"كم كنت أتمنى أن أكون الأولى على مستوى العالم العربي وأفوز بجائزة (تحدي القراءة العربي)، لأرفع اسم بلادي فلسطين عالياً في هذه الفعالية الدولية المهمة، ولكنني فرحت حين حصل عليها الجزائري محمد فرج.. فهو مبدع ويستحق. كما أن الجزائر كرّمت فلسطين مرّات عدّة وفوزها هو فوز لنا. أنا لم أخسر، فقراءاتي المتنوعة وسّعت مداركي وجعلتني أفكّر خارج الصندوق، ويكفيني فخراً أنني الأولى على فلسطين".
بهذه الكلمات، أعربت الطالبة الفلسطينية مريم محمد عبد الرحمن ثلجي، طالبة الصف الثاني الثانوي العلمي، من مدرسة حلحول الثانوية للبنات، بمحافظة الخليل الفلسطينية، عن شعورها في مقابلة مع "العربي الجديد". وصفت المبادرة بالتحدي الحقيقي من كل جوانبه، خصوصاً أنها على مستوى الوطن العربي، وهي مسابقة أطلقتها مدرسة البحث العلمي في دبي قبل سنوات وكان اسمها "قطار المعرفة"، ثم تبناها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، وأصبح اسمها "تحدي القراءة العربي".
وأكدت أن القراءة تمثل حياة أخرى للإنسان، كما أن الكتب عقول على الأرفف لمن يقرأها، وإن مطالعاتها المتعددة والمتنوعة جعلتها أكثر معرفة بالشعوب وعاداتها وتقاليدها وأنماط تفكيرها.
ثلجي التي تبلغ من العمر 17 عاماً، تفوقت على أكثر من 100 ألف طالب وطالبة شاركوا بالتحدي على مستوى فلسطين، وخاضوا ثلاث مراحل من التصفيات الوطنية. وحول مشاركتها في المنافسات النهائية، وتنوّع قراءاتها، قالت ثلجي: "إنني على يقين من أن لكل بنيان أساس، فأردت أن أثبت صرحي العلمي بإيماني المطلق والبعد عن الشك، فقرأت لمصطفى محمود كتب: "حوار مع صديقي الملحد"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان"، و"عصر القرود"، و"محمد صلى الله عليه وسلم"، وكتب د. خالد أبو شادي: "من الطارق؟ أنا رمضان"، وكتاب "لأول مرة أصلي وكان للصلاة طعم آخر". وفي ما يلي نص المقابلة.
* كيف تربعتِ على عرش مسابقة تحدي القراءة العربي في فلسطين؟
بدأت القراءة منذ وقت مبكر من عمري، من أجل تنمية موهبتي وتنمية المعرفة لديّ. وكان لمسابقة تحدي القراءة دور فعال في تنمية مهاراتي على الصعيد الشخصي، حيث أصبحت شخصيتي أقوى وشعرت بتنمية الكينونة المعرفية لدي في مختلف المجالات العلمية والثقافية والدينية، وعبر المسابقة تعرفت على أصدقاء من جميع أقطار الوطن العربي، واطلعت على ثقافاتهم المختلفة. لقد كان للراويات والقصص الفلسطينية والعربية دور مهم في تنمية ثقافتي.
ومن أبرز ما قرأت كتاب الأيام، لعميد الأدب العربي طه حسين، وكتاب إلى ولدي، للأديب أحمد أمين وروايات الشهيد غسان كنفاني، خاصة رجال في الشمس وعائد إلى حيفا، كما قرأت العديد من الكتب المترجمة إلى اللغة العربية، وكذلك التنمية البشرية لإبراهيم الفقهي، وبذلك تطورت لغتي العربية، واتسعت ثقافتي المعرفية، وتعرّفت على كتّاب وأمم وشعوب وعوالم لم أكن أعرف عنها شيئاً.
* ماذا عن دور البيت في تشجيعك وتحفيزك للمشاركة والفوز؟
أبي وأمي وإخوتي كانوا مشجّعين ومحفّزين لي للمشاركة والمنافسة في مسابقة تحدي القراءة من خلال توفير الكتب والروايات والقصص وكذلك توفير الجو الملائم، وواكبوني في جميع المراحل خطوة خطوة، وكانوا يناقشونني في كل ما أقرأ.
* كيف كان دور مدرستك ومعلماتك في التوجيه والتحفيز؟
مديرة المدرسة والمعلمات قمن بتسهيل مشاركتي في المسابقة منذ بداياتها، وعملت المعلمة المشرفة ومساعدتها على توفير الكتب اللازمة واستعارتها من مكتبة المدرسة والتوجّه نحو الثقافة العامة، بتدريبي وتثقيفي وشرح الأمور التي تصعب عليّ، وكذلك اهتمام وزير التربية د. صبري صيدم ودعمه لي، الأمر الذي رفع من قدراتي ومعنوياتي وساهم بشكل كبير في نجاحي.
* هل كان للمؤسسات المحلية دور في دعمك وتوجيهك في المشاركة؟
هناك دور كبير لمديرية التربية والتعليم التي اهتمت بمشاركتي وقدمت كل الدعم والمساندة وكذلك التغطية الإعلامية لنشاطي والتحضير لمشاركتي العربية في المسابقة. كما كان لبلدية حلحول دور كبير في تقديم الدعم، وكذلك محافظة الخليل من خلال تكريم المؤسسات لي.
* كيف رأيت زملاءك المشاركين من داخل الوطن وخارجه؟
الطلبة المشاركون بالتحدي في الإمارات العربية كانوا شقين، منهم من كانوا نجوماً بالعلوم والمعرفة وتميزوا بالإبداع، وهم من يفكرون خارج الصندوق وثقافتهم عالية، وذلك باعتمادهم على قراءاتهم وثقافتهم العامة، فهم فرسان الثقافة العربية ولهم مستقبل في التنوير العربي من أجل القراءة.
أما الشق الثاني فكانوا يعتمدون على الحفظ والتلقين، وإذا سألتهم بأي معلومة خارج الإطار يقفون عند حدها ولا يستطيعون استكمال الحوار مهما كان.
* هل أوصلتِ رسالتكِ؟
لأنني فلسطينية من أرض كنعان، فقد أردت أن تصل إشعاعات قضيتنا المتوهجة إلى السامع الفكري، فسرت في معركة حامية الوطيس في كتاب "القضية الفلسطينية.. خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة"، ورواية "أعراس آمنة"، و"في قلبي أنثى عبرية"، وتجولت في حنايا رام الله مع مريد البرغوثي، وروايتيه: "ولدت هناك ولدت هنا"، و"رأيت رام الله"، وصولاً إلى روايات غسان كنفاني: "عائد إلى حيفا"، و"رجال في الشمس"، و"عن الرجال والبنادق"، وأخيراً "يافا حكاية غياب ومطر" لنبال قندس.
أيضاً لم أغفل العروبة في قراءاتي، وذلك من خلال سيرة الأديب طه حسين، وتناولت جانباً اجتماعياً من جوانب المجتمع المصري في "الفيل الأزرق"، مروراً بوصايا أحمد أمين في كتابه "إلى ولدي"، لغاية وصايا لقمان الحكيم في كتاب "وصايا" للسعودي محمد الرطيان، إضافة إلى قراءة عدة كتب وروايات مثل: ليون الأفريقي، وأدرينالين، وكش ملك، والمهمة غير المستحيلة، وساق البامبو والقراءة المثمرة، والزهايمر، والشاي مشروب الصحة السحري، وأخطاء تربوية شائعة في تربية الأبناء، والخيميائي، والسر، وأسرار النجاح، وما لم يخبرني به أبي عن الحياة، وسواها من الكتب الرائعة.
* بم تنصح مريم ثلجي زميلاتها وزملاءها؟
أنصحهم أن يتوجهوا للقراءة لأنها تصنع العظماء من خلال زيادة العلم والمعرفة، ولا توقف للأحلام عند حدها، لأنه ليس هناك أمر مستحيل، وإنما علينا زيادة الرصيد المعرفي والعلمي في شتى المجالات كي تتنوع الثقافة الذهنية وتتضح الطريق أمامهم.
* طلاب يتمتعون بعمق التفكير
الأستاذ بسام العدم، رئيس قسم النشاط الثقافي في مديرية تربية شمال الخليل، قال: "إن أهم ما ميّز مسابقة تحدي القراءة العربي بأنها كشفت لنا عن نوعية غير عادية من طلابنا وطالباتنا، كشفت لنا عن طلاب يتمتعون بعمق التفكير، بالقدرة على النقد والتحليل، وببعد النظر، وبالحضور الرائع".
وأضاف: "كشفت لنا عن نظافة في حديثهم وجمال حرفهم، أستطيع أن أقول إنهم فعلاً تفوّقوا على أنفسهم وتفوقوا علينا أيضا، نعم إن الأمر يستحق أن نبحث عن مثل هؤلاء الأحجار الكريمة وأن نهتم بهم، وننمي موهبتهم، لأنه باعتقادي سيصبح لهم شأن عظيم".
"بالنسبة لمريم، أعتقد أنها ظاهرة فريدة من نوعها، طالبة تبهرك بما تقول، وتبهرك بإيماءاتها، وتجذبك بحركاتها وسكناتها، وصولها لبطولة التحدي على مستوى فلسطين لم يكن صدفة، بل عن جدارة واستحقاق، وأجزم أنها تستحق اللقب على مستوى الوطن العربي، كنت فخوراً بمتابعتها طوال الفترة السابقة، وسعدت برفقتها إلى دبي في التصفيات النهائية".