03 مارس 2022
الصهيونية ومنجم "الاضطهاد"
لا يكلّ أنصار إسرائيل في بريطانيا من مناكفة الزعيم العمالي اليساري، جيرمي كوربن. ولم يعد خافياً الارتباط الوثيق بين حملات اللوبي الصهيوني ضد الرجل وتقدمه على الساحة السياسية البريطانية، فكلما تعزّزت مكانة الزعيم العمالي وشعبيته، وزادت احتمالات فوزه وحزبه بأي انتخابات عامة، محلية أو برلمانية، تحرك اللوبي المؤيد لإسرائيل لمهاجمته، واتهامه مرة بدعم "الإرهاب"، وأخرى بمعاداة السامية، وكراهية الصهيونية وإسرائيل. مطلع إبريل/ نيسان الجاري، كثفت الجماعات اليهودية اليمينية ضغوطها على رئيس حزب العمال، بعد زيارته جماعة جوداس، اليهودية المناهضة لإسرائيل، لتهنئتها بعيد الفصح. وسبق ذلك تظاهر زهاء 500 شخص أمام البرلمان البريطاني ضده، يتهمونه بالسماح لمعاداة السامية بالانتشار داخل حزبه. وبالطبع، تزامنت الحملة على كوربن مع اقتراب الانتخابات المحلية المرتقبة الشهر المقبل، وميل استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب العمال على حزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ما يعني أن هناك احتمالاً قوياً بأن يصبح كوربن رئيساً للوزراء، في الانتخابات النيابية عام 2022، أو أي انتخاباتٍ مبكّرة قد تجري قبل ذلك.
ما جرى أخيرا من تحركاتٍ تستهدف كوربن ومؤيديه ليس استثناءً، وليس عفوياً أو عارضاً، فمنذ انتخابه لتولي زعامة حزب العمال عام 2015، يواجه كوربن محاولات الاغتيال السياسي من قوى اللوبي الإسرائيلي، ومن خلفها اللوبي "البليري" (نسبة لزعيم الحزب الأسبق توني بلير) الذي لم يكن راضيا يوماً عن وصول تيار كوربن اليساري التقليدي إلى زعامة الحزب، بعد فوز ساحق على جناح بلير، ممن يسمون أنفسهم "الطريق الثالث"، ويتباهون بدعمهم إسرائيل ويحظون بدعم المنظمات الصهيونية والسفارة الإسرائيلية في لندن.
ويتعمد اللوبي الصهيوني في بريطانيا الخلط بين اليهود وإسرائيل، وبين مناهضة إسرائيل و"معاداة السامية"، وبين اليهودية والصهيونية، مع الحرص على تحميل العالم مسؤولية الاضطهاد الذي تعرض له اليهود، وكأن "التطهر" من ذلك لا يكون إلا بدعم إسرائيل، وغض البصر والبصيرة عن كل ما تقوم به من تنكيلٍ واضطهاد بحق الشعب الفلسطيني. ولم يعد خافياً كيف تُوظّف تنظيمات اللوبي الصهيوني فزّاعة "معاداة السامية" لتشويه خصوم إسرائيل، وثني الرأي العام الغربي عن التعاطف مع الحقوق الفلسطينية، ودفع الناس إلى تقبل الرواية الصهيونية على علاتها. وفي المقابل، تُبدع المنظمات الصهيونية في استثمار "منجم الوجع" اليهودي لابتزاز العالم الحر، مادياً وأخلاقياً، وحشره في مربع الصمت عن كل الممارسات الإسرائيلية التي توغل يومياً في الوجع الفلسطيني المفتوح.
يعيد سلوك اللوبي الصهيوني في بريطانيا إلى الأذهان ما كتبه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، في وثيقةٍ لم ينشر مضمونها إلا في عام 2007، اقترح فيها بأن يتحمل اليهود مسؤولية جزئية من العداء والاضطهاد الذي عانوا منه. ووصف الزعيم تشرشل، في مقال ظل حبيس الأرشيف في جامعة كامبريدج أكثر من 70 عاماً، تلاعب اليهود بـ"الاضطهاد" بخبث. ويضيف المقال "هذه الحقائق يجب أن تواجه في أي تحليل بمعاداة السامية، والتي يتعين أن يفكّر فيها اليهود أنفسهم ملياً، لأنهم هم الذين دعوا إلى الاضطهاد بسلوكهم المختلف، ويتحمّلون مسؤولية جزئية في العداء الذي يعانون منه". وربما هذا ما حال دون نشر المقال المؤرخ في 1937، أي قبل ثلاث سنوات من تسلم تشرشل رئاسة الحكومة البريطانية.
في عام 2009، دعا الكاتب اليهودي، أنطونى ليرمان، الإسرائيليين، إلى التحرّر من عقدة الاضطهاد وتقمص دور الضحية. وأكد ليرمان، في مقال نشرته صحيفة ذي إندبندنت البريطانية، أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق ما لم يتخلص اليهود من عقدة الاضطهاد تلك. وكتب أنه في معظم الدوائر اليهودية "إذا ما تجرأ كاتب على التشكيك في صحة تلك الرواية، وأشار إلى احتمال المبالغة فيها، وأنها تنطوي على درجة من الفزع وإسباغ دور الضحية على اليهود، فإنه يثير مشاعر العداوة ضده".
ما جرى أخيرا من تحركاتٍ تستهدف كوربن ومؤيديه ليس استثناءً، وليس عفوياً أو عارضاً، فمنذ انتخابه لتولي زعامة حزب العمال عام 2015، يواجه كوربن محاولات الاغتيال السياسي من قوى اللوبي الإسرائيلي، ومن خلفها اللوبي "البليري" (نسبة لزعيم الحزب الأسبق توني بلير) الذي لم يكن راضيا يوماً عن وصول تيار كوربن اليساري التقليدي إلى زعامة الحزب، بعد فوز ساحق على جناح بلير، ممن يسمون أنفسهم "الطريق الثالث"، ويتباهون بدعمهم إسرائيل ويحظون بدعم المنظمات الصهيونية والسفارة الإسرائيلية في لندن.
ويتعمد اللوبي الصهيوني في بريطانيا الخلط بين اليهود وإسرائيل، وبين مناهضة إسرائيل و"معاداة السامية"، وبين اليهودية والصهيونية، مع الحرص على تحميل العالم مسؤولية الاضطهاد الذي تعرض له اليهود، وكأن "التطهر" من ذلك لا يكون إلا بدعم إسرائيل، وغض البصر والبصيرة عن كل ما تقوم به من تنكيلٍ واضطهاد بحق الشعب الفلسطيني. ولم يعد خافياً كيف تُوظّف تنظيمات اللوبي الصهيوني فزّاعة "معاداة السامية" لتشويه خصوم إسرائيل، وثني الرأي العام الغربي عن التعاطف مع الحقوق الفلسطينية، ودفع الناس إلى تقبل الرواية الصهيونية على علاتها. وفي المقابل، تُبدع المنظمات الصهيونية في استثمار "منجم الوجع" اليهودي لابتزاز العالم الحر، مادياً وأخلاقياً، وحشره في مربع الصمت عن كل الممارسات الإسرائيلية التي توغل يومياً في الوجع الفلسطيني المفتوح.
يعيد سلوك اللوبي الصهيوني في بريطانيا إلى الأذهان ما كتبه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، في وثيقةٍ لم ينشر مضمونها إلا في عام 2007، اقترح فيها بأن يتحمل اليهود مسؤولية جزئية من العداء والاضطهاد الذي عانوا منه. ووصف الزعيم تشرشل، في مقال ظل حبيس الأرشيف في جامعة كامبريدج أكثر من 70 عاماً، تلاعب اليهود بـ"الاضطهاد" بخبث. ويضيف المقال "هذه الحقائق يجب أن تواجه في أي تحليل بمعاداة السامية، والتي يتعين أن يفكّر فيها اليهود أنفسهم ملياً، لأنهم هم الذين دعوا إلى الاضطهاد بسلوكهم المختلف، ويتحمّلون مسؤولية جزئية في العداء الذي يعانون منه". وربما هذا ما حال دون نشر المقال المؤرخ في 1937، أي قبل ثلاث سنوات من تسلم تشرشل رئاسة الحكومة البريطانية.
في عام 2009، دعا الكاتب اليهودي، أنطونى ليرمان، الإسرائيليين، إلى التحرّر من عقدة الاضطهاد وتقمص دور الضحية. وأكد ليرمان، في مقال نشرته صحيفة ذي إندبندنت البريطانية، أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق ما لم يتخلص اليهود من عقدة الاضطهاد تلك. وكتب أنه في معظم الدوائر اليهودية "إذا ما تجرأ كاتب على التشكيك في صحة تلك الرواية، وأشار إلى احتمال المبالغة فيها، وأنها تنطوي على درجة من الفزع وإسباغ دور الضحية على اليهود، فإنه يثير مشاعر العداوة ضده".