أخرى معارضة للنظام الحالي، والتحكم في عضوية الأحزاب.

ويشير الخبير السياسي إلى أنّ النظام الحالي يعيد إنتاج ممارسات مبارك بكل تفاصيلها، وهو أمر بات واضحاً، "وسينقلب هذا الأمر على السيسي مثلما حدث مع الرئيس المخلوع". ويوضح عز أن "الزعم بوجود اختراق إخواني للأحزاب، أمر يصعب تصديقه في الحقيقة، لكن الاختراق الحقيقي هو من قبل الأمن الوطني". ويشدد على أن "الأمن يريد إحكام السيطرة على السياسة بكل تفاصيلها، وتقويض التجربة الحزبية لمنع صعود أي حزب قد يسبب أزمة في أي وقت لاحق، في محاولة لإبقاء كل الأمور تحت السيطرة".

اقرأ أيضاً مصر: أحمد عزّ يستميل "الوطني" للعودة عبر "المحليات"

المساهمون