انتهى المخاض داخل حزب "نداء تونس" بالتوافق على اختيار الحبيب الصيد رئيساً للحكومة المقبلة في تونس. اسم لن يمر من دون جدل حوله في الساحة السياسية، إذ من المتوقع أن تتباين المواقف بين الدفاع عن هذا الشخص لجهة قدرته على ضبط البلاد خلال المرحلة الحالية، وبين الطعن في ماضيه، وتصرفاته السابقة.
وتثير ثلاثة جوانب الجدل في شخصية رئيس الحكومة الجديد، أولها تحمّله مسؤوليات سابقة خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إذ كان مديراً لمكتب وزراء الداخلية والفلاحة، وكاتب دولة لدى وزير الفلاحة، وذلك في الفترة الفاصلة بين الأعوام 1992 إلى 2000. وقد سبق للرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي أن أكد في تصريح سابق على عدم تولي أحد من مسؤولي المرحلة السابقة مسؤوليات في السلطة الجديدة.
ثاني النقاط الجدلية حول الصيد، توليه وزارة الداخلية في حكومة السبسي خلفاً للقاضي فرحات الراجحي، الذي اندلع خلاف حاد بينه وبين السبسي. وفي تلك الفترة تعرّض الصيد لحملة قوية من جهات مختلفة، أمنية وحقوقية وسياسية وحتى شخصية.
أما الجانب الثالث، فهو تمكّن الرجل في فترة وجيزة من تحسين الحالة الأمنية، وكسب ثقة الأمنيين في ظروف صعبة اتسمت بالتسيّب الأمني وتعاظم خطر انهيار المنظومة الأمنية بكاملها.
وعن التوصّل لاختيار الصيد، فقد ساهم عاملان أساسيان في ذلك، أولهما رفض وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي رئاسة الحكومة، والثاني إعلان الأمين العام لـ "النداء" الطيب البكوش تخلّيه عن مواصلة السباق من أجل الظفر برئاسة الحكومة، والذي يُتوقع أن يكون وزير الخارجية الجديد، وبذلك ارتفعت أسهم الصيد بشكل قوي جداً.
ويتميز الصيد بالحزم، وخلافاً لما يتوقع بعضهم، فإن علاقته جيدة مع حركة "النهضة"، ولا يُنتظر أن يحصل اعتراض على توليه رئاسة الحكومة من قِبل الحركة. كما أن خبراته السابقة، جعلت منه مسؤولاً قادراً على مواجهة الصعوبات واتخاذ القرارات الصعبة. وهو يتمتع بثقة السبسي، ما من شأنه أن يشكّل ثنائياً يعمّق التعاون بين قصر قرطاج والقصبة مقر الحكومة.
وفي انتظار التعرف إلى الفريق الوزاري الجديد والذي سيحدد معالم التحالف الحزبي، ستبقى الكلمة الأخيرة للبرلمان.