ثلاث شخصيات سياسية في بغداد والنجف تحدثت عن تقديم حيدر العبادي نفسه على أنه البديل الجاهز، مع ارتفاع مؤشر عدم الرضا عن أداء الحكومة الحالية، وازدياد حجم التحديات المتعلقة بقدرة عبد المهدي في التوفيق بين العنصرين الأميركي والإيراني في العراق، وهو ما يشكك به مراقبون عراقيون، معتبرين أن "العبادي من الشخصيات العراقية التي تضعها طهران في قائمتها الرفض، أسوة بإياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق، وهو السبب الأول الذي أبعده عن الولاية الثانية للحكومة العام الماضي".
حديث العبادي الأخير، تزامن مع تأكيدات لمسؤولين وسياسيين عراقيين بأن الرجل يستفيد من رصيده السابق في رئاسة الوزراء لعرض نفسه مجدداً بديلاً، في حال انهارت الحكومة الحالية بالإقالة أو الاستقالة، ويسعى لترطيب الجو مع إيران بالوقت ذاته.
ويواجه عبد المهدي منذ أيام هجوماً واسعاً من كتل سياسية مختلفة، بسبب ملفات عدة، أبرزها الإخفاق بإلغاء المحاصصة الطائفية، وملف الخدمات، والفساد، وتنصّل الكرد من اتفاق تسليم عائدات بيعهم النفط وملف المدن المحررة المدمرة، والتأخر في تنفيذ البرنامج الحكومي مع التلويح بورقة استجواب أربعة وزراء في حكومته داخل البرلمان، هم وزراء النفط والمالية والمواصلات والكهرباء. وأشار عضو تيار الحكمة النائب أسعد البدري، إلى أن "عبد المهدي قد لا يستمر بمفاوضاته مع الكتل السياسية على المناصب، وقد يُقدم استقالته خلال الفترة المقبلة، في حال استمرت الكتل بالمفاوضات على المناصب".
وتابع أن "الصدر لغاية الآن يشير إلى دعمه لحكومة عبد المهدي، إلا أنه غير راضٍ بما توصلت إليه، إذاً فإن نهاية المهلة التي أعطيت لعبد المهدي وهي سنة كاملة، تنتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وسنشهد حتماً تبدلاً بموقف الصدر، والأقرب إلى الصدر، هو العبادي وقد يدعم التيار الصدري عودته للسلطة مرة أخرى".
في المقابل، علق عضو بارز في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم لـ"العربي الجديد" على ذلك، بالقول إن "تحركات العبادي وراءها أطراف سياسية تشجعه"، معتبراً بالوقت نفسه أن "سيناريو انهيار الحكومة ما زال مبكراً الحديث عنه".
ووصف مراقبون حراك العبادي بـ"الصعب للغاية" لاعتبارات كثيرة داخلية وخارجية، حتى مع انهيار الحكومة الحالية، ووفقاً للخبير أحمد الحمداني فإن "تحديات كثيرة تقف أمام عودة حيدر العبادي رئيساً للوزراء، ولو على سبيل حكومة طوارئ مؤقتة منها داخلية وأخرى خارجية". وأضاف لـ"العربي الجديد"، بأن "الكرد لن ينسوا للعبادي موقعة كركوك وما فعله بعد الاستفتاء من حملة عسكرية ضدهم انتهت بطردهم من نحو 20 مدينة وبلدة متنازعاً عليها شمال العراق، كما أن الإيرانيين، وهم الأهمّ بالمعادلة، يرون من الأساس أن العبادي ورقة أميركية وإن عاد فعودته لن تكون لصالحهم في العراق. وهذا يعني أن نحو 130 صوتاً برلمانياً لن يكونوا في صالحه، لذلك إنه عودته صعبة جداً، إلا في حال كان هناك توافق خارجي ضمن صفقات تتم حينها بين واشنطن وطهران، كما حصل مع عبد المهدي الذي وصل رئيسَ وزراء تسوية لم تعارضه أي من أطراف المعادلة في العراق". وقال إن "حراك العبادي قد يكون محاولة منه للبقاء في صورة الحدث الرئيسي بالعراق أو تمتين موقعه داخل ائتلاف النصر، الذي بدا متذمراً من سخاء العبادي الأخير برفضه المناصب الحكومية، التي كانت من حصته ضمن توزيع المناصب الأخيرة ضمن ما يعرف بالدرجات الخاصة".