31 ديسمبر 2021
الطفلة اليتيمة في عيدها السابع
هذه الطفلة اليتيمة، الطفلة التي كسروا لها ساقها، والتي قلموا أصابعها، في عيدها السابع لم تزل تحاول أن تمشي عرجاء، لكنها لم تزل تستنجد بعكاز الأمل المكسور تمشي، وبأصابع من تحب ترسم نفسها طفلة بعيون خضراء، تغني لدميتها كي تنسى الجوع، وتركض بجدائل شعرها الأسود الطويل مثل مهر وحيد، وحيد وصغير في بيت مهجور.
في عيدها السابع، تلم هذه الطفلة الشموع المتبقية في الكنائس والمساجد، ومزارات كل القديسين، تلم بقايا الشموع، وتصنع منها سبع شموع طويلة، طويلة كظلها على حائط هذه البشرية، سبع شموع حمراء، شموع لها رائحة الأطفال الذين ذهبوا كي يلعبوا في قاع البحر، الأطفال الكثيرين الذين كانوا يلعبون بيت وبيت، حين لعب البيت معهم وهوى كاملا فوقهم، الأطفال الذين يعلبون الطميمة بين الخيام، والذين يضيعون في اللعبة إلى الأبد، الأطفال الجيدون الذين ناموا جميعا دفعة واحدة وفي اللحظة نفسها، ناموا مبكراً هناك في الغوطة، والذين ناموا في حلب، الأطفال الذين ناموا بأمر من السيد الساحر، السيد الكيماوي، ناموا جميعا كي يحلموا جميعهم معا بملابس العيد، وكي يستيقظوا معا في الوقت نفسه هناك في القبور، ويذهبوا معا إلى المراجيح، الأطفال الذين منذ سبع سنين لم يدخلوا مدرسة، ولم يهربوا من الصفوف، الأطفال المؤدبين جدا، والخجولين جدا، إلى درجة الموت.
في عيدها السابع، تدعو هذه الطفلة كل العالم كي يحتفل معها، نعم كل العالم، فلديها لا مكان واسعاً جداً يسع كل هذا العالم، ولديها من الحلوى البشرية ما يكفي، تدعو العالم بصمتها الطويل، وتجهز لأطفاله الهدايا.
لا تحتار ما الذي سترتديه يوم ميلادها، هو هذا الفستان الوحيد الذي تمتلكه، الفستان المصنوع
بأيدي الأمهات اللواتي كن يغزلن الحكاية من أولها، الأمهات اللواتي جهزن لأبنائهن سندويشات الزعتر والدعاء وحشونها في محافظهن، أمهات الأطفال الذين كتبوا على حيطان مدرسة بعيدة في زمن بعيد، كتبوا كلمة واحدة وحيدة، ثم مضوا إلى الزنازين من دون أصابع.
في عيدها السابع، لا تنسى هذه الطفلة صراخ الشوارع والساحات يوم ولادتها، لا تنسى أبدا وجوه الرجال الذين كانوا يحملون دماءهم في حناجرهم، لا تنسى أصواتهم الطالعة من صوت أمها وهي تلدها، هي لا تنسى، ولا تريد أن تنسى كيف كانت كل مدينة تنادي الأخرى، وكيف كانت كل مدينة تهوي وتسقط من أصابعها، وكيف كانت تعدهم كل يوم، وتخطئ حين لا تجد يدها، ولا تنسى بيتها الصغير، الصغير جدا مثل هذا العالم.
لا تجد الطفلة اليتيمة في عيدها السابع قمرا في ليلها، كي تودعه اسمها، ولا تجد غدا تمد إليه يدها كي تكبر قليلا، هي فقط لم تزل تغسل أحلامها بالملح، ولم تزل تجهز الأغاني، والأعلام، وأحلام الراحلين بعودتهم، وأحلام الباقين بالرحيل، تجهز وحل العالقين هناك على الحدود الفاصلة بين الموت والحياة، تجهزه كاملا كي تطلوا به كل الخرائط التي شاهدتها يوما، الوحل الذي ينمو الآن في أسماء البلاد الكبيرة، وحل العالم الأسود الذي نما في الرايات وفي العقول، وفي كل الصور التي تشاهدها على كل المحطات، الوحل الذي ينمو حتى في أفلام الرسوم المتحرّكة، الرسوم التي لم تعد تتحرّك.
لا عواصم تحتفل معها بعيدها، لا عواصم تطفئ معها شمعتها السابعة، فقط الشوارع والساحات في بلدها، تعجن لها كعك عيدها الطيب، وتشويه لها على حطب الأحلام الجافة، والمقطعة.
في عيدها السابع، تجلس هذه الطفلة وحيدة على شاطئ حزنها، تلبس دميتها الوحيدة فستانا ذا صدر أخضر وذا خصر أبيض، وتنورة حمراء طويلة، تربط على الخصر فوق الأبيض زنارا من ثلاث نجمات، وسماء كبيرة، تمشط لها شعر أحلامها، تهدهدها. تحصي ما تبقى لديها من حكايات، تقصها عليها، كلها، ثم تغني لها طويلا كي لا تنام.
في عيدها السابع، تلم هذه الطفلة الشموع المتبقية في الكنائس والمساجد، ومزارات كل القديسين، تلم بقايا الشموع، وتصنع منها سبع شموع طويلة، طويلة كظلها على حائط هذه البشرية، سبع شموع حمراء، شموع لها رائحة الأطفال الذين ذهبوا كي يلعبوا في قاع البحر، الأطفال الكثيرين الذين كانوا يلعبون بيت وبيت، حين لعب البيت معهم وهوى كاملا فوقهم، الأطفال الذين يعلبون الطميمة بين الخيام، والذين يضيعون في اللعبة إلى الأبد، الأطفال الجيدون الذين ناموا جميعا دفعة واحدة وفي اللحظة نفسها، ناموا مبكراً هناك في الغوطة، والذين ناموا في حلب، الأطفال الذين ناموا بأمر من السيد الساحر، السيد الكيماوي، ناموا جميعا كي يحلموا جميعهم معا بملابس العيد، وكي يستيقظوا معا في الوقت نفسه هناك في القبور، ويذهبوا معا إلى المراجيح، الأطفال الذين منذ سبع سنين لم يدخلوا مدرسة، ولم يهربوا من الصفوف، الأطفال المؤدبين جدا، والخجولين جدا، إلى درجة الموت.
في عيدها السابع، تدعو هذه الطفلة كل العالم كي يحتفل معها، نعم كل العالم، فلديها لا مكان واسعاً جداً يسع كل هذا العالم، ولديها من الحلوى البشرية ما يكفي، تدعو العالم بصمتها الطويل، وتجهز لأطفاله الهدايا.
لا تحتار ما الذي سترتديه يوم ميلادها، هو هذا الفستان الوحيد الذي تمتلكه، الفستان المصنوع
في عيدها السابع، لا تنسى هذه الطفلة صراخ الشوارع والساحات يوم ولادتها، لا تنسى أبدا وجوه الرجال الذين كانوا يحملون دماءهم في حناجرهم، لا تنسى أصواتهم الطالعة من صوت أمها وهي تلدها، هي لا تنسى، ولا تريد أن تنسى كيف كانت كل مدينة تنادي الأخرى، وكيف كانت كل مدينة تهوي وتسقط من أصابعها، وكيف كانت تعدهم كل يوم، وتخطئ حين لا تجد يدها، ولا تنسى بيتها الصغير، الصغير جدا مثل هذا العالم.
لا تجد الطفلة اليتيمة في عيدها السابع قمرا في ليلها، كي تودعه اسمها، ولا تجد غدا تمد إليه يدها كي تكبر قليلا، هي فقط لم تزل تغسل أحلامها بالملح، ولم تزل تجهز الأغاني، والأعلام، وأحلام الراحلين بعودتهم، وأحلام الباقين بالرحيل، تجهز وحل العالقين هناك على الحدود الفاصلة بين الموت والحياة، تجهزه كاملا كي تطلوا به كل الخرائط التي شاهدتها يوما، الوحل الذي ينمو الآن في أسماء البلاد الكبيرة، وحل العالم الأسود الذي نما في الرايات وفي العقول، وفي كل الصور التي تشاهدها على كل المحطات، الوحل الذي ينمو حتى في أفلام الرسوم المتحرّكة، الرسوم التي لم تعد تتحرّك.
لا عواصم تحتفل معها بعيدها، لا عواصم تطفئ معها شمعتها السابعة، فقط الشوارع والساحات في بلدها، تعجن لها كعك عيدها الطيب، وتشويه لها على حطب الأحلام الجافة، والمقطعة.
في عيدها السابع، تجلس هذه الطفلة وحيدة على شاطئ حزنها، تلبس دميتها الوحيدة فستانا ذا صدر أخضر وذا خصر أبيض، وتنورة حمراء طويلة، تربط على الخصر فوق الأبيض زنارا من ثلاث نجمات، وسماء كبيرة، تمشط لها شعر أحلامها، تهدهدها. تحصي ما تبقى لديها من حكايات، تقصها عليها، كلها، ثم تغني لها طويلا كي لا تنام.
دلالات
مقالات أخرى
03 سبتمبر 2021
21 مايو 2021
17 ابريل 2021