كان هارفي فولشياني، مهندس أنظمة الكومبيوتر، في بنك HSBC هو سارق الأقراص المدمجة، وفيها كل وثائق البنك الذي يُعد ثاني أكبر مصرف في العالم.
فجّر الشاب الفرنسي ـ الإيطالي، فضيحة مدوية لـ HSBC قوامها تجاوزات على صعيدي التهرب الضريبي وتبييض الأموال وتأمين أموال شخصيات سياسية فاسدة.
لكن الغريب والملتبس، هو أن فولشياني هذا، عندما كان طوال سنوات يفتش عن بنوك وحكومات تبتاع ما في حوزته من معلومات، ولم تعجبه الأثمان التي عرضوها، اختطفه في سويسرا رجلان، عرّفا عن نفسيهما أنهما من "الموساد" الإسرائيلي؛ تحول بعد أن غيّر اسمه ومحل إقامته، الى شخصية غامضة وغريبة الأطوار وتلعب في الظلام. لم يكن مختطفاه سيكشفان عن هويتهما دون تحقيق ما يريدان.
ويسترعي الانتباه في توقيت الكشف عما وُصف بتجاوزات بنك HSBC أنه جاء مباشرة بعد كشف الصحافة الأميركية الاستقصائية عن فضيحة تتعلق بأنشطة ثاني أكبر بنك في إسرائيل وهو "ليئومي". فضيحة البنك الإسرائيلي تلت مباشرة، فضيحة HSBC.
ويصعب القول إن فضيحة البنك الأول، جاءت لمداراة فضيحة بنك "ليئومي" في أميركا صاحبة الفضل على إسرائيل. ذلك لأن ما كشفت عنه وثائق فولشياني، افتضحت لصوصاً ورجال أعمال طفيليين من إسرائيل نفسها، إذ من بين ودائع المتهربين من الضرائب وغاسلي الأموال من 200 بلد في العالم (حجم ودائعهم 119 مليار دولار) حلّت إسرائيل في المركز الرابع على القائمة، بنقود مخبأة تبلغ نحو عشرة مليارات.
ويبدو أن "الموساد" ضالع في كشف المستور على خلفية كيديات حزبية في إسرائيل، قبل الانتخابات العامة في الشهر المقبل. فاللافت أن من بين 9769 زبونا لبنك HSBC يمثل الإسرائيليون ستة آلاف، نصفهم مواطنون في تلك الدولة والنصف الآخر مستثمرون فيها. وهؤلاء، يشتغلون في قطاع التسليح الذي يؤجج الصراعات في دول التوتر، ويزودون الجنود الأطفال الأفارقة، بالبنادق والذخائر وقذائف الهاون.
قبل ذلك، كان الأميركيون أفاقوا على لدغة ثعبان مصرفي إسرائيلي، يتلوى في دارهم. أمسكوا "ليئومي" بالجرم المسموم، فاعترف أنه ساعد زبائنه الأميركيين على التهرب الضريبي، وتخبئة أصول، وعلى غسل أموال وإعادتها نظيفة إلى السوق الأميركية.
وبعد اعتراف "ليئومي" بالفساد، ترفق بهم الأميركيون في التسوية، فتقرر أن يدفعوا للحكومة الفيدرالية 270 مليون دولار غرامة، بخلاف 130 مليون غرامة أخرى لهيئة النظام المصرفي في نيويورك.
وقال معلقون، إن الغرامة المخففة تُغري بنوكا إسرائيلية أخرى، بالاستمرار في المخالفات!