السيسي يحضر قداس الميلاد: أولوية المحافظة على دعم الأقباط

02 يناير 2018
يحرص السيسي على حضور قداس الميلاد (أحمد جميل/الأناضول)
+ الخط -


للمرة الأولى منذ خمسين عاماً، وقت إنشاء كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية في العباسية وهي مقر بابا الإسكندرية، سيقام قداس عيد الميلاد خارجها بناء على رغبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فقد أعلنت الكنيسة القبطية المصرية إقامة القداس في السادس من يناير/ كانون الثاني الحالي في الكاتدرائية الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي قال السيسي إنها ستضم أكبر كنيسة ومسجد. وكان السيسي قد وعد خلال كلمته في قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية المرقسية في العباسية، في يناير من العام الماضي، بأنه سيتم الاحتفال بافتتاح أكبر كنيسة ومسجد في العاصمة الإدارية الجديدة خلال العام 2018، مؤكداً أنه سيكون أول المساهمين في بنائهما، وذلك بعد أيام قليلة من تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة، الملحقة بكاتدرائية الأقباط، أثناء قداس الأحد، والذي أدى إلى مقتل 26 شخصاً وإصابة آخرين.

ويُعتبر السيسي أول رئيس مصري يزور الكنيسة في وقت إقامة قداس عيد الميلاد، وهو يحرص على ذلك كل عام منذ وصوله إلى الحكم بعد انقلاب يونيو/حزيران 2013. ويفسر البعض ذلك الحرص بأنه تصرف يضمن للسيسي ولاء الأقباط الذين دعموه ووقفوا معه قبل وبعد الانقلاب الذي نفذه عندما كان وزيراً للدفاع ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، كما وقفوا معه عند ترشحه للرئاسة أول مرة.

ويرى محللون أن السيسي حريص الآن أكثر من أي وقت مضى على ضمان دعم الأقباط، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وتآكل شعبيته بين المصريين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، نظراً لتكرار العمليات الإرهابية ضدهم ووقوف الأجهزة الأمنية عاجزة عن حمايتهم، وحوادث الفتنة الطائفية التي تقع كل فترة دون تحرك فاعل من الدولة لوقفها. وكان آخر تلك الحوادث هو ما وقع في قرية كفر الواصلين التابعة لمركز أطفيح في محافظة الجيزة قبل أيام، حيث شهدت أحداث عنف عندما هوجم مبنى يُستخدم ككنيسة، بدعوى أنها سترفع جرساً، وجرى تحطيم محتويات المبنى ووقعت بعض الإصابات بين المسيحيين ممن يرتادون الكنيسة. وبحسب نشطاء أقباط، فقد ألقت الشرطة القبض على مصابين أقباط من المستشفى واقتادتهم إلى المركز، ورفضت دخول محامٍ معهم، ما أثار حالة من الغضب بين أهاليهم.

أما خارجياً، فيرى محللون أن السيسي يحرص على حضور قداس عيد الميلاد كل عام، لبعث رسالة إلى الدول الغربية بأنه يرعى مصالح الأقلية القبطية، للحصول على دعم سياسي واقتصادي. وكان آخر حضور للسيسي إلى الكاتدرائية المرقسية في العباسية، في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي عندما حضر قداس عيد الميلاد الذي ترأسه البابا تواضروس الثاني، وألقى كلمة قال خلالها: "السنة المقبلة سيكون في العاصمة الإدارية الجديدة أكبر كنيسة ومسجد في مصر، وأنا أول واحد سأساهم في بناء الكنيسة والمسجد، وسنحتفل بالافتتاح العام المقبل، فضلاً عن مركز حضاري كبير، من أجل تعليم الناس أننا واحد".


وحضر السيسي قداس عيد الميلاد في الأعوام الماضية وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار لقوات الحرس الجمهوري والشرطة في محيط الكاتدرائية. وكانت وزارة الداخلية تنشر الكلاب البوليسية والبوابات الإلكترونية لتأمين الكاتدرائية، وتضع الحواجز الحديدية في محيط الكاتدرائية. لكن بحسب خبراء أمنيين، فإن تلك الإجراءات لم تعد كافية لتأمين السيسي، خصوصاً مع تصاعد العمليات الإرهابية. وأكد مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، أنه من الصعب تأمين الرئيس في منطقة كالعباسية (وسط القاهرة) المزدحمة بالسكان، مشيراً إلى أن حضوره قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية الجديدة يسهل تأمينه، إذ إنها منطقة خاوية من السكان ومحاطة بأسوار تحميها.

وأكد المصدر أنه على الرغم من أن الكنيسة القبطية هي المسؤولة عن إصدار التصاريح للأشخاص الراغبين في حضور قداس عيد الميلاد سواء من المواطنين أو الصحافيين والإعلاميين وغيرهم، غير أن الحقيقة هي أن الكنيسة ترسل الأسماء التي ترغب في حضور القداس إلى الأجهزة الأمنية ورئاسة الجمهورية قبل القداس بوقت طويل، لتقوم تلك الأجهزة بمراجعة الأسماء والكشف عنها جنائياً وسياسياً ثم تقوم بالموافقة عليها وإعادتها مرة أخرى إلى الكنيسة التي تصدر بدورها التصاريح. وأضاف المصدر أن إقامة القداس هذا العام في العاصمة الإدارية بحضور السيسي صعّبت من عملية إصدار تصاريح الصلاة.

من جهتها، أوضحت مصادر كنسية، لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لم تنتهِ حتى الآن من بناء الكاتدرائية الجديدة "ميلاد المسيح" في العاصمة الإدارية الجديدة، لكنها جهّزت مبنى خاصاً بكاتدرائية العاصمة الجديدة لإقامة قداس عيد الميلاد، الذي سيحضره السيسي ويرأسه البابا تواضروس الثاني. وأشارت إلى أن هذا المبنى الذي خُصص لإقامة قداس عيد الميلاد هو جزء من الكاتدرائية، لأن أعمال تشطيب كنيسة العاصمة الجديدة لم يتم الانتهاء منها بشكل كامل.
وقالت المصادر إن هناك أكثر من ألفي عامل ما بين مهندس وفني يعملون داخل كنيسة العاصمة الإدارية الجديدة، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتقوم بتنفيذ المشروع شركة "أوراسكوم" المملوكة لعائلة ساويرس. وأضافت أن نسبة تنفيذ المبنى لا تتخطى الـ45 في المائة، ولكن التجهيزات الخاصة بمقر إقامة قداس عيد الميلاد تم الانتهاء منها بالكامل وفرشها على أعلى مستوى. وأكدت المصادر أن تصاريح حضور قداس العيد ستقتصر على المسؤولين والقيادات الكنسية وعدد قليل من الأقباط الذين تم اختيارهم بدقة ومعروفين لدى الكنيسة جيداً، ومعروف عنهم حبهم للسيسي، وذلك من أجل ضمان عدم حدوث أي أمر يفسد زيارة الرئيس المصري، كالهتاف ضده أو المطالبة بحقوق القتلى الأقباط، وهو ما يمكن أن يسبب حرجاً للبابا وللسيسي.

وكان المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القس بولس حليم، قد أعلن في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن البابا تواضروس استقر نهائياً على ترؤس صلوات قداس العيد في الكنيسة التي ستضم مقراً باباوياً له مثلما صرح من قبل. كما أوضح وكيل البطريركية والمسؤول عن توجيه الدعوات للمسؤولين في العيد، القمص سرجيوس سرجيوس، أن الكنيسة تأخرت في طباعة دعوات قداس العيد التي توجهها كل عام للشخصيات العامة وكبار رجال الدولة وشعب كنيسة الأنبا رويس، حتى استقرت على كنيسة العاصمة الإدارية الجديدة كمقر لصلاة القداس. وقال القمص سرجيوس في تصريحات صحافية، إن قداس العيد سيشهد حضور السيسي الذي اعتاد أن يحضر قداس عيد الميلاد سنوياً ويكشف عن مفاجأة للأقباط.